بالتعاون بين "فرع بنزرت لمنظمة الدّفاع عن حقوق الانسان" و "مجموعة البحوث الاقتصادية و الاجتماعية محمد على الحامي"، احتضنت يوم امس الاربعاء دار الثقافة الشيخ ادريس ببنزرت ندوة حول " اتفاقية التبادل الحر الشامل و المعمّق " ( ALECA ) حضرها جمع محترم من المتابعين للشأن العام و لتسليط الضوء حول هذا الموضوع الهام قدّم الأستاذ محمود المطيري مداخلة قيّمة حول هذه الاتفاقية أتى فيها بالخصوص على عديد النّواحي الهامة التي يتضمنه مشروع اتفاقية " الأليكا" حيث وضح بداية معاني الألفاظ الأربعة المتكونة منها تسمية هذه الاتفاقية و هي "التبادل" و يعني، حسب المحاضر، التجارة وحرية التوريد و التصدير و " الحرّ" و تعني تحرير التبادل ورفع القيود عنه و "الشامل" أي توسيع مجالات الاتفاقية لتمس الفلاحة و الخدمات و " المعمّق" أي حذف كلّ العوائق أمام كلّ المجالات التجارية و الخدماتية و الفلاحية و الصناعية و هذه أخطر النعوت للاتفاقية حسب ما أتى على لسان المحاضر معرجا في ذات الموضوع على أنّ الدوافع الحقيقية للاتحاد الأوروبي من الالتجاء إلى امضاء مثل هذه الاتفاقية مع تونس هو الترويج و التخلص من فائض الانتاج الأوروبي أمام تراجع الاقتصاد الأوروبي و أمام احتداد المنافسة مع القوى الاقتصادية الصاعدة و بعد أن سلّط المحاضر الضوء على كارثية هذه الاتفاقية على الاقتصاد التونسي - كما وصفها - باعتبارها ستقضي على كلّ سيادية في التحكم في القرار الاقتصادي التونسي أمام عدم التكافئ بين الاتحاد الأوروبي و الدولة التونسية في عديد المجالات و بالتالي ستزعزع هذه الاتفاقية في صورة قبولها مجالات استراتيجية تونسية على غرار القطاع الفلاحي الذي لا و لن يصمد أمام القطاع الفلاحي لحوالي 27 دولة أوروبية بحكم الدعمالذي يلاقيه هذا القطاع من قبل دولها فضلا عن قطاع الخدمات و خاصة في مجال الطاقة مثل الكهرباء و البترول و أيضا في مجال الصفقات العمومية ملاحظا ( المحاضر) بالخصوص على عدم تضمن الاتفاقية امكانية تنقل المواطن التونسي من و إلى أوروبا بكلّ حرية كما يتمتع بذلك المواطن الأوروبي ببلادنا. غياب الموقف العلني للسلك من هذه الاتفاقية : هذا و ذمّر المحاضر الحضور، في نفس السياق، أنّ ما يعاب على السلط التونسية هو غياب موقف علني وصريح من هذه الاتفاقية و بالتالي عدم شفافية موقف السلطفي هذا الاطار مع الشعب مبرزا و أنّها أي السلط التونسية ليس لها أي تفويض من مجلس نواب الشعب حول هذه الاتفاقية، ليختم مداخلته بالقول فضلا عن انقسام المجتمع المدني حول هذه القضية المصيرية فإن اتفاقية "الأليكا" تعتبر اتفاقية غير متكافئة من حيث عدم تكافئ الطرفين و عدم تكافئ شروط التفاوض إضافة إلى ما يتضمنه مشروع الاتفاقية من مقتضيات اقتصادية و اجتماعية و فوائد هامة للجانب الأوروبي على حساب الجانب التونسي الذي سيتمّ القضاء – لو تمّ الامضاء - على أهم قطاعات الاقتصاد التونسي و في مقدمتها منها القطاع الفلاحي و الخدماتي.فضلا عن حرمان المواطن التونسي من التمتع بحرية التنقل إلى الدول الاوروبية.. و كان تفاعل الحضوربطرح العديد من الافكار و التساؤلات الهامة و كان قاسمها المشترك هو عدم وعي السلط الحالية بخطورة ما ينتظر البلاد لو تمّ امضاء هذه الاتفاقية باعتبار الأسباب المشار إليها من قبل المحاضر فضلا عن امكانية التحرك السريع لتحسيس المواطنين عبر كلّ الوسائل المتاحة من جمعيات المجتمع المدني و الأحزاب و الإعلام و تحريك مجلس النواب لهذه المسألة الخطيرة إضافة إلى وصف أحد المتدخلين بتشبيه طرفي هذه الاتفاقية بالعملاق و القزم في مقابلة في الملاكمة حيث لا تكافئ بين الطرفين و أيضا لو قدّر امضاء هذه الاتفاقية فذلك يعني عودة الاستعمار المقنع إلى بلادنا باعتبار الشروط المجحفة التي تتضمنها هذه الاتفاقية في حين اعتبرها متدخل آخر و أنّها فصل جديد من فصول العولمة. و لتعميم الفائدة حول هذه اتفاقية " ALECA " نقول ، حسب ما يروّج له من الجهات المعنية بأنّها أداة اندماج فعلي للاقتصاد التونسي في السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي الذي عرف انطلاقته منذ 1969 مرورا بسنة 1995 و أيضا مع انطلاق " الثورة " سنة 2011 ليتوج هذا الاندماج بمشروع " اتفاقية التبادل الحر الشامل و المعمّق " و بالتالي لا يتعلق الأمر باتفاق تجاري جديد بل باندماج أعمق للاقتصاد التونسي في فضائه الأورو – متوسطي و ذلك عبر آليات ملاءمة تدريجية للنصوص المنظمة للمناح التجاري و الاقتصادي و ثانيا لتقليص العوائق الجمركية و تبسيط و تسهيل الاجراءات الديوانية و أخير تحسين شروط نفاذ المنتوجات و الخدمات إلى كلّ من السوق التونسية و الأوروبية على حدّ السواء و لكن و دعنا نقولها فإنّ سلبيات هذه الاتفاقية على اقتصادنا أكثر من الايجابيات، إن كان هو هناك ايجابيات أصلا، باعتبار خاصة عدم التكافئ بين تونس و الاتحاد الأوروبي.