لقد تجولت ولقد طفت اليوم كعادتي بكثير من مواقع الصحف الالكترونية وقرات كدأبي وديدني اغلب عناوين الصحف الورقية فاطلعت ووقفت على استنتاج واحد وحيد واضح مبين قد اتفق عليه اغلب الصحفيين واغلب المعلقين وهو ان اغلب التونسيين الذين نسمعهم في كل الأعياد وفي كل المناسبات وفي كل الأسواق وفي كل الطرقات يتذمرون من ارتفاع الأسعار ويقولون انه عاجزون عن مسايراتها وعن ملاحقتها بعد ان اصبحت وامست وصارت تشبه اللظى وتشبه اللهيب وتحاكي النيران... اقول ان اغلب التونسيين نراهم في كل عيد ديني وخاصة في شهر رمضان يقبلون على اقتناء ما لذ وما طاب وما ارتفع سعره وما غلا ثمنه من البضائع ومن السلع ومن بقية المشتريات بالصناديق و(بالطازازن )والبكيلوات وبالبلاتوات وبالأقفاف وبالشاريوات وكان الاسواق وكان المغازات ستغلق وستشمع ابوابها بعد سويعات او بعد لحظات وكان الحرب قادمة وان طبولها ستدق في اقرب الاوقات ...او كان الدنيا ستنتهي بعد ايام قليلة او كما يقول التونسيين وكان الدنيا ( مشات وفات وتوفات)...فكيف سيسمع وكيف سيصدق العقلاء هؤلاء التونسيين الذين رايناهم متهافتين و متسابقين ومتنافسين ومتكاليبين ومتصارعين ومتزاحمين على ما ارتفع سعره وما غلا ثمنه وما كثر من النفقات والذين كثيرا ما سمعناهم يشتكون و يتذمرون و يبكون ويندبون الخدود ويشقون الجيوب من قلة الدخل وضعف الجرايات وضحالة الشهريات باصوات مرتفعة في مختلف القنوات التلفزية وفي مختلف الاذاعات وفي مختلف التجمعات وفي مختلف المظاهرات وفي مختلف الاحتجاجات وفي مختلف المظاهرات؟ ...اولا يحق لنا ان نقول بعد هذه الحقائق المؤلمة وبكل عجب وبكل استياء ان اغلب التونسيين ان لم نقل كلهم مبتلون وربما وراثيا وجينيا بداء وبلوى وعاهة الشكوى والتذمر والصراخ والبكاء في كل الأوقات من الشروق الى الغروب ومن الصباح الى المساء ؟... اولا يحق للعقلاء ايضا ان يجزموا وان يقولوا ان الحكومة على حق كبير وعلى مثله من الصواب في كثير من الاحيان عندما تعاتب وعندما تشك في صدق نوايا وخبايا وخفيا هؤلاء البكائين وهؤلاء المشتكين وهؤلاء النادبين وهؤلاء المتذمرين وهؤلاء المنتقدين لسياستها ولانجازاتها في كل ان وفي كل حين وان تعجب كل العجب انها لم تسمع منهم ابدا ولو بصفة استثنائية عفوية كلمة شكر اوكلمة تنويه اوكلمة اعتراف اوكلمة اقرار بانجازاتها الاقتصادية والاجتماعية ولو بصفة منقوصة ضئيلة نسبية؟ وهل نظر هؤلاء البكاؤون المشتكون المنتقدون الذين لا يعجبهم العجب الى اوضاع واحوال وماسي ما حولنا من اغلب البلدان العربية الاسلامية التي تعاني وتقاسي بصفة واقعة وحاصلة فعلية من الصراعات بل من الحروب الداخلية ومن الأوضاع الماساوية السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟فهل يرون وهل يظنون ان اخواننا واشقاءنا الليبيين والجزائريين والمصريين والسودانيين واليمنيين والسوريين والعراقيين احسن منا حالا واحوالا؟ ان هذه الشعوب فعلا وحقا قد لا يجدون في شهر رمضان ولا في غيره من الشهور القادمة ما يكفيهم من ضرويات الحياة ليسدوا رمقهم ولسيتروا عوراتهم وليعيشوا في خير وكرامة وامن و امان... وانني اخشى كل الخشية على التونسيين وخاصة منهم البكاؤون والمشتكون والنادبون والمولولون في كل مناسبة وفي كل آن وفي كل حين ان يصدق فيهم ذلك القول البليغ المخيف الدقيق المعبر(من كان في نعمة ولم يشكر خرج منها ولم يشعر)...اما اخوكم ابوذاكر كاتب هذه السطور فانه سيتوجه الى ربه تعالى مخلصا في النية وصادقا في الشعور بدعاء موروث عن ابائنا واجدادنا الأولين قد صيغ في كلمات وفي جملة جميلة رحم الله من استنبطها ومن نقلها ومن قالها(اللهم عرفنا مقدار نعمتك بدوامها ولا تعرفنا مقدار نعمتك بزوالها) ...وكل رمضان وتونس واهلها بالف بركة وبالف نعمة وبالف خير رغم أفعال ورغم أقوال ورغم مكائد من يحاولون افسادها ومن يسعون في تخريبها من اهل الجهل واهل الضلالة واهل الخيانة واهل المكر