قال الله تعالى " ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء وعند ربهم يرزقون " صدق الله العظيم، إن الأحداث الأخيرة التي عرفتها بلادنا بسبب الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس المخلوع بن علي خلفت العديد من الخسائر المادية كذلك في الأرواح البشرية حيث إستشهد العديد من المواطنين الأبرياء لا سيما من أفراد الجيش الوطني ولعل أبرزهم الشهيد لزهر الكثيري الذي وافاه الأجل المحتوم على أيدي قناص في مدينة بنزرت يوم الأحد 16 جانفي الماضي على الساعة الرابعة صباحا بينما كان يؤمن حياة إمرأة فاجأها المخاض في ساعة متأخرة من الليل ولم تتمكن عائلتها من إيصالها إلى إحدى المصحات الخاصة بحي الروابي فكان الفقيد في نجدتها وبعد أن أودعها داخل المصحة وهّم بالمغادرة وجد رصاص الغدر في إنتظاره بالخارج أين كان يترصده أحد القناصة فأردى به قتيلا أمام المصحة... المرحوم لزهر الكثيري يبلغ من العمر "46 عاما" إلتحق بالجيش الوطني في سن 21 أين قضى 25 سنة في خدمة الوطن والدفاع عن راية البلاد وقد تقلد العديد من الأوسمة وتسلق سلم الرتب العسكرية بإنتظام إلى أن أصبح وكيلا أعلى بجيش الطيران وتزوج من السيدة لمياء الرياحي التي أنجبت له بنتان مريم " 15 سنة " وملك "6 سنوات " وولد محمد أمين "13 سنة " وهو مشهود له في حياته المهنية والخاصة بدماثة الخلق وحسن المعاشرة وهو مواظب على القيام بواجباته الدينية ولمزيد التعرف على أفراد عائلته ومواستهم في فقدان المغفور إليه «الصريح» تحولت إلى منزله في بنزرت حيث كان اللقاء مع زوجته لمياء التي قالت عنه : لقد كان زوجا رائعا وطيب المعشر وكان يعطف على المساكين ويساعد المحتاجين وهو شجاع ويحب بلده أكثر من أي شيء آخر حتى أنه أيام الثورة كنت أوصيه بالإنتباه لنفسه فكان يقول لي قبل الخروج " صلي على النبيء اللي معاه ربي مايخافش "، تقول السيدة مريم الرياحي : صحيح أنني فقدت أعز إنسان في حياتي لكنه ما دام مات في سبيل الوطن فإنني أقول كل شيء يهون وفداه أبنائي الذين خلفهم لي- الله يرحموا ويسكنوا فراديس جنانه - لقد كتب له الله جنة الخلد فهنيئا إليه بما شاء الله... أما بالنسبة لإبنته مريم التي تدرس بالمعهد النموذجي 15 أكتوبر ببنزرت والمتحصلة على أحسن معدل في ولاية بنزرت وتحفظ 20 حزبا من القرآن الكريم فلقد تحدثت معنا بلهجة الكبار وقالت أبي مات شهيدا لأن الله أحبه وأراد أن يسكنه في جنة الخلد فقط أدعو الله أن يجعلنا من الصابرين سأفقد حنانه لكن ذكرى وفاته كشهيد ستجعلني أشعر بالفخر والإعتزاز لقد علمنا بأن حب الوطن من الإيمان وأنا سأبقى فخورة به كأب وكشهيد للوطن.. جنازة في ركب عريس تقول شقيقة زوجته " فطيمة " كان المرحوم طيب القلب ويحب أبناءه الذين يعتبرهم كل شيء في حياته وأنها لم تسمع يوما بأنه قد أساء لشقيقتها وتقول أنها على قدر ماعاشته في دنياها لم ترى أبدا جنازة مماثلة لجنازة لزهر التي هب إليها كافة أهالي مدينة عمدون من ولاية باجة وأفراد الجيش الوطني الذين تكفلوا بتشييع جثمانه الطاهر من ثكنة باب سعدون أين وقع تأبينه من طرف وزير الدفاع إلى مثواه الأخير وتقول أن الجنازة رافقها عدد كبير من النسوة اللاتي شيعن المرحوم بالزغاريد وهو موقف تقشعر له الأبدان. شارع بإسم الشهيد لئن تم تحويل إسم شارع 7 نوفمبر سابقا في بنزرت إلى شارع الحرية بعد الإطاحة بالنظام السابق، فإن العديد من المواطنين في بنزرت من سكان حي البحيرة الذي يمتد على طول الشارع طالبوا بأن يكون الشارع بإسمه فقاموا بطلي عدة أماكن على مستوى الشارع وكتبوا عليها «شارع الشهيد لزهر الكثيري». إنا لله وإنا إليه راجعون