لقد كتبت آنفا وسالفا عن مستوى القنوات التلفزية هذه الايام وقلت انني ساظل اكتب وساظل اتكلم عن المشهد الاعلامي التلفزي والاذاعي في بلادي ما تسنت لي الكتابة وما طاب لي الكلام ... وانني في هذا المقال الجديد ساتحدث قليلا عن عناوين المشهد الاعلامي في الزمن الماضي الجميل واقارنها بعناوين برامج هذا المشهد الاعلامي في زمان هذا الجيل... فالعناوين كما يقال منذ سنين ترمز وتشير وتبين نوعية المحتويات والمضامين واذا كان اجدادنا واباؤنا الحكماء الاولون رحمهم الله قد قالوا قديما مثلا دقيقا في بيان امكانية معرفة المضمون الشيء ومحتواه (من نفقته بان عشاه) واذا كان اخواننا المصريون قد قالوا ايضا(الجواب باين من عنوانه) فانه بامكاننا ان نقيس على حكمتهم فنقول انه من الفاظ وكلمات العناوين يمكننا ان نميز ونفرق بين الفارغ والممتلئ وبين الغث والسمين... واني ساقدم لهذا الجيل قائمة مما زلت اذكره والحمد لله في عناوين برامج اذاعة وتلفزة ايام زمان ليفهموا الفرق بين عناوين ومضامين برامج قنوات هذه الأيام وبين عناوين ومضامين برامج زماننا الماضي زمن الإبداع و الإقناع والإمتاع ولذيذ الأحلام... فمن تلكم العناوين والبرامج النافعة الثرية برنامج ورقات من الحضارة التونسية وبرنامج شعر الكفاح في عهد الحماية وبرنامج جنة الأطفال وبرنامج ما تسمعه اليوم تقراه غدا وبرنامج الأسرة (بتشديد الراء) البيضاء وبرنامج فنجان شاي وبرنامج ساعة في الأستوديو وبرنامج سمر السيد عبد العزيز العروي وبرنامج مع الأدباء الناشئين الذي سبقه برنامج من هواة الأدب وبرنامج شعر الكفاح في عهد الحماية وبرنامج اغنية وقصيد وبرنامج الف مبروك وبرنامج اغنية لكل مستمع وبرنامج متحف الأغاني...ووو... ولولا خوف الإطالة وخشية الوقوع في شيء من الملل لاسترسلت دون انقطاع في ذكر جمال وحسن هذه العناوين الرفيعة ورفعة مضامين برامجها الهادفة الممتعة الرائعة ومكانة وقيمة اصحابها باكثر من هذه العبارات وهذه الجمل... نعم بمثل هذه العناوين ايها القراء وبمثل اولائك الاذاعيين والتلفزيين المبدعين الصادقين و الاكفاء عاش وتمتع واستفاد جيلنا القديم وهو اليوم مصاب بالاكتئاب العميق والحزن الشديد وكيف لا يكون هذا حاله وهو يسمع اليوم بعناوين وبرامج ليس يدري كيف يقبل عليها ويختارها هذا الجيل الجديد ليؤثث بها قنواته التلفزية والاذاعية وهوالذي يريد كما يقول وكما ينادي ان يحافظ على تقاليده وتراثه وشخصيته وهويته التونسية؟ فهل باختيار اسماء دخيلة على اللغة العربية سيحافظ شبابنا حقا على هوية وخصوصية حضارة وهوية التونسيين والتونسيات؟ وهل باختيار عناوين لا علاقة لها بلغتنا سيعرف شابنا بشخصيته وهويته الذاتية المستقلة ويحافظ عليها بين هويات غيره من البلدان؟ فهل بعناوين مثل الشاريو وسبور تايم وتوب ماتان سيحافظ هذا الجيل على شخصيته وهويته وذاتيته العربية بين شعوب وامم هذا الزمان؟ انني اقولها صراحة وانا في «صالون الصريح» أن نوعية هذه العناوين وما تحويه من برامج ستعصف بها طال الزمان او قصر العواصف والرياح وسيضيع هذا الجيل وسيغرق في بحار الحضارة وتتلاعب به الأمواج ولن يجد في مغامرة ابحاره تلك اي قائد واي منقذ واي ربان واي ملاح... وكم يؤسفني ان اعبر عن حال شبابنا اليوم وهو في غفلته الخطيرة العجيبة الحضارية ومتوهما انه يسير في ثبات متقدما الى الأمام بذلك القول الذي حفظناه عن ابائنا وجدودنا المبدعين حقا في جميل الفعل وفي رفيع الكلام (مسكين فلان اضاع ميزة وايقاع خطوته الشخصية وهو يبحث عن تقليد خطوة الحمام)...وادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح...اولا تستحق شهرزاد اولا يستحق شهريار بطلا الف ليلة ان يكونا عنوانا لبرنامج تلفزي او اذاعي ايها القائمون على تلفزاتنا واذاعتنا اليوم من شباب هذه البلاد او هذه الديار؟؟؟