ابتكار جهاز من الماس لتتبع الخلايا السرطانية دون الحاجة إلى مواد مشعة    عاجل/ مفاوضات غزة تحت النار ونتنياهو يصدر تعليمات جديدة    توزيع كميات إستثنائية من القهوة بهذه الولاية    وكالة الشغيل تحذّر طالبي الشغل بالخارج من هؤلاء.. #خبر_عاجل    توننداكس يتراجع الاربعاء عند الإغلاق بنسبة 1ر0 بالمائة    اللجنة القطاعية للسياحة والصناعات التقليدية تناقش الخطوط العريضة للقطاع ضمن المخطط التنموي 20262030    عمدة مدينة يوكوهاما يلتقي رئيسة الحكومة    21 ميدالية لتونس في بطولة افريقيا لرفع الأثقال    قليبية: وفاة شاب ثلاثيني غرقا    سيدي بوزيد: فقرات متنوعة على امتداد 6 أيام في الدورة 32 للمهرجان الدولي للولي الصالح سيدي علي بن عون    وزير التجهيز يدعو الى تسريع اتمام دراسات مشروع السكن النموذجي بالمغيرة    حسب الحسابات الفلكية.. هذا موعد المولد النبوي الشريف في تونس    النرويج تتبرّع بأرباح مباراة ضد إسرائيل لدعم غزة.. #خبر_عاجل    حركة تونس إلى الأمام تعلن تضامنها مع رئيس فنزويلا وتثير جدلاً داخلياً    الخطوط السعودية تحصد جائزة "الأفضل في خدمات تجربة الضيوف" ضمن تصنيف أبكس لشركات الطيران    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: الخميس الكشف عن تركيبة المجموعتين والاسبوع القادم سحب قرعة البطولة    عاجل/ الحماية المدنية تحذّر من اضطراب البحر وتقدّم هذه التوصيات..    أمير الطرب العربي صابر الرباعي في مهرجان إيكوفيلادج بسوسة    في بالك الزنجبيل دواء سحري لحماية القلب    راغب علامة يعلق على أزمته الأخيرة بطريقة فكاهية    انطلاق فعاليات الدورة 29 لمهرجان برقو الصيفي يوم غد الخميس    استشهاد 5 فلسطينيين وإصابة العشرات في قصف صهيوني على رفح وجباليا..#خبر_عاجل    بينهم إطار بوزارة: السجن ضد 14 شخصا كوّنوا وفاقا لترويج المخدرات.. #خبر_عاجل    احلام تغنّي ''تُراث تونسي'' في مهرجان قرطاج    «سعيّد» يصنع الأمل في الأوقات المظلمة: أجندا التهجير لن تمرّ    انجاز طبي جديد في تونس: إنقاذ مصابة بجلطة دماغية حادة باستعمال هذه التقنية..    عاجل : بطاحات جربة تستأنف نشاطها    تفاصيل لقاء رئيسة الحكومة سارة الزعفراني بالوزير الأول الكامروني    الصولد الصيفي: تسجيل 73 مخالفة إقتصادية منذ إنطلاقه    الزهروني: إيقاف امرأة انتحلت صفة رئيسة جمعية بالخارج وتحيلت على العشرات    نابل: عمال أحد المصانع يغلقون الطريق على مستوى معتمدية قربة تنديدا بحادث انقلاب حافلة كانت تقل زملاءهم أول أمس    ترامب يأمل في "دخول الجنة" إذا تمكن من حل النزاع في أوكرانيا    جريمة مزلزلة: اغتصاب جماعي لطفل ال13 سنة..!    زاخاروفا: خريطة أوكرانيا في الأبيض صفعة قوية لكييف وحلفائها    تونس: توريد لحوم حمراء بأسعار تفاضلية    عاجل: ابتداءً من 1 سبتمبر...هذه الوثيقة أصبحت إلزامية للحصول على رخصة السياقة!    أريانة: مركز الفنون الدّراميّة والركحيّة ينظم تربصين تكوينيين في المسرح    تصفيات مونديال 2026: موعد الإعلان عن قائمة لاعبي المنتخب الوطني    الرابطة الأولى: قمة في رادس بين النادي الإفريقي والترجي الجرجيسي من أجل فض الشراكة في الصدارة    رسميا: تحديد موعد إنطلاق إستعمال الفار في البطولة    نادي المدينة الليبي يتعاقد مع اللاعب التونسي مراد الهذلي    الطب النّووي في تونس: طلب متزايد وتوجه نحو افتتاح أقسام جديدة في أربع ولايات    لماذا تعتزم واشنطن طلاء السياج الحدودي مع المكسيك بالأسود؟    