لم اصدق اذني ولم اصدق عيني وانا ارى واسمع ان وزيرة خارجية النمسا (كارين كنايسل) الجميلة الرائعة السمحاء تلقي مقدمة خطابها امام الجمعية العامة للامم المتحدة باللغة العربية الفصحى الفيحاء واني لا اجد في تكريمها وشكرها على هذا الاختيار افضل من ذكرها والتنويه باختيارها وبشخصيتها في هذا المقال ففي الوقت الذي نرى ونسمع فيه ابناء اللغة العربية الذين هم من رحمها ومن صلبها يحتقرونها ويشمئزون منها وينفرون من الحديث والخطاب بها نرى ونسمع هذه الوزيرة النمساوية الغربية تعتز وتفتخر انها تتحدث بها علنا وجهرا دون خجل او سرية امام الجمعية العامة العالمية.. ولكم أخجلتني واطربتني في نفس الوقت تلك العبارات الجميلة الرفيعة التي مدحت بها هذه الوزيرة المحترمة اللغة العربية فقد قالت عنها انها لغة جميلة وانها لغة مهمة وانها لغة حضارية وهذا كلام صادق لم نسمعه حتى من كبار المثقفين والسياسيين العرب الذين يقولون و يدعون ويزعمون بكرة وعشيا انهم من ابناء امة اللغة والحضارة العربية واني لمتاكد بلا شك ولا جدال ان ما قامت به هذه الوزيرة النمساوية سيدفع غيرها في الغرب الى تعلم اللغة العربية والاطلاع على حضارة المسلمين.. وهذا لعمري كسب للعرب في شؤون الدنيا وفي شؤون الدين كما اريد ان اقول واسجل انه قد اعجبتني وشدتني طريقة واسلوب هذه الوزيرة العظيمة في الخطاب وفي الكلام فقد كانت مسرورة ومنشرحة وضاحكة وكانها ملاك من الملائكة الكرام ولقد تذكرت في المقابل لذلك تلك الطريقة الحزينة البائسة المحنطة العبوسة القمطريرة التي يتحدث ويخطب بها كثير من العرب وكثير من العربيات في بعض الاجتماعات والملتقيات وكانهم سيعلنون عن مصيبة او كارثة او عن نهاية الدنيا في ابشع وافظع النهايات. كما اعترف واعلن بحرارة انني اعدت سماع كلمة تلك الوزيرة النمساوية مرارا وتكرارا وكانني اسمع كناريا يغني او عندلبا او منيارا فليت عربنا وعربياتنا يستمعون الى خطاب هذه الوزيرة النمساوية ويتعلمون منها درسا بليغا في وجوب احترام وتفضيل اللغة والحضارة العربية التي لا يمكن الرفع من شانها بين الشعوب والامم مادام كثير من اهلها ومن قومها لا يتكلمون بها بل يحتقرونها ويذمونها كل الاحتقار وكل الذم فشكرا لوزيرة خارجية النمسا كارين مرة اخرى وجازاها الله خيرا عما اختارته وعما فاجأت به العرب والغرب اجمعين كما لا يفوتني في ختام هذا الكلام ان اشير الى ذلك الانشراح وذلك الارتياح الذين عما قاعة اجتماع الجمعية العامة والذين لم يحظ بهما تاريخيا خطاب اي خطيب عربي احتقر اللغة العربية بعقلية مريضة ونفس سقيمة وبروح باردة مثلجة جامدة نائمة ورحم الله من قالوا منذ سنين واعوام وعصور واحقاب(لا ينكرون اصلهم الا الكلاب)