نبي الإسلام في رأي إميل درمنغم: يقول إميل درمنغم: تاريخ البشرية ما هو إلا سلسلة من الإيحاء والإلهام إذ يسمع البشر بين وقت وآخر صيحة مدوية وإذا برجل بسير في طريق الحق غير متوان عاملا على أن يوقظ الآخرين من نومهم العميق هكذا يقوم خلاص البشر على سلسلة من الأفعال الحرة الطليقة وهكذا نهض محمد صلى الله عليه وسلم يدعو قومه إلى دين الواحد الأحد وهكذا نهض لينبه آسيا وإفريقيا وليجدد بلاد فارس الناعسة... ويقول إميل درمنغم (ولا يستطيع أحد أن يشك في إخلاص محمد فحياة محمد مهما كانت وجهة النظر فيها شاهدة على صدق اعتقاده بالدعوة التي حمل أمانتها الثقيلة ببطولة وان قوة إبداعه وعبقريته الواسعة وذكاءه العظيم وبصره النافذ وقدرته على ضبط نفسه وعزمه المكين وحذره وحسن تدبيره وطراز عيشه مما يمنع ذلك النبي الموحى إليه الموهوب أن يكون مبتلى بالصرع ولم يدر في خلد محمد أن يجعل كلامه ملائما لذهن معاصريه حتى يسهل إقناعهم واجتذابهم إليه فإذا كان محمد قد استمال الناس إليه فلم يكن بما هو سهل هين، بل استمالهم بعرضه عليهم رسالته الساطعة القاطعة الحادة كالسيف المنفصلة عن نظراته الشخصية...) شهادة "بوسورث سميث": يقول بوسورث سميث في كتابه محمد والدين المحمدي: وكما كان محمد رئيسا للدولة كان رئيسا للدين أيضا. كان محمد في وقت واحد مؤسسا لأمة ومقيما لإمبراطورية وبانيا لدين، وهو وإن كان أميا فقد أتى بكتاب يحوي أدبا وقانونا وأخلاقا عامة وكتبا مقدسة في كتاب واحد وهو كتاب يقدسه إلى يومنا هذا سدس مجموع النوع البشري، لأنه معجزة في دقة الأسلوب وسمو الحكمة وجلال الحق. ثم يمضي بوسورث سميث قائلا: إن أعجب العجائب في حياة محمد صلى الله عليه وسلم أنه لم يدع قط القدرة على إتيان المعجزات، فأي شيء قال انه يستطيع أن يفعله رآه أتباعه وهو يفعله ولم ينسب أحد منهم إليه معجزة من المعجزات، بل إن محمدا نفسه حرص دائما على أن ينكر قدرته على إتيانها. أي دليل له مثل هذه القوة على الإخلاص يمكن أن يسوقه إنسان؟ لقد ظل محمد صلى الله عليه وسلم إلى آخر حياته وليس له لقب يعتز به إلا أني نبي مرسل من عند الله... دون أن يكون له جيش قائم ولا دخل ثابت. وإذا كان لأي إنسان أن يدعي الحق في تلقي الوحي من الله فانه محمد، وانه لحدث فريد في التاريخ أن يؤسس محمد صلى الله عليه وسلم شعبا وإمبراطورية ودينا، لقد كان محمد موفقا كل التوفيق، ولم يحدثنا التاريخ عن مثله لقد جمع بين زعامات ثلاثة هي زعامة الشعب وزعامة الدين وزعامة الحكم والسلطان، ومع أنه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، فقد جاء بكتاب جمع بين البلاغة والتشريع والعبادة يقدسه أكثر من سدس سكان العالم. أليس في هذا كله معجزة؟ إنها معجزة المعجزات. شهادة السيروليم موير: يقول السروليوم موير: من صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم الجديرة بالتنويه نذكر الرقة والاحترام الذين كان يعامل بهما أتباعه حتى اقلهم شانا، فالتواضع والرأفة والأناة وإنكار الذات والسماحة والسخاء تغلغلت في نفسه فأحبه كل من حوله. وكان يكره أن يقول لا، فإذا لم يتمكن من أن يجيب الطالب لسؤاله فضل السكوت على الجواب وقد قالت عنه عائشة: انه كان اشد حياء من العذراء في خدرها وكان إذا ساءه شيء تبيناه في أسارير وجهه أكثر من كلامه ولم يمس أحدا بالضرر إلا في سبيل الله ويؤثر عنه أنه كان لا يمتنع عن إجابة دعوة إلى بيت مهما كان رب البيت وإذا جلس إلى صاحبه لم يرفع نحوه ركبتيه تشامخا منه وكبرا وكانت له تلك الخلة النادرة التي يجعل بها كل فرد من صحابته يظن أنه المفضل المختار. ويقول السيروليم موير: ولقد نال محمد مكارم الأخلاق وأطلق سراح عشرة آلاف أسير كانوا في يوم من الأيام يعملون على قتله والفتك به وإيراده هو وأصحابه موارد الهلاك ولما استتب له الأمر وخضعت شبه جزيرة العرب له من أقصاها وجاءه نصارى نجران اليمانيون بقيادة البطريك لم يحاول قط أن يكرههم على اعتناق الإسلام وأمنهم على أموالهم وأرواحهم وأمر بالا يتعرض لهم أحد في معتقداتهم ولا طقوسهم الدينية وأن تبقى كنائسهم ومعابدهم كما هي يؤدون فيها شعائر دينهم كما كانوا يفعلون من قبل، بل أكثر من ذلك لم يفرض عليهم أي ضريبة أو جزية. شهادة واشنطون ارفنج: يقول واشنطون ارفنج (تعتمد حياة هذا النبي على الإخلاص، ولم يكن هناك ما يدفعه إلى خوض هذه المصاعب والعقبات التي صادفته عند إعلان دعوته لو لم يكن الإيمان الخالص لرب العالمين يملا فراغ عقله وقلبه لقد كان قبل دعوته أمينا محبوبا منتميا إلى اشرف قبائل العرب وكانت زوجته خديجة على ثراء عريض فاجتمع لديه قبل دعوته كرم المحتد والنسب ووفرة المال وطيب السمعة ومع ذلك أعلن دعوته بالرغم عما كان يحيطها من متاعب واضطهادات وهو لا يرجو من ورائها إلا إعلاء كلمة ربه. ثم يمضي واشنطون ارفنج قائلا: لم توقظ انتصاراته الحربية والسياسية فيه الزهو والفخار ولم تثر في نفسه الأنانية والرغبات الشخصية الجامعة بل بقي النبي بالرغم من هذا كله زاهدا متواضعا كما كان في بداية حياته. لقد كانت الثروة والجاه بين يديه ورهن إشارته ولكن لم ينفقها إلا من أجل الدين وإعلاء كلمة الله. لم يكن في بيت النبي عند موته دينار ولا درهم ولا عبد ولا جارية لقد وضع الله كنوز الأرض كلها بين يديه ولكنه كان زاهدا فيها كلها.