محمد صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنقليزي للمرة الثالثة    المرصد الوطني للتزويد والأسعار: انتظام نسبي في السوق وحملات رقابية مكثفة    بنزرت: إنقاذ إمراة سقطت في بئر وبقيت على قيد الحياة لمدة 3 أيام    حادث مرور أليم يخلّف قتيلين وجريحًا في بوحجلة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صيف وضيف: د. إيمان القسنطيني: الطبيبة الفنّانة... المتعددة المواهب    تاريخ الخيانات السياسية (51) فتنة الحلاّج    عاجل/ تونس تسجل ارتفاعا في الطلب على الغاز الطبيعي والمواد البترولية    نيويورك.. عشرات الضحايا بمرض خطير والسبب'' الكليماتيزور''    Ooredoo Music Fest by OPPO يعود في نسخته الثالثة مع عرض رڤوج وتجربة غامرة فريدة من نوعها    عاجل : النجم الساحلي يتعاقد مع اللاعب الدولي الليبي نور الدين القليب    عاجل : هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية توجه دعوة الى التونسيين    أمام 7 آلاف متفرج: الفنان اللبناني آدم يعتلي ركح قرطاج للمرة الأولى في مسيرته    تاريخ الخيانات السياسية (50).. حبس الخليفة المستكفي حتى وفاته    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد ذياب يكتب لكم : "من سيشاركنا للعشاء؟"
نشر في الصريح يوم 08 - 08 - 2018

في الستينات من القرن الماضي، تحرّكت أقلام عديدة حول فيلم درامي رومنسي أخرجه ستانلي كريمر وكتب قصته وليام روز. روعة الفيلم واسمه: من سيشاركنا للعشاء، تمثلت في السؤال نفسه، والذي طرحته بطلة الفيلم الشقراء صاحبة العينين الزرقاوين على أبويها:
ترى من سيحلّ ضيفا على العشاء هذه الليلة؟
لاحقني هذا السؤال كلما تعلّق الأمر بحدث ما، بخطوبة ما، بقادم ما، بضيف ما، بشخص ما يسألونك عنه وأنت لا تعرف عنه شيئا.. أنت تتصوّر كلّ شيء، تنحته بخيالك، وتشكّله كما يحلو لك، لكن بتلك الكلمات القليلة التي تعلقت بهذا الشخص.. ومن يدري؟

سنة 1903، في أوج المرحلة الاستعمارية، اكتشف بمنطقة سومريست بإنكلترا، هيكل عظمي يكاد يكون كاملا لإنسان بدائي. وهو أقدم هيكل عظمي كامل للبشر في بريطانيا ويعود إلى فترة العشرة آلاف سنة. وقد احتفظ به بمتحف المعرض الجديد لتطور البشر Human Evolution. وقد أظهر فحص الهيكل العظمي أن هذا الشخص لم يكن كبيرًا جدًا وفقًا لمعاييرنا الحالية: 1.66 م. وربما مات هذا الإنسان العاقل في عمر صغير جدًا، في أوائل العشرينات. وكما تشير الكسور على سطح الجمجمة إلى احتمال أن تكون نهايته مأساوية. لا نعرف كيف انتهى به المطاف في هذا الكهف ولكن من الممكن أن يكون قد وضعه هناك أفراد من عشيرته، بعد إصابته. ويبدو أنه مات بصورة عنيفة إثر اكتشاف آفة في شكل فوهة كبيرة مباشرة فوق مدار الجمجمة من الجهة اليمنى، وربما كان يعاني من داء بالعظام، أو أنّه تعرّض إلى تعنيف شديد.
وبما أنّه اكتشف بكهف بجوف شيدار جورج، فقد سمي هذا الآدمي *رجل شيدار*.
وكان من الطبيعي أن تتم دراسة هذا الأنموذج دراسة كاملة.. وقد اتضح أنّه فعلا ينتمي إلى ما نسميه بالإنسان العاقل HOMO SAPIENS. ثم هو وضع في كهف... ولعلّ دفن الميت قد تم في البشر من عشرات الآلاف من السنين.
لكن المفاجأة جاءت عند فحص الحمض الديأكسيريبونوكلييكي ADN
في هذه الفترة الأخيرة من حياتنا تأكّد أمر الاهتمام بكلّ الجزئيات والتفاصيل. ذاك أن دراسة الحمض الديأكسيريبونوكلييكي ADN، أضحت أمرا ممكنا وفي غاية الأهمية انطلاقا من بعض بقايا الأنسجة.
وهذه الدراسة الجينية ليست استثنائية، فقد تمت لعدة حالات.. لكن المفاجأة قد تأتي ممن تمت دعوته للعشاء بيننا، لكن وخاصة بين أهالي بريطانيا المعروفة بسكانها ذوي البشرة البيضاء والعيون الزرقاء...
نتائج الدراسة الوراثية وضحت أن العصر الحجري القديم البريطاني قد احتوى لسكانه بشرة بنية داكنة أو سوداء، لكن وكذلك بعيون زرقاء وشعر داكن، مع وجود احتمال صغير بأن شعر رجل شيدار هو أكثر تجعيدا.
وقد يبدو هذا المزيج (العيون الزرقاء، الجلد الأسود) مدهشًا بالنسبة إلى الأوروبيين اليوم، ولكنه كان مظهرًا شائعًا إلى حد ما في أوروبا الغربية الميزوليتية.
