لم يكن ممكنا ولا مجديا بعد ثورة 17 ديسمبر/14 جانفي، ان يتم اقصاء أي طرف أو مكوّن سياسي متواجد على الساحة التونسية وخصوصاً بعد أكثر من 60 عاما من الانغلاق والإنسداد السياسي والإستبداد وقمع المعارضة و الراي المخالف. أما وقد شارك الاسلام السياسي ممثلا في حركة النهضة في العملية السياسية وساهم في سن الدستور و ممارسة الحكم، وبعد أن تبين جليا لجميع التونسيات والتونسيين ان السياسة والدين خطان متوازيان لا يلتقيان وأن رفع شعار الدين في السياسة ماهو الا استثمار رخيص لتحصيل منافع دنيوية وللوصول للسلطة، إضافة لما يسببه من انقسام مجتمعي حاد، تراهن عليه قوى داخلية وخارجية معادية للديموقراطية و لحق الشعوب في تقرير مصيرها، فيصبح بديهيا واستعجاليا اليوم وقبل الغد، تشريع قانون ضمن قانون الاحزاب، يمنع توظيف الدين أو العرق أو الطائفة في العمل السياسي الذي يبقى اجتهادا بشريا محض لا شان له بالمقدس والقداسة. ليس في الأمر معاداة للدين أو المتدينين، اذ ينص دستور 2014 صراحة على مسؤولية الدولة في حماية الدين وضرورة تفعيل أحكامه وتعاليمه و عدم التعدي على ثوابته. ويبقى في المقابل من حق بل من واجب أي حزب سياسي ان يلتزم بدستور البلاد وأن يعارض أي مشروع قانون فيه تعدي على ثوابت الاسلام المعلومة بالضرورة على مر التاريخ، ولنا في مشروع قانون المساواة في الارث خير مثال، اذ وعلاوة على الإعتراض المحمود على تمريره لقوى فاعلة في البرلمان، فانه سيواجه اعتراضات لدى المحكمة الدستورية المسؤولة على احترام مقتضيات الدستور وعدم المصادقة على أي تشريع يخالفه. كما ليس مطلوبا من المسلم ان ينزع رداء الاسلام عند ممارسته للسياسة بل هو فقط فصل ابستمولوجي على مستوى البرامج السياسية المقدمة بين مجالات متكاملة و لكنها غير متداخلة. في هذا الإطار احيل السادة القراء الى مقالاتي السابقة المتعلقة بالموضوع : Mariage islam démocratie : la fin de l'histoire_ _افكار و مقترحات لصياغة دستور تونس الجديد L'islam n'est pas un fond de commerce_ _في الضرورة المستعجلة لتطبيع الحياة السياسية _حوار افتراضي مع صديقي عكرمة _اسئلة حائرة حول الزكاة _الاسلام ليس زجاجا ليكسر! _حتى لا يدوخ التونسيين... _هل كل معارض للاسلام السياسي هو بالضرورة معارض للدين! _الدولة ،السياسة،الدين: المخاض التونسي _هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين... _لا لفصل الدين عن الدولة _لماذا لايمكن للعقل ان يناقض النقل _الاسلام السياسي سرطان ينخر الاوطان _المتاجرة بالدين: البنوك الاسلامية مثالا _الاسلاميون عقبة كبرى امام تحرر الشعوب العربية و الاسلامية _ردا على من قال بأن الصراع بين العلمانيين و الاسلاميين قد تجاوزته الأحداث! _قانون المساواة في الارث و مدنية الدولة _راشد الغنوشي: النهضة حركة ترفض استغلال الدين للسياسة! _تحول النهضة المرتجى من اجل الوطن قبل الحزب _نعم تونس و ليست تركيا هي النموذج و المنوال _ديموقراطية السلطان اردوغان على سبيل الذكر لا الحصر ، تجدونها على موقعي الخاص: mortajamahjoub.unblog.fr