يروي عبد الباري عطوان أنه كان يركب السيارة ذات مرة الى جانب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي أشار إلى خنجر كان يتوسط حزامه وقال لعبد الباري : «بهذا استوليت على الحكم.. ولن أغادره كذلك إلا بهذا الخنجر».. هذه الحكاية كشفت لي عن وجه آخر وهو بالمناسبة وجه دميم وقبيح لهذا الرئيس.. فلم أكن أعرف أنه دموي بهذا الشكل والى هذا الحدّ.. وكنت أجهل تماما أنه ينتمي الى صنف أكلة اللحوم من البشر.. فماذا يمكن أن ننتظر من حاكم على هذه الصورة القبيحة.. وبهذه النوعية الدموية!!! إذن.. فإن إصراره على الاستمرار في الحكم وتحديه لشعبه واستخدامه للقوة لا يدعو الى الاستغراب فالشيء من مأتاه لا يستغرب.. وكل إناء بما فيه يرشح.. لقد شاءت الظروف أن تُبتلى الشعوب العربية بصنف من الحكام الذين يضحون بأوطنهم وشعوبهم من أجل أن لا يتركوا الحكم.. وأن يستمروا في قهر الناس.. فلا حياة لهم خارج دائرة القهر وممارسة السلطة.. أوَلم يقل القذافي: «إن من لا يحبني لا يستحق الحياة».. ومعنى ذلك بكل بساطة وبكل وضوح أن الليبي الذي لا يحب القذافي عليه أن يحفر قبره بيديه وينسحب من الوطن والحياة ويذهب إلى الجحيم.. وهو غير جدير بأن يبقى على قيد الحياة.. وهو لا يستحق أن يكون على علاقة مع الوطن لأن الوطن هو القذافي.. ولا أحد سواه.. أليس هذا هو الكفر بعينه؟.. إنهم يعتقدون اعتقادا عميقا أن أعمارهم تنتهي عندما يتوقفون عن قهر شعوبهم وعن ممارسة لعبة تعذيب الناس.. والتسلّط عليهم.. ومعاملتهم معاملة لا ترضى بها الحيوانات.. ومعنى ذلك أنهم أشخاص غير أسوياء.. وغير طبيعيين.. ويعانون من عقد ومركبات مرضية كثيرة! إنهم مرضى ومكانهم ليس القصور وكراسي الحكم.. وإنما المصحّات.. والمستشفيات العقلية والنفسية ولكنهم للأسف استطاعوا في غفلة من شعوبهم أن يتسللوا.. وأن يصلوا إلى مواقع الحكم حيث يجدون الأعوان.. والزبانية الذين يشبهونهم ولا يختلفون عنهم في شيء فيتحول الحكم الى وسيلة للابتزاز.. والفساد.. والظلم.. والاعتداء على الناس.. لم أكن أعرف أن علي عبد الله صالح يحمل خنجرا حتى وهو رئيس دولة فبماذا يختلف إذن عن رئيس عصابة؟.. ثم أنه لا يتحرّج من أن يقول لصحفي يسجل عليه أقواله أنه يدين بالفضل للخنجر.. وأنه لم يصل الى الحكم إلا بواسطته وأنه لن يترك الحكم إلا بعد أن يخونه هذا الخنجر نفسه.. إن المجرم هم عندما يجد نفسه وقد تورط.. وقد وقع في الفخ.. يحاول أن ينكر صلته بالعنف ويحاول أن يقدم صورة نظيفة عن نفسه بينما الرئيس اليمني لا يتردد في أن يعلن علاقته الوطيدة.. بالخنجر.. ويتمسك به.. بل ويتباهى بهذا الخنجر المعلّق في حزامه.. ولولا معرفتي بعبد الباري عطوان وثقتي فيه ما صدقت الرواية.. ولقلت إن علي عبد الله صالح أكبر وأنقى من أن يكون من الدمويين.. أما وأني أثق في عبد الباري.. وأمّا أني رأيت كيف يذبح الرئيس اليمني شعبه.. فلقد صدقت.. وآمنت بأن علي عبد الله صالح لا يصلح أن يكون رئيس دولة.. ومكانه ليس على رأس الدولة الدولة وإنما مكانه الطبيعي وموقعه الذيْن يليق به هو البلطجة وسفك الدماء وممارسة الرذيلة بكل أنواعها والعيش مطاردا وملاحقا من طرف القانون وهو للأسف الشديد ما يفعله ولكن من خلال قيادته لدولة..