ثم إنّ هذه الدراسة ليست ثورية ولا استثنائية رغم نتائجها.. وهو على عكس ما انتظرته الشبكات الاجتماعية.
بالأمس، بتونس، كان بيننا رجل علم نال جائزة نوبل بتجاربه على أراضينا... ثبت أن شارل نيكول كان يزرع القمّل في رؤوس الأنديجان... والأنديجان هم جدك وجدي وجدّ أبيك أيها القارئ... كان شارل نيكول يختار فئران مخبره من مستشفى الرازي، دون موافقتهم أو موافقة الدكتور الشاذلي .. يزرع القمّل من رأس مصاب إلى رأس تونسي سليم، وينتظر إمكانية انتقال الإصابة أو التعقيدات وحتى الموت... لم يكن يجري هذه التجارب على المالطيين ولا على اليهود ولا على الفرنسيين.... فقط الأنديجان... حتى أن بعض منظري فرنسا الاستعمارية كانوا قد وصفوا أهالينا من تونس والجزائر بأنهم لا يملكون قشرة مخية.. فهم أنديجان.!!
واليوم نجد بلدانا تمنع بشرا من الدخول إلى أراضيها لمجرّد اختلاف في العقيدة أو العرق. ونجد من العنصريين من يتبجحون ببشرتهم البيضاء وأصلهم الآري ولعلّهم يجهلون أصلهم الواحد والوحيد وهو الأصل الإفريقي...
كلنا من أصل واحد: الإفريقي الأسمر.
لكن ما قرأناه في صفحات التواصل الاجتماعي حول هذا الاكتشاف كان رافضا لهذه الأطروحة. وهو يطرح أكثر من سؤال ويوضّح أكثر من موقف وكأنّ الاكتشاف صدم المعتقد وهزّ ترابيق العنصرية لدى العديد.
من جهة أخرى، لا يمكن أن ننكر أن من يمتطي صهوة المنبر أو بحور الشعر ليسمح لنفسه بالسب والشتم ينسى أنّه هو الذي يزوّد النار حطبا وحصبا... هو من يدفع بمزيد من المواقف العنصرية بميزها وتحقيرها للمهاجرين بصورة قانونية فما بالك بمن امتطى قاربا من قوارب الموت ليشق عباب الصحراء والبحر ويقتات من فتات الآخرين... وعلى من يعتبر نفسه مثقفا أن ينبذ نفسه أوّلا إذ يمكنه تحقير غيره يهوديا كان أو بوذيا أو نصرانيا وحتى ملحدا وكافرا... فهؤلاء الكفار صنعوا هذه الأجهزة التي نقرأ على شاشاتها هذه الكتابات.
من جهة أخرى أكّد الأخصائيون في الأنثروبولوجيا وفي الفحص الجيني أن خاصية الجلد الأسمر في الأوروبيين قديما هو أمر ثابت لا يدع مجالا للشك.. وأما الجلد الأبيض اليوم فهو في الحقيقة ظاهرة حديثة نسبياً في تاريخنا. وقد تأتي فرص أخرى لإثبات تحوّل البشرة من سمراء إلى بيضاء..
وقد قال البروفيسور كريس سترينجر، رئيس قسم الأبحاث في أصول الإنسان بالمتحف: "لقد درست الهيكل العظمي لرجل شيدار لنحو أربعين عاما ... حتى أن الأمر بدا مدهشا... بالإضافة إلى الجمع غير المتوقع بين الشعر المتجعّد ولون العينين الزرقاوين والبشرة الداكنة.... قبل بضع سنوات، لم يكن بوسعنا أن نتخيل الأمر، ومع ذلك فإن هذا قد تمّ إثباته بشكل لا لبس فيه انطلاقا من البيانات العلمية. "

بالعود إلى الفيلم: خمن فيمن سيشاركنا العشاء؟
حين سألت البطلة الشقراء ذات العينين الزرقاوين والديها عن تكهّنهم أمر من هي كانت دعت على مائدة العشاء، (وفي الواقع هي دعته لتقدّمه كخطيب لها وزوج للمستقبل) لم يمرّ بمخيلة أمريكيين أبيضين من سان فرانسيسكو هول المفاجأة.. لقد توقعا كل شيء.. كل احتمال عيب في هذا الحبيب الذي تمت دعوته، وكل وضع استثنائي.. غير أنهما لم يتوقعا أن يكون أسود البشرة!! وسيدني بواتييه البطل الأسود في الفيلم كان فعلا رائعا في أدائه.. وهو الذي كان يعمل كطبيب ونائب لمدير منظمة الصحة العالمية.
والقصة لم تنته عند هذه النقطة... فقد تمت دعوة أبوي الخطيب الأسمر لهذا العشاء... والسؤال هو: هل قبل الأبوان الأسمران هذه الزيجة من هذه الشقراء ذات العينين الزرقاوين بابنهما الأسمر؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.