بشرى بلحاج حميدة قالت أنّها لن تقبل بإجراء إستفتاء على اقتراحات اللّجنة التي كلّفت برئاستها حول إصلاح القوانين في ما يخصّ الحريّات الفرديّة والمساواة بين الجنسين.. وأنّه يجب تمرير تلك القوانيين بواسطة مجلس النواب دون غيره.. مبرّرة رفضها بأنّ هذا الاستفتاء يمكن أن يحدث في دول ديمقراطيّة ليس فيها تلاعب بعقول المواطنين.. ودول تكون موجودة فيها ثقّافة أساسيّة متعلّقة بحقوق الانسان.. وفق تعبيرها..!! بما معناه أنّ الشعب التونسي لم يبلغ مستوى من الوعي حتى نلجأ إلى الاستفتاء الشعبي كوسيلة للإختيار الديمقراطي المباشر.. - لن نناقش محتوى التقرير والاقتراحات الصّادرة عن اللّجنة.. ولن نناقش وجوب عرض الاقتراحات على الاستفتاء الشعبي من عدمه.. ولكنّنا سنناقش فقط منطق بشرى بلحاج حميدة في حدّ ذاته.. - بشرى بلحاج حميدة هي أصلا تبرّر أعمال اللّجنة التي ترأسها بأنّه يجب تعديل أحكام القوانين بما يتوافق مع الدستور التونسي الجديد لسنة 2014.. والذي نصّ على مدنيّة الدولة.. وعلى المساواة بين الجنسين دون استثناءات.. أي أنّ مرجع بشرى بلحاج حميدة في أعمالها واقتراحاتها هي ولجنتها ورئيس الجمهوريّة الذي كلّفها .. هو الدستور نفسه.. ونفس هذا الدستور ينصّ على الإستفتاء الشعبي باعتبارها آليّة يمكن تمرير قوانين بها.. أي أنّ بشرى لا تعترف بالدستور التونسي في مجمله.. ولكنّها تختار منه فقط ما يناسب مزاجها.. وما يتوافق مع توجّهاتها الإديولوجيّة.. فتطبّق فصول المساواة بين الجنسين والحريّات وحريّة الضمير ومدنيّة الدولة.. ولكنّها تقصي الفصل الخاصّ بالإستفتاء لأنّه لا يحقّق مصالحها..!! - ومن جهة ثانية ردّت بشرى على القول بأنّها تريد تمرير قوانين حتّى الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة لم يستطع تمريرها.. ولم يجرأ على فرضها على الناس.. بأنّه لم يكن هناك ديمقراطيّة سابقا.. وأنّه يجب إستغلال جوّ ومناخ الديمقراطيّة في تونس حاليّا لتمرير تلك القوانين.. أي أنّ بشرى تريد إستغلال الديمقراطية في ما يعجبها.. ولكنّها ترفض الديمقراطيّة في ما لا يعجبها وهو الإستفتاء.. والتعبير عن الإرادة الشعبيّة المباشرة..!!! - من جهة ثالثة فإنّ بشرى بلحاج حميدة برّرت عدم قبولها باللّجوء إلى الإستفتاء بأنّه لا وجود لهيكلة ومؤسّسات ديمقراطيّة مكتملة وحقيقيّة في تونس.. وبأنّ الشعب التونسي من الممكن التلاعب بعقله.. أي أنّه لم يبلغ درجة من الوعي تسمح له بالتصويت على مثل هذه القرارات الكبرى.. لأنّه من السهل دمغجته..!! يعني بشرى بلحاج حميدة التي هي قياديّة بالحزب الحاكم نداء تونس.. الذي يحكم البلاد بعد فوزه في الإنتخابات التشريعيّة.. وبشرى التي هي نائبة بالبرلمان بعد إنتخابات فازت فيها بأصوات الناخبين في دائرتها.. وبشرى التي ترأس لجنة كلّفها رئيس الجمهوريّة الفائز بأغلبيّة أصوات الناخبين في الإنتخابات الرئاسيّة.. وبشرى التي ترفض الإستفتاء ولكنّها تريد تمرير القانون بأغلبيّة أصوات النواب في مجلس النواب والمنتخبين من الشعب.. نفس بشرى بلحاج حميدة هذه تعتبر في نفس الوقت أنّ الفوز بأغلبيّة الأصوات (كما في الإستفتاء الذي ترفضه) لا يعني القرار الصحيح.. لأنّه من الممكن التلاعب بعقول الناس للحصول على الأغلبيّة.. وهي بذلك تعتقد بالتبعيّة بأنّ أغلبيّة الناخبين التي جاءت بها للبرلمان.. وجاءت بحزبها للحكم.. وجاءت برئيس الجمهورية الذي كلّفها.. وجاءت بنواب البرلمان الذي تريد منه المصادقة على قانونها.. تعتبرهم جميعا نتاج عدم وعي المواطنين ونتيجة التلاعب بعقولهم.. أي نتاج الدمغجة التي تعرّضوا لها وانعدام وعيهم وعدم إكتمال الهيكلة والمؤسّسات الديمقراطيّة في تونس.. وبالتالي فإنّ بشرى بلحاج حميدة تعترف ضمنا بأنّها هي كنائبة وأن رئيس الجمهوريّة الذي أحدث اللّجنة وكلّفها برئاستها وأنّ البرلمان الذي تريده أن يصادق على قوانينها المقترحة.. كلّهم مفتقدين للشرعيّة لكونهم نتاج عقل وقع التلاعب به..!!!!!!! - إنّه منطق اللاّ منطق..!! وهو منطق الذين يعتقدون أنّهم أوصياء على الشعب "غير الواعي" و"القاصر".. وأنّهم هم من يجب أن يقرّروا مصيره ومستقبله وفكره وعقيدته وتوجّهاته.. وهو منطق تلاميذ الديكتاتوريّين الذين يعتقدون أنّ الشعب لم يبلغ درجة من الوعي تخوّل لهم تقرير مصيرهم.. وهو نفس المنطق الذي كان يتحدّث به بورقيبة وبن علي من كون الشعب التونسي غير مؤهّل للديمقراطيّة.. وأنّه يجب على الأغلبيّة أن تترك تقرير مصيرها للأقليّة.. وللنخبة.. (من أمثال العظيمة بشرى بلحاج حميدة)..!!!! - فبحيث.. إنّه المنطق الحلزوني لبشرى بلحاج حميدة ومن شابهها..!!!