لا أدعي أنني من هواة كرة القدم . أو أنني أفهم منها شيئا . المرة الأولى الأخيرة التي تعاملت فيها مع هدا الموضوع كان منذ عقود لا أحصيها عندما قرر زملائي المقيمين في القسم الذي كنت أعمل فيه في مستشفى سترازبورغ أن نلعب ضد فريق من قسم آخر. كان خطأ جسيما دفعوا ثمنه لأنني لم أمسس الكرة بقدمي مرة واحدة رغم كل ما جريت . من يومها وأنا في حالة طلاق بالثلاث مع كرة القدم . ومع ذلك أحب فيها الفرح الذي تمنحه للناس ويا ما أثمن لحظات الفرح الجماعي أيا كانت مبرراته . تهاني للمنتخب التونسي والجزائري وشكرا لكل الفرح الذي متعونا به وبالتوفيق في بقية ''الملحمة '' * هذا ما كتبته في '' الرحلة'' مند عشرين سنة (الكتاب الخامس : الآدمية ) وهو على الموقع :moncefmarzouki.com "على الطرف الآخر من المدينة لي موعد آخر مع جحافل خارجة لتوّها من ملعب لن نحمّله وزر بقية الملاعب وسنمتّعه هذه الليلة فقط بالعفو العامّ .تتدافع الجماهير بعد انتهاء مباراة لعبة يسمونها كرة القدم لتفجّر في الشوارع والساحات كل الفرح المطمور داخلها. الدافع سخيف! وهو كذلك. إنها عبقرية الآدميين في صنعهم كل هذا الفرح انطلاقا من حدث تافه يدركون تفاهته كما أدرك. إنها نفس العبقرية التي يظهرونها في توليد أعمق مشاعر التهيب والتقديس من صور وطقوس ساذجة . لألحق بقية الركب أصرخ مع الصارخين. يشجعني جاري على رفع صوت بدا له محتشما ومحرجا. يجب أن أسخن أكثر فلست متعودا على الصراخ في هكذا مواكب. تداهمني سعادة فائقة، لا لمتعة الصراخ وسط هذه الحشود المتدافعة وسط الطريق، وإنما أيضا لغياب من تعودت على وجودهم في الصورة بدروعهم الشفافة وخوذاتهم الحديدية وهراواتهم الموجعة.''