تابعت ككل التونسيين مراسم الجنازة المهيبة للرئيس الباجي قائد السبسي رحمه الله وحفل التأبين الذي أقيم له في قصر الجمهورية بقرطاج، وقد أمن فعاليات هذه الجنازة جيشنا الوطني بكل حرفية ودقة أبهرت كل من تابع وقائعها في داخل البلاد وخارجها، وهي وما صاحبها من تفاعل وتلقائية عبرت عنها مختلف فئات شعبنا التي رابطت لساعات طويلة في يوم شديد الحر أحسن تعبير للإعتراف للرئيس الباجي قائد السبسي رحمه الله بما قدمه لتونس وشعبها من جليل الخدمات في مختلف مراحل مسيرته النضالية من مرحلة تحرير البلاد من ربقة الاستعمار إلى مرحلة بناء الدولة الى مرحلة التغيير إلى مرحلة ما بعد 14جانفي و ماحباه الله به وماخصته به الاقدار الالهية من شرف ارساء دولة المؤسسات والحرية وحقوق الانسان في ظرف دقيق مليء بالتحديات والتجاذبات الداخلية والخارجية وهو ماورد التنويه به من طرف رؤساء الدول الذين شاركوا بكلمات في تابينه... كل ذلك تم على أحسن الوجوه وأتمها وأعطى أجمل الصور عن تونس ودولتها العصرية وشعبها الوفي الذي لم يلزم و لم يرغم على الخروج لتوديع رئيسه وإنما خرج بكل تلقائية نساء ورجالا وشيوخا وشبابا وحتى اطفالا في شبه إجماع إن دل على شيئ فانما يدل على الاعتراف بالجميل والشكر للمحسن ولا تجمع الأمة على ضلالة وصدق الامام احمد بن حنبل حين قال: (بيننا وبينهم الجنائز) والجنائز لايشهدها إلا محّب معترف بالجميل لأن من تشهد جنازته انقطع نفعه مثلما انقطع عمله... ما تمناه كل مخلص ومحب للرئيس الباجي قائد السيسي رحمه الله هو ان لا يُحرم من دعاء وشفاعة تلك الجموع التي خرجت لتوديعه الوداع الأخير وعيونها تذرف الدمع حزنا على فراقه وقلوبها خاشعة متوجهة إلى ربها فيؤدي الكثير منهم صلاة الجنازة ترحما عليه... قد يقال إن المكان الذي وري فيه جثمانه الطاهر لا يتسع لأعداد المشيعين الكبيرة وذلك كان يمكن تلافيه لو نبه القائمون على تنظيم الجنازة إلى الأجر العظيم الذي أعده الله لمن يصلي عليه العدد الكبير من المصلين وكان يمكن أن توضع في البرنامج فقرة لأداء صلاة الجنازة وتكون في ساحة جامع أنس بن مالك (جامع العابدين) عند الخروج من القصر والجامع قريب جدا منه وهومهيأ من كل النواحي لأداء هذا الفرض (صلاة الجنازة) التي وان كانت من فروض الكفاية الا أن الاجر والثواب المنجرعنها كبير لصاحب الجنازة... ثم يستانف الموكب خط سيره إلى مقبرة الزلاج حيث تربة آل السبسي عند مدخل صحن المغارة الشاذلية... ومن المعلوم انه كلما كان عدد من يؤدون صلاة الجنازة أكبر كلما كان الاجر والثواب اعظم فقد ورد في الحديث الشريف الذي رواه مسلم وابوداود واحمد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لايشركون بالله شيئا الا شفعهم الله فيه) ما تابعناه في موكب الدفن من خلال ما نقلته التلفزة ورايناه هو إن عدد الذين أدوا صلاة الجنازة على الفقيد العزيز كان قليلا وقليلا جدا (يعدون على الاصابع) نظرا لضيق المكان (صحن المغارة الشاذلية) ولما تقتضيه الترتيبات والاحتياطات وذلك أمر كان يمكن تلافيه لووجد من ينبه إليه في الابان القائمين على تنظيم الموكب والذين نوجه إليهم تحية شكر...