غم استقالة أحمد شفيق من رئاسة الوزراء في مصر إلا أن حلقة الأربعاء الماضي من برنامج "بلدنا بالمصري" على قناة "أون تي في" ستظل في الأذهان بعد أن خلفت المواجهة بين "شفيق" والكاتب الدكتور "علاء الأسواني" من ردود فعل كانت مادة صحافية دسمة خلال الأسبوع المنقضي... وقد انطلق الجدل في هذه الحصة التلفزية عندما استهل الدكتور "علاء الأسواني" أن هناك تناقض في كلام الدكتور أحمد شفيق، مثل تأكيده على انتمائه لعصر مبارك، وفي الوقت نفسه لا يرى مانعا من توليه الوزارة بعد إسقاط هذا النظام، وقال الأسواني ورد رئيس الوزراء على هذا الكلام بأن حسنى مبارك لم يصنعه، ونجاحه لم يرتبط بعلاقته بحسنى مبارك بل هو الذي جنى من انتصاراته... وتصاعد الجدل عندما اتهم علاء الأسوانى رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق بأنه ينتمي لنظام مبارك وهو بالتالي لا يستطيع التعبير عن مطالب الثورة، مما أثار غضب شفيق فتشنج كثيرا وراح يتهم الأسواني بعدم الفهم والتلاعب بالكلام المرسل، وأنه كان ناجحا في إدارة وزارة الطيران المدني، وحقق فيها انجازات مهنية مشرفة... هذه المواجهة التلفزية بين مثقف مصري ورجل سياسة يختلف المحللون السياسيون حول آدائه ومدى وطنيته وقدرته على قيادة المرحلة الانتقالية بعد الثورة المصرية وإن احتفى المصريون باستقالته، تؤكد قيمة المثقف في مصر... تجده دائما في المقدمة... يثور على الظلم... ويحرض على افتكاك الحرية والعدالة الاجتماعية... صوت المثقف في مصر عال جدا بل هو مدو... والثقافة عندهم جزء من الحياة اليومية تلتصق التصاقا بالحياة الاجتماعية العامة... أما عندنا فصوت المثقف خافت، محتشم، يخشى السياسة، ولا يجد حرجا في الاعتراف بأن رسالته فنية، أي على هامش الأحداث... على مدى السيل الكلامي في تلفزاتنا الخاصة والعمومية، هل شاهدنا مثقفا تونسيا واحدا يطرح البديل الاجتماعي والسياسي أو حتى يتحدث عن الواقع الثقافي الذي همش وتوسعت قاعدة "نجومه" من فناني "المزود" و"تدوير الحزام"، و"الفكاهجية" و"الدندوك"؟؟ في السبعينات كان صوت المثقف في تونس عال جدا، وهو شريك فاعل في الحياة العامة، واليوم لا صوت للمثقف سوى بيانات التنديد والشجب ومطالب حل هذه الجمعية والنظر في بعض الملفات، وطرد هذا المسؤول، وماذا بعد؟؟ ما هو مشروع المثقف غير التنديد والحل والانقلاب؟؟؟ ما هي مواقفهم مما يجري من مستجدات سياسية؟؟ ما هو مشروعهم الاجتماعي؟؟ هل يعجز المثقف عن الدخول في مناظرة تلفزية يواجه فيها شخصية سياسية؟؟ نريد أن يستعيد المثقف دوره القيادي وعلو صوته حتى يكون أكثر فاعلية في الحياة العامة وحتى ينسجم مشروعه الثقافي مع مستجدات اللحظة الراهنة...