إسرائيل تنقل إدارة الحرم الإبراهيمي إلى المستوطنين    مواطنون يعمدون الى بناء أجزاء من منازلهم داخل مشروع السكة الرابطة بين سوسة والمهدية    ترامب يحذر زيلينسكي من شن هجمات على موسكو    الحوثيون يعلنون تنفيذ عملية عسكرية مزدوجة ومتزامنة ب 3 طائرات مسيرة على هدفين في إسرائيل    حجز 120 طنا من البطاطا بهذه الجهة بسبب الاخلال بالتراتيب..    قيمة المحجوز 115 مليارا .. تفاصيل ضربات الديوانة للمهرّبين    قريبا على خشبة المسرح .. عاطف بن حسين «الديكتاتور»    في الندوة الصحفية لمهرجان سوسة الدولي .. مراد باشا «يكسر الحصار» عن المزوّد    مواقع ومعالم: هضبة بيرصا بقرطاج: موقع للحضارة والأسطورة الخالدة    تاريخ الخيانات السياسية (16) .. تآمر ابن سُريج مع خاقان    الوقاية خير من العلاج .. احذروا... أمراض الصيف    تظاهرة "كتاب على أبواب المدينة" من 16 إلى 25 جويلية 2025    سليانة: إنطلاق فعاليات مهرجان مصيف الكتاب في دورته 32    تاجروين: وفاة شاب غرقا في وادي سراط    المنستير: انطلاق دراسات مشروع إحياء المدينة العتيقة بعد إمضاء الصفقة مع مكتب الدراسات المكلّف    عاجل/ حريق بمفترق اليهودية وبلدية فوشانة تكشف السبب    القيصر يطمئن جمهوره: لا تصدقوا الشائعات، أنا بخير    وزير الشتات الإسرائيلي يدعو إلى القضاء على الرئيس السوري أحمد الشرع    القصرين : الدورة 32 من المهرجان الصيفي بتالة تحت شعار "تالة تتنفس فنًا"    عُقل من مسؤولين سابقين: النادي الافريقي يرُد في بلاغ رسمي.. #خبر_عاجل    البريد التونسي يُطلق محفظة e-Dinar الرقمية مجانًا لكل المواطنين    أهالي هذه المنطقة الساحلية يحتجّون بسبب التلوّث.. #خبر_عاجل    ثلاثي يمثل التايكواندو التونسي في الالعاب الجامعية العالمية بألمانيا    عاجل/ مصرع ستيني بعد سقوطه من بناية    الترجي الجرجيسي- زيدان العبيدي يعزز الصفوف    إنتقالات: نجم "شبيبة منوبة" يعزز صفوف الملعب التونسي    تونس تختتم الدورة الأولى من برنامج "طب القلب لأفريقيا"    النادي الصفاقسي: برنامج المواجهات الودية المقبلة    من يلاقي الترجي في السوبر؟ مواجهة حاسمة بين المنستيري والبقلاوة!    لافروف: نريد أن نفهم ماذا وراء كلام ترامب عن مهلة ال 50 يوما    عاجل/ نسبة امتلاء السدود الى حدود الأمس    هل سيستمر البنك المركزي الأوروبي في خفض أسعار الفائدة؟    رد بالك! خطوات بسيطة تحميك من سرقة حسابك    صادرات زيت الزيتون ترتفع...والقيمة المالية تنخفض    تعزيز علاقات الصداقة والشراكة محور لقاء وزيرة المرأة بسفير اسبانيا بتونس    المهاجم فراس شواط ينضم الى النادي الافريقي    بودربالة يؤكد الحاجة الملحة للتباحث حول اشكاليات القطاع الفلاحي بهدف رسم سياسات اكثر نجاعة    عاجل/ الاحتلال يشن غارات على لبنان وهذه حصيلة الشهداء    تنبيه: انقطاع في توزيع مياه الشرب بهذه المعتمدية..#خبر_عاجل    وزارة التجارة تصدر قريبا الأمر المتعلق بتسيير الهيئة العامة للدفاع التجاري    مبيعات تونس من زيت الزيتون تزيد كمّا وتتراجع قيمة    رعاية الأحفاد تحمي كبار السن من الخرف: السرّ اللي ما تعرفوش    كيفاش تنجم تنقص من العرق الزايد في الصيف؟ نصائح سهلة وفعّالة    "سيد الحياة والموت".. محاكمة طبيب ألماني قتل مرضاه بشكل مروع تحت ستار الرعاية الطبية    أريانة: إعادة فتح مكتب بريد رياض الأندلس خلال الأيام القليلة القادمة    سيدي حسين: أحكام بالسجن في حق شقيقين تزعما شبكة لترويج الكوكايين    فظيع/ وفاة شاب إثر تعرضه لصعقة كهربائية..    