لا شك و لا اختلاف في ان ايام الحكومة الحالية اصبحت معدودة, سواء عن طريق الاستقالة او البرلمان او الشارع المنتفض على اوضاعه الكارثية و التي لن تزيدها الاصلاحات المزمع تنفيذها و المملاة من المؤسسات المالية الدولية الا سوءا و تدهورا . حكومة لم تقدر على تحسين اوضاع التونسيات و التونسيين منذ تسلمها عهدتها و رغم الحزام السياسي و الاجتماعي الواسع حولها ,فما بالك اليوم و هي تستند لحركة اسلامية مستهدفة من دوائر فاعلة عالمية ,اضافة لمجموعة من النواب قاسمهم المشترك الجهل و المراهقة السياسية اضافة للانتهازية و الوصولية ,في مقابل فقدان واسع للمصداقية الشعبية و معارضة نقابية و سياسية ازدادت توسعا و شراسة . لم يبقى امامنا في الواقع الا خيارين يجب الذهاب في احدهما و بطريقة مستعجلة ,فاما الدعوة لانتخابات سابقة لاوانها تجدد الشرعية و المشروعية, او التوافق على حكومة كفاءات وطنية مصغرة و غير متحزبة ,تلتزم بتنفيذ ال63 نقطة من وثيقة قرطاج 2 و تطلق المشاورات الواسعة حول الاصلاحات الاقتصادية و الاجتماعية و لا تورط تونس في اي اتفاقات دولية و تهيء المناخ المناسب لاجراء الانتخابات القادمة في افضل الظروف مع التزامها كتابيا بعدم المشاركة فيها منذ البداية . في هذا الاطار فان شخصية مثل السيد عبد الكريم الزبيدي الذي لا تربطني به اي علاقة لا من قريب و لا من بعيد, و الذي اعتذر منه مسبقا لذكر اسمه , يمكن ان تكون شخصية توافقية تعهد لها مسؤولية اختيار الوزراء و تشكيل الحكومة الجديدة في اقرب وقت ممكن و هوفي نفس الوقت ليس مخيّرا في تلبية الواجب الوطني المستعجل . و لتنصرف الاحزاب لترميم صفوفها و عقد مؤتمراتها و التحضير للاستحقاقات الانتخابية القادمة بعيدا عن اجهزة الدولة و عن السلطة التنفيذية في مثل هذا الظرف الدقيق و العصيب الذي تمر به البلاد . اما عن المؤسسات الدولية المقرضة فما عليها الا تفهّم خصوصيتنا الوطنية و التحلي بنوع من المرونة حتى لا يغرق المركب بمن فيه و كذلك الدوائر الاوروبية التي تساهم تونس في حماية حدودها الجنوبية من الارهاب و الهجرة السرية تقريبا بصفة مجانية . اما اذا تمسك رئيس الحكومة و من ورائه حركة النهضة بمواصلة الهروب الى الامام و حتى في حال جدد البرلمان الثقة للحكومة الحالية ,فاعيدها للمرة الالف بانهما سيتحملان كامل المسؤولية فيما ستؤول اليه الاوضاع المستقبلية ,كما ادعوهما بان لا يستهينا من ذكاء و دهاء السيد الباجي قائد السبسي الذي يمكن ان يدفع بهما الى فوهة المدفع من دون ان يشعرا .