تقدرون فتضحك الأقدار، بل وتقهقه أحياناً، ففي احتفالها بالعيد السنوي لاطلاقها في العام الماضي، كانت رأس الجزيرة مطلوبة، وفي هذا العام كان احتفالها وهي تطلب رؤوسا قد أينعت، فيأوب العالم كله معها، بدت في قوتها، أقوى من جيوش المنطقة العربية مجتمعة، وإذا بالعالم يقف على أن من طالبوا باغلاقها، هم أعداء للكلمة الحرة، فهذا أحدهم يقدم على جريمة قتل صحافي، في بلد آخر، وفي مقر دبلوماسي، وفي تصرف همجي غير مسبوق! قناة «الجزيرة» وهي تطفئ اثنتين وعشرين شمعة هذا العام، كانت في قمة وهجها وتألقها، فقد كانت قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، في مقر القنصلية السعودية في إسطنبول، هي رمية بغير رام، حيث تقوم القناة بتغطيتها على مدار الساعة. وكما أن الجيوش تستعيد لياقتها ومهاراتها القتالية في الحروب، فكذلك «الجزيرة» تقف على مهاراتها في الأزمات، وتستعيد همتها عندما تصمت الألسنة، وتنطق الأسنة، وتخطب السيوف على منابر الرقاب (وصف منقول عن الشيخ كشك لاشتداد المعركة)، فالعافية عندما تقف على خط النار، ولهذه المعالجة على مدار الساعة، هناك من تعاملوا كما لو كانت الجزيرة هي التي تدير الأزمة، كما لا يوجد اهتمام من الاعلام الدولي بهذه الجريمة، وكما لو أن العالم الذي انطلق يندد بهذا الفعل المجرم لا أحد، وكأنه لا توجد دولة وقعت الجريمة على أرضها وترفض إلا أن تسبر أغوارها