لعل مقر الولي الصالح سيدي عبدالقادرالذي يقع بحي الحدادين بالسوق وراء مقهى البلدية وقرب حي القصر العتيق الذي اندثر جراء حملة تهذيب المدينة منذ 3 عقود مضت ، يشهد على جدية مثل هذه الفكرة ، لكن الانجاز لم ير النور بعد، في حين ان هذه الفكرة قد رأت النور في مكان ساحلي آخر غير القلعة؟ قبل الثورة بسنين ...وحتى لا يندثر مهرجان الزيتونة يجب على السلط المحلية - ان مازال في زاد مسؤوليها ومواطنيها التراثي والحضاري زاد - ان تنجز متحف الزيتونة قريبا وتؤثثه بالآلات الفلاحية العتيقة التي رافقت الفلاح طيلة دهور مضت " الات الحراثة والشذب والجني والرحي وطحن الزيتون وعصر الزيت" وحتى تكتمل صورة فلاحة الزيتونة يجب التفكير في بعث نواة لورشة لتحف مصنوعة من خشب الزيتونة - كما ردد اهل الذكر سابقا- وبهذه وذاك يمكن لنا ان نشد السائح العربي او الاجنبي ونرسخ في ذاكرته مهرجان الزيتونة.ونبني لاجيالنا القادمة ذاكرة عتيدة عن ماضينا المضيء رغم كل المآخذ التي صاحبته ولكن يبقى دوما الماضي بكل سلبياته جميلا وثريا ومفيدا..ونبراس الغد .. من ازال تراث المدينة ؟ هل فقدت مدينة القلعة الكبرى تراثها وعتيقها ؟ واصبحت بالتالي مدينة عصرية بدون جذور ؟ فحتى اكبر المدن العصرية لم تتنصل من تراثها، ودأبت على ترميم قديمها وتحصينه حتى تفخر به في المحافل الدولية ، وكم من مدينة بصمت بآثارها وبخصوصيتها المميزة،لان الاثار صفحة خالدة من تاريخ كل مدينة وجغرافيتها :[ ولنتذكر رباط سوسة،السقيفة بالمهدية،باب الديوان بصفاقس،معبد المياه بزغوان، مسرح قصر الجم...]، والقلعة الكبرى او المنعة الكبرى او قيرزا كما يحلو لمتصفحي التاريخ التذكير بها ، لم تعد تملك شيئا يذكر من المعالم التاريخية – عدا جامع ابي ذر الغفاري :الجامع الجبلي الذي قد بدأت تلفه يد العصرنة ، بعد ان دخله التبريد والتسخين ومظاهر التزويق والتنميق والكماليات العصرية في حين ان الواجب الحضاري يقتضي المحافظة عليه وعلى هيكله القديم بجميع جزياته والسعي الى ترميمه فقط ..واظن ان طاقة استيعاب المصلين لن تطرح ما دام بقربه جامع البطحاء وجامع السوق الجامع الكبير.. واجزم ويشاطرني المواطنون كلهم تقريبا المنهج في ان مرحلة تهذيب المدينة التي عرفتها القلعة منذ 3 عقود ، قد أتت على لب التاريخ من " البلاد العربي"سواء بالسوق او باب الجامع او نهج غرة جوان او مقبرة سيدي زايد؟ فمن من جيلنا الحالي يتذكر الممر الضيق العتيق الذي يربط المراح بالسوق ، ومن يتذكر القهوة العالية والاتحاد الثقافي وسوق الحوت ، والازقة الضيقة ، الرائقة والجميلة التي تؤم صغار الحومة وهم يتعاطون لعب الغميضة والكجات والخذروف وكرة الشوالق والكبابس ..واين خزان المياه وللا خافية والجامع العتيق بقصر السوق؟ واين تلك المنازل الضيقة المعرشة باغصان الزيتون؟ واين تلك الدكاكين الصغيرة التي تضم الصناعيين :[ الحداد لصنع المحراث العتيق، والنجار لصنع صرارف جني الزيتون]، اين الطاحونة العتيقة ، طاحونة القمح والشعير؟ ثم اذا تجاوزنا هذه البناءات العتيقة ، هل يمكن لنا ان نسأل اهل الذكر ،أين المعالم الاثرية التي تحزّم المدينة؟ والمتواجدة بحقول القلعة؟ اين الحمام الاثري بورّاد؟واين اثار شعبة فرنك ..وهل يجب المحافظة على اثر اثارها ؟ وما دمنا على ضفاف التراث،وما دام العقل حاضرا ، لربط الماضي بالحاضر، لانارة المستقبل وشد وطنية الاجيال القادمة الى القرى والمدن والاوطان ... ولنحافظ على ما بقي منها كحي القصر بالنويقس وشارع بئر داود ونهج بئر زقام وحمام دار بلعيد الذي اعاده للعمل السيد رضا والصاري القديم ..وفي هذا النطاق الحضاري والتاريخي لماذا لا نحيي ذكرى اعلامنا سنويا وندون انتاجهم واعمالهم ، كالشاعر المزوغي والعلامة يوسف قزاح؟ الذي ذاب مهرجانه في ظروف غامضة وغيرهما كثير.. قد نسأل عن التراث والآثار مرارا وتكرارا ولكن عندما يصبح السؤال خاويا من الاجابات الشافية ولا يجد آذانا صاغية ، يصبح النبش عن التاريخ كالرسم فوق الماء احيانا كثيرة ... وختاما يقول المؤرخ سورافيوب دو ما هوم:" التراث نبض دائم لحياة الشعوب،واذا كانت الآثار تشهد على حقبات من الزمن الغابر فان العلم يسعى الى ربط حلقات التواصل المعرفي والتراثي والحضاري ببعضها من اجل بناء حاضر الشعوب ومستقبلهم "