كان ذلك مساء يوم الجمعة 30 أوت 2018 ومن أعلى هضبة بقرطاج وبالمتحف الأثري المطل على البحر الابيض المتوسط في جماله الخلاب وكنت من بين المدعوين الى حفل إقامته الشركة التونسية للأوراق المالية بمناسبة دراجها ببورصة تونس. تألق في ذلك الحفل رايت فيه تونس سنة 2050 التي كنت احلم بها مثل غيري خاصة فاضل عبد الكافي بكلمته القصيرة المعبرة عن إطلالته التي رايتها سابقا لما كان وزيرا للتنمية والاستثمار في ملتقي تونس 2020 الذي نظمه بصفته وزيرا قبل ان يستقيل من الحكومة لأسباب شخصية لا اريد ذكرها في هذه الكلمة حتى لا افسد عليكم جمال ذلك الحفل البهيج الذي رأيت فيه تونس المستقبل في شبابها وفِي وجوه معروفة بمساهماتها في التنمية وعلى رأسهم محافظ البنك المركزي التونسي ونائبته السيدة نادية قمحة التي سميت أخيرا في تلك الخطة فكانت أول سيدة تونسية وعربية تتبوأ مثل هذا الموقع في المؤسسات المالية الرسمية. كما رأيت رئيس مجموعة الإيجار المالي السيد احمد عبد الكافي كعادته يطوف على المدعوين ويسلم عليهم ببشاشته المعروفة، وهو اول من راهن على المستقبل بإنشائه للشركة التونسية للإيجار المالي منذ سنة 1984 ولم يكن وقتها أحد منا يسمع بتلك الطريقة الجديدة الميسرة والبسيطة للتمويل الصغير الذي كان يتطلب ضمانات تعيق صغار المستثمرين الذين لا يملكون ضمانات عينية او عقارية كانت تطلبها وتفرضها البنوك التجارية تأمينا للقروض المطلوبة. لقد تشرفت وانا بصفتي محام بتمثيل الشركة التونسية للإيجار المالي المذكورة وما تفرع عنها والتي يترأسها الى الان السيد احمد عبد الكافي وتعلمت منه الكثير وما زلت اتعلم ودخلت لذلك العالم الغريب وبفضله أصبحت خبيرا فيه، وساعدت على نشره بتأسيس شركات مماثلة تجاوزت العشر وكان لها الفضل في تنمية الاقتصاد التونسي عبر المؤسسات المتوسطة والصغرى، كان ذلك كله بموافقته وبدفع منه لأنه يختلف عن غيره ممن يكرهون المزاحمة ولانه كان يفكر وطنيا. لقد استمرت علاقتنا الى الان والحمد لله وبلغت اكثر من ثلاثين سنة وانتقلت الي ابني الاستاذ محمد الذي بقي لها وفيا يسير على الطريق الذي خططناه معا وتواصل ذلك التعاون مع ابنه الفاضل عبد الكافي رئيس الشركة التونسية للأوراق المالية المذكورة والتي قررت اخيرا ان تندرج ببورصة تونس للأوراق المالية لتدعيم الادخار ولبناء تونس الجديدة. لقد كرهت ان أغادر ذلك الحفل الجميل لولا انتهاؤه للفرصة الثمينة التي اعادت لي الأمل في تونس بعد الهزات التي تعرضت لها بسبب ضعف الثقة فيها وبانهيار الدينار وقلة الاستثمار وضعف الانتاج الذي استفحل بعد الثورة، ولكن الأمل الذي بعثته في وفِي امثالي تلك الشجاعة والجرأة والدخول بقوة الى تونس لسنة 2050 أعاد لي الثقة في المستقبل بما رائته في الكم الهائل من الشباب الصاعد الذي لا يهتم بالسياسة الرخيصة وعراك الديكة في المؤسسات الرسمية والمنابر الاعلامية. نعم ذلك ما أردت نقله لكم هذا الصباح وكلي ثقة في تونس الجديدة البعيدة كل البعد عما بات يروجه بعض الفاشلين الذين يغيظهم نجاح تونس الحبيبة.