السردين: الحوت الصغير اللي فيه فايدة كبيرة...شنوة منفعتو وقدّاش يلزمك تاكل منّو في الجمعة    وزارة الشؤون الاجتماعية: إلغاء إضراب أعوان الشركة التونسية للكهرباء والغاز    نهار الثلاثاء: شوية سحب، شوية مطر، وهذه درجات الحرارة    إلغاء إضراب أعوان ''الستاغ''    برنامج الدّورة 66 لمهرجان سوسة الدّولي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أزمة ديون الجمعيات الرياضية محور جلسة عمل بوزارة الشباب والرياضة    تاريخ الخيانات السياسية (15)نهاية ملوك إفريقية    لحظة مذهلة في مكة: تعامد الشمس على الكعبة وتحديد دقيق للقبلة    تاريخ الخيانات السياسية (14): القصر لساكنه..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد المحسن يكتب لكم : على هامش ذكرى يوم الأرض..حين يشعر العربي الفلسطيني بالفخر بهويته
نشر في الصريح يوم 31 - 03 - 2019

بوصلة لا تشير إلى القدس مشبوهة (مظفر النواب)
"رحلة النجاح لا تتطلب البحث عن أرض جديدة.. ولكنها تتطلب الأهتمام بالنجاح والرغبة في تحقيقه والنظر الى الأشياء بعيون جديدة" إبراهيم الفقي
30مارس 2019 الذكرى الثالثة والأربعين لإنتفاضة يوم الأرض،تجيء وقد كفّ الفلسطينيون عن أن يكون دورهم هو مجرّد القيام بتعداد السنين،وكتابة الرقم في دفتر المأساة..لقد افتتح الشهداء”دفترا” جديدا يسجّل الفلسطينيون يومايتهم فيه.
ربما ينشغل البعض في البحث عن صيغة”لغوية” ما بين المأساة ودفتر الشهداء وسوف يكتشف أن سنوات تلك،هي سنون هؤلاء،وأنّ عنوان السفر لم يتغيّر منذ البدء حيث مضى الفلسطيني حتى الإستشهاد في مقاومة الإقتلاع،فأن تزرع دما في الأرض فهذا فعل إنتصار الإرادة الإنسانية،إرادة الحياة على آلة الموت والإقتلاع،وكلّما مرّ الوقت اكتشف العربي الفلسطيني قواعد جديدة للإجابة على سؤال البقاء..والإستمرار..والتحدي.
واليوم..
على القاتل اليوم أن يبحث عن حدود دهشته ويواري صدمته بالأطفال الذين كانوا مرشحين لأن يمثلوا”جيل النسيان”فإذ بهم يمتلكون ذاكرة مفعمة بالتفاصيل يصغون لندائها على نحو خاص،ويبتكرون بناء على النداء شكلا متطوّرا للفعل يبتدئ من مغادرة الصّمت ليباشر كتابة التاريخ الحقيقي.
لم يكن الفلسطينيون في أراضيهم المحتلة عام 48 بحاجة إلى إعتراف القاتل لأنّ جراحهم ظلّت تنزف طوال العقود التي انصرمت من عمر الإحتلال والنكبة،ولكنّهم كانوا بحاجة إلى احداث صدمة في جدار الوعي اليهودي الذي تخيّل أنّه احتلّ الأرض واقتلع منها ما اقتلع ولم تبق سوى خطوة واحدة حتى تكتملَ الجريمة و أن يبدّد هوية من بقي على الأرض من الفلسطينيين عبر الدمج،أو عبر التهميش الذي يبقيهم مهزومين ومستكنين لإرادة الغاصب فيطلق ما شاء عليهم من الصفات والتصنيفات بوصفهم”كما”بشريا فائضا يستطيع المحتلون أن يتصرفوا به على هواهم.ولكنّ قانون الصراع هو الذي ظلّ يحكم العلاقة بين الغاصبين للأرض ومن اغتصب أرضهم،ومع الحاجة إلى الصدمة اللازمة لتثبيت هذه المعادلة انفجرت انتفاضة يوم الأرض عام 1976 التي تجمّعت نذرها لوقت طويل.فعشية الإنفجار كتب الصهيوني”شمعون شامير”أنّ الجيل الناشئ له طبائع سياسية مختلفة عما كان لدى جيل الوجهاء والمخاتير،إنّه غير الذين ورثناهم عام 1948″.
