أشهد والشهادة كما يقولون من الدين ونحن نودع سنة دراسية ماضية ونستعد لاستقبال سنة دراسية قادمة ان بورقيبة رحمه الله وغفر له ذنوبه وخطاياه لم يسع بعد ايقافه وابطاله للتعليم الزيتوني الذي كان منبعا لحفظ وفهم وتدبر القران الكريم الى مواصلة العناية الضرورية بكتاب الله حفظا وتفسيرا في المدارس والمعاهد والجامعات التي انشئت في عصر دولته وفي جمهوريته البورقيية بل كان تحفيظ القران وتفسيره في هذه المدارس وهده المعاهد بعد الاستقلال هزيلا عجيفا لا يفي بالحاجة العلمية الضرورية لتلقين الشباب ما يجب تلقينه من العلوم الدينية كما زاد الطين بلة تعمد وزراء التربية في عهده ولا شك ان ذلك كان بعلمه وبامره تقزيم ضارب مادة التربية الاسلامية مما جعل التلاميذ في تلك الفترة التاريخية لا يعيرونها اهتماما كافيا يضاهي اهتماماتهم بتلك المواد الأخرى ذات الضارب الرفيع العالي الذي يجعلهم يعملون من اجل تحصيلها بالنهار ويسهرون من اجل ادراكها الليالي تلو الليالي والغريب في الأمر ان الكثيرين من الذين يتكلمون اليوم ويكتبون عن اجتهادهم وعملهم وسعيهم وحبهم للقران لم نسمع لهم صوتا عاليا لردع بورقيبة عن فعله وصنيعه بالقران وتذكيره بذلك الخطا الفادح وذلك التقصير الذي اخل بتكوين من هم تحت مسؤوليته ورعايته في ذلك الزمان وانني لاشهد والشهادة كما قلت واعيد من الدين ان عرفت رجلا واحدا تقريبا في عهد بورقيبة قد عمل جاهدا وكرس وقته وماله وعلمه ولسانه لخدمة القران والمحافظة عليه باليد وباللسان هو الشيخ المرحوم حسن الورغي رحمه الله الذي عرفته من قريب وانا في مقتبل وريعان الشباب وشاهدت وتابعت ما فعله وما قاساه من اجل حفظ ذلك الكتاب في هذه البلاد رغم العراقيل ورغم المحن التي جابهه بها في تونس اهل العقد والربط والحل ولعل قراء الصريح يذكرون اني قد كتبت عن هذا الشيخ ذات يوم في الصريح الورقية لما علمت بوفاته منذ سنين ورثيته بمرثية لا زلت بها الى يومنا هذا من المحتفظين ولقد كان لسياسة بورقيبة وموقفه السلبي من تحفيظ ونشر علوم كتاب الله في هذه البلاد اثر في اهمال الشباب في ذلك الوقت لحفظ القران الكريم حتى اصبح اغلبهم يتخرجون من المعاهد الثانوية والجامعات وهم لا يحفظون القدر الكافي الذي يفيدهم ويهديهم من السور ومن الآيات واني لاقول واشهد انه لولا بعض الشيوخ الذين تطوعوا لتحفيظ كتاب الله في جوامع ومساجد هذا البلد لضاع كتاب الله فيه الى الأبد ولكن صدق الله العظيم عندما حذر ونبه فقال لاهل الجهل والكبر في سورة الحجر و بشر من يؤمنون به وبصدق كتابه المكنون(انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) كما لا يجب ان انسى فضل ما كان يسمى تاريخيا في عهد بورقيبة بالجماعة (اي الشباب الذين كانوا يؤمنون حقا بكتاب الله وتعاهدوا على حفظه ونشره مع سنة رسوله واحياء العلم الزيتوني في هذه البلاد ) قلت لا يجب ان ننسى فضلهم في هذا المجال والله وحده يعلم حقيقة ونوايا الأفعال والأقوال كما لا يفوتني ان اقول ونحن في مقال من نوع الشهادة التاريخية ان سعي بورقيبة الممنهج والواضح وجماعته وحاشيته وبلاطه لتجهيل التونسيين من الشباب بعلوم الدين هو الذي كان السبب الأول والشرارة الأولى قبل غيرها في تنشئة ونشوء ما يسمى وما يعرف اليوم بفئة الارهابيين اذ ان هؤلاء الشباب قد اعتمدوا في تلك الفترة البورقيبية القاحلة دينيا على وسائل ومصادر دينية اخرى عشوائية ادت الى تكوينهم وتنشئتهم على صفة متشددة غريبة عن سماحة ومرونة الشريعة الاسلامية التي كان يلقنها للناس سابقا اي قبل الاستقلال شيوخ جامع الزيتونة الذين قضى عليهم بورقيبة بصفة عجيبة غريبة هستيرية مجنونة فهل سيستفيق القيمون والمسؤولون اليوم على تعليم وتربية الشباب في هذه البلاد من سكرة وتخميرة وشناعة خطا بورقيبة في تقزيم بل مقاومة تحفيظ القران بكل غطرسة وحقد وتنطع وعناد؟ وهل سيعودون الى طريق الهدى والرشاد فتعود لتحفيظ القران مكانته ووزنه في البرامج التعليمية التونسية ام سيستمر هذا الوضع المؤسف المزري المحير على ما هو عليه اليوم من نقص التكوين الديني القراني في برامج التعليم والتلقين التي لا نراها ستحقق لشبابنا آجلا او عاجلا ما نرجوه لهم من الوعي الحقيقي النافع السليم بعلوم وبمقاصد وهداية كتاب الله المبين؟