في مثل هذا اليوم من عام 2009، شيّعنا بعيون دامعة جثمان ابن أريانة البار سعيد بوزيري إلى مثواه بمقبرة الجلاّز. لقد وافته المنيّة في باريس وقد مضى من عمره 62 عام قضى جلّها في الدفاع عن حقوق المهاجرين العرب والأفارقة. لقد غادر صديقي السعيد المولود في 4 جوان 1947 موطنه قاصدا فرنسا لمزاولة تعليمه العالي في علم الاقتصاد. ولكنه انصهر باكرا في النضال في مجال حقوق الإنسان والحريات في ظل الحراك الذي كان يعيشه العالم بعد ماي 1968. سنة 1972 أقدمت السلطات الفرنسية على أخذ قرار بترحيله صحبة زوجته فوزية لحمر إلا أنّ إضراب الجوع الذي شنّه الاثنان وهو الأوّل منذ حرب الجزائر كان له صدى في كامل أرجاء البلد إلى حدّ أنّه وقع التراجع في ذلك القرار. ومنذ ذلك الزمن لم يحد سعيد عن مسلك الذود عن نظرائه. لقد أسّس سعيد شبكة إعلامية: كجريدة " بلا حدود " وإذاعة "شمس" ، ولقد قاد عام 1983 المسيرة الأولى من أجل المساواة وضدّ العنصرية فأصبح هو الصوت والصورة للهجرة على امتداد أربعين عاما وهو ما أهّله ليصبح عضوا في مجلس إدارة صندوق العمل الاجتماعي وفي المجلس الوطني للمهاجرين. ولقد استنجبته الرابطة الفرنسية للدفاع عن حقوق الإنسان قياديا في الصف الأوّل (أمين مال) وذلك إلى آخر رمق في حياته. ولقد كان يدعو إلى إسناد المهاجرين حق المشاركة في الانتخابات الفرنسية وهو ما اعتمده المرشّح فرنسوا هولاند قبل الفوز في انتخابات 2012. ترأّس البوزيري جمعية Génériques التي كانت تصدر مجلّة Migrance كما أنه بادر بالدعوة إلى إنشاء متحف للهجرة وهو ما تمّ أخيرا. يقول عنه إدريس اليازمي رئيس المجلس المغربي لحقوق الإنسان: " لدى سعيد ضمأ لا ينقطع من أجل قيم العدالة والمساواة بين المواطنين. كان منقطعا لخدمة الآخرين يبادلهم حبّا ويعطيهم من وجدانه أروع تجليّات المودّة" لقد أكرمته بلديّة باريس بتسمية إحدى ساحات الدائرة الثامنة عشر حيث كان يقطن باسمه، وهو - إذا ما استثنينا فسحة بورقيبة Esplanade Bourguiba - شيء نادر وحدث يسعدنا ويسعد عائلته الموسّعة في تونس وخارجها ويحثّنا على تكريمه في مدينته أريانة التي قضّى بها طفولته وبواكير شبابه.