الصهيوني شامير كان يقول حقيقة وهو يحاول تقديم تفسير لنمو المشاعر القومية والتمركز حول الهوية العربية الفلسطينية من قبل الفلسطينيين الواقعين تحت الإحتلال الصهيوني منذ نكبة فلسطين.ولكن شامير لم يستطع مغادرة الإستعلاء العنصري لحظة واحدة حتى وهو يؤشّر إلى فشل “الدمج”.
التحوّل الحاسم في معركة الهوية:
يمكن إعتبار السعي الصهيوني إلى تهويد الجليل بمثابة الصاعق المفجّر لإنتفاضة الأرض في الثلاثين من مارس 1976،لكن هذه الإنتفاضة لم تكن برقا في سماء صافية وإذا كان الفلسطينيون قد استطاعوا في ذلك اليوم تمزيق مشاريع التقسيم والتهويد وأثبتوا أنّ الشعب الفلسطيني لم يتروّض ولم يتشرذم ولم ينس هويته وتاريخه،ولم يفقد إنسانيته،فإنّ ما حدث كان محصلة لتراكمات نضالية ولإستمرار الشعور العميق بالهوية الوطنية والقومية رغم المحاولات الصهيونية الحثيثة لقمع هذا الشعور وضرب أشكال التعبير عنه.
ففي عام 1958 ظهرت إلى الوجود الجبهة العربية وهي أوّل تشكيل مناهض للصهيونية في فلسطين المحتلة عام 48 وقد قمعها الصهاينة لأنّها تعمل على التطرّف الطائفي والعنصري كونها لا تقبل سوى العرب في صفوفها،ثمّ تأسست “حركة الأرض” التي تعرّضت لقمع صهيوني شديد وصولا إلى إصدار قرار بحلّها عام 1964.وفي عام 1970 ظهرت “حركة أبناء البلد”..
وهكذا كانت هذه الأشكال جميعا محاولات تنظيمية لمواجهة السياسات الصهيونية،وفي العمق كان الشعور بالغضب يتزايد ويتحيّن الفرصة المواتية للظهور والتعبير عن نفسه بقوّة.
لقد لعب العمل الفدائي المقاوم عام 1965 ولاحقا حرب أكتوبر عام 1973 دورا بارزا في تقوية المشاعر القومية والإحساس بالإنتماء إلى أمّة فاعلة وقوّية،وهو ما قابله استخفاف بالدعاية الصهيونية عن “دولة وجيش”لا يعرفان سوى الإنتصار ويستطيعان”تأبيد”الهزيمة العربية.
كمحصل لكل ذلك انفجرت انتفاضة يوم الأرض ليبدأ التحوّل الحاسم بإتجاه مسار جديد يدلّل أول شيء على فشل السياسات الصهيونية ويعكس ثانيا حقيقة أنّ فلسطيني الأراضي المحتلة عام 1948 هم جزء من الشعب الفلسطيني والأمّة العربية.وأوقفت انتفاضة يوم الأرض الإندفاع الصهيوني لتهويد الجليل وأكّدت أنّه سوف يواجه كل مرّة بمقاومة أشد.
ومنذ ذلك الوقت تزايدت المشاركات النضالية لفلسطيني الأراضي المحتلة عام 48 في الكفاح ضد الصهيونية ومشروعها على أرض فلسطين ليصاب الصهاينة في كل مرّة بالذهول ويقترحون صياغات جديدة على أنّها أجوبة على واقع يصفعهم بقوّة.
حدث هذا في النظر إلى مشاركات فلسطيني ال48 في إنتفاضة 1987-1993 وصولا إلى ما أحدث صدمة قوية لدى الصهاينة بسبب كثافة المشاركة الفلسطينية في مدن وقرى فلسطين المحتلة عام 48 في انتفاضة الأقصى،وهي الصدمة التي عبّر عنها أحد الصحافيين الصهاينة بالقول:”إنّ عبر صور الإنتفاضة المعروفة ظهر لاعبون جدد:عرب”إسرائيل”وبنفس حركة الجسد المعروفة من المناطق( يقصد الضفة والقطاع) بنفس مظاهر الكراهية،بنفس اللحن فعلا”.
في كل مرّة كان الصهاينة يقولون:”إنّ الأسوأ لم يظهر بعد..وسوف يأتي اليوم الذي تلاحقنا فيه السكاكين إلى حيفا ويافا” ولكن في كل مرّة أيضا كان يجري اللجوء إلى”الخرافة” لإقتراح الحلول التلفيقية الجديدة.
اليوم..
الفرق واضح بعد -عقود عجاف من الزمن المتخم بالمواجع-يعيش الغاصب الدموي تحت وطأة الخوف ودون هوية.بينما يستطيع العربي الفلسطيني أن يشعر بالفخر بهويته ويعدّ ما تبقى من وقت كي ينبلج الصبح على فلسطين الجريحة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.