مازلنا نسمع منذ سنوات عديدة دعوة منظمة الدفاع عن المستهلك الى المساهمة في حملة مقاومة الغلاء بمقاطعة شراء زقوقو العصيدة ولكن يبدو ان دعوة هذه المنظمة من النوع الذي يقول فيه التونسيون منذ عصور ومنذ عهود(كلامك يا هذا في النافخات زمرا) و(على من تتلو زبورك يا داود) فهل جهلت هذه المنظمة ان التونسي قد بدا في شراء الزقوقو وغيره من لوازم العصيدة منذ ايام ومنذ شهور ومنذ فصل الصيف؟ خوفا منه ان تقل او تفقد هذه المادة وتختفي قبل حلول عيد المولد النبوي الشريف وهل تجهل هذه المنظمة ان التونسي لا طاقة ولا قدرة ولا صبر له على مقاومة تلبية عادات وشهوات وماكولات الأعياد والمواسم الدينية في شهر رمضان وفي عيد الفطر وفي عيد الاضحى وفي المولد النبوي الشريف على صاحبه افضل صلاة واصدق تحية؟ انني لا ولن استطيع ان اصدق من سيقول لي ويوهمني ان التونسي الفقير سيستجيب قبل غيره الى مقاطعة ماكولات هذه المواسم وهذه الاعياد الدينية فقد تعودنا ان نراه اسبق من الغني في توفير هذه المواد اللذيذة الشهية وانني قد رايت بام عيني منذ ايام في الحقيقة وليس في المنام التونسيين وهم يقبلون وحدات وزرافات على شراء الزقوقو وما تبعه من فاكهة العصيدة بالكيلو وبالرطل وبنصف الرطل وحتى بالمائة غرام في الاسواق وفي المغازات ؟ ثم وهل تجهل منظمة الدفاع عن المستهلك ان الزقزقو مادة وسلعة مطلوبة خلال بقية ايام العام فالتونسيون الذين يدعون الفقر والفاقة والحاجة اناء الليل واطراف النهار امرهم غريب وعجيب في كل الأطوار فانت تراهم شادين الصف بالعشرات بل بالمئات في كل وقت في المغازات وفي الاسواق وامام الخضار واما الجزار وينفقون في استهلاكهم اليومي فما بالك الموسمي عشرات ومئات الدنانير فهل سيعجزهم وهم على هذه الحال مرارا وتكرارا ان يشتروا كيلوا الزقوقو بما يفوق العشرين دينار؟ انني اقول لهذه المنظمة مع كامل الاحترام ان كلامك وان نصيحتك وان حملتك لا ولا تكون مسموعة لدى التونسيين فجميع التونسيين او اغلبهم على الأقل سيقبلون على الزقوقو الشهي اللذيذ البنين مهما غلا ثمنه لدى التجار في المغازات ولدى الباعة المنتصبين وفي الدكاكين ولا لن يصمدوا ابدا مهما فعلت ومهما نصحت امام رائحة الزقوقو الذكية الشهية التي تضرب فتصرع وتركع الملايين من التونسيين وانهم لا ولن يصبروا ايضا مهما ارتفعت الاثمان ومهما غلت الأسوام كل يوم او كل شهر او كل عام على شراء لوازم ومتممات العصيدة من اللوز والفزدق والبندق والبوفريوة لتزيين الصحون وتزويق الصحاف ليلة اويوم المولد النبوي الشريف وسيعتبرون بلا جدال ولا نقاش ان الدعوة الى مقاطعة هذه العصيدة مهما كان مصدرها ومهما كان مرجعها مجرد كلام غير مسموع ولا مطاع بل سيحمله سريعا ويهزه الريح باعتباره في قاموس وعقلية وعقيدة التونسيين مجرد هزان ونفضان وشقشقة وتخريف ولم يبق لي في هذا المقام وانا احد التونسيين الذين اشتروا الزقوقو وبقية لوازم العصيدة والحمد لله بالكمال والتمام الا ان اسارع بتقديم التهاني الى القراء بمناسية مولد محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل وامام الانبياء وان اقول لهم كلوا عصيدة الزقوقو بالهناء وبالشفاء ولا تنسوا التسليم على منظمة الدفاع عن المستهلك التي نشك ان اصحابها سيقاطعون شراء وذواق عصيدة الزقوقو الرمادية اوالسوداء والتلذذ بها وبما فوقها من الكريمة الصفراء او البيضاء وما فوق ذلك كله من الفواكه الجافة البنية والحمراء والخضراء التي خلقها الله لعباده نعمة ومتاعا وشفاء على حد سواء