يسعى المتآمر على وطن ما، وقبل كل شيء إلى تحديد نقاط الضعف والوهن ومداخل الفتنة والفُرقة، ومن ثمّة يضع مخططاته واستراتيجياته الجهنمية من أجل الاصابة في مقتل وبلوغ هدفه الملعون، وبالتالي فيتوجب على كل دولة تروم إحباط ما يُحاك ضدها، أن تبدأ بتحصين بيتها الداخلي وسدّ الثغرات التي يمكن أن يتسلل منها الأعداء. منذ ثورة 2011، و نحن نعيش ما يسمى بالصراع بين الاسلاميين والحداثيين، يخفُت تارة ليعود أطوارا أخرى بتغذية أطراف داخلية وخارجية تعمل كل ما في وسعها لتأجيج الصراع ليصل إن لزم الأمر لتقاتل وحرب أهلية و بالتالي إفشال التجربة ديموقراطية تونسية. لا أطلب من النهضة أن تأخذ بخاطر المتآمرين وتستجيب لرغباتهم، فهم دائمو البحث عن العداء والتآمر و لا يجوز أو يمكن بأي حال من الأحوال إرضاؤهم ، ولكني اعتبر أن حركة النهضة أمام فرصة أخيرة وحقيقية من اجل سحب البساط من تحت أقدام المتآمرين وبالتالي إنقاذ الوطن قبل الحزب. أن مضي حركة النهضة في إقرار تحولها من حركة إسلامية لتكون حزبا محافظا تونسيا وديموقراطيا، لن يمس ابدا من الدور الذي يجب أن تلعبه في الدفاع عن ما تضمنه الدستور من هوية عربية واسلامية ولن يثنيها عن المطالبة بتشريع أحكام اسلامية مثل الزكاة لم تفعل بعد، أو عن معارضة أي مشروع قانون يتضمن مسا أو تعديا على حدود و ثوابت الدين، هو فقط فصل علمي وابستمولوجي بين نشاط سياسي بشري وبين هوية جامعة مضمنة ومثبتة في الدستور، تقع مسؤوليتها على عاتق الدولة. عديدة هي المكاسب التي يمكن أن يحصلها الوطن قبل الحزب وكثيرة هي العصافير التي يمكن ضربها بقرار واحد، و لكني لست في وارد الترغيب أو الإغراء، فإما أن تكون المسألة عن قناعة أو لا تكون . كما هي عديدة النصوص التي كتبتها عن علاقة الدولة بالدين و السياسة ولازلت على نفس الرأي ما لم اقتنع ببديل، ولست أفرض رؤيتي على أحد، فمن شاء فليقرأ ومن شاء فليمّر مع كامل الإحترام والتقدير.