عاجل: صادم...حكم بالسجن ضد المرأة إلّي حرقت القطاطس..وهذه العقوبة!    Titre    مجلة عالمية تختار تونس ضمن أفضل الوجهات لقضاء رأس السنة..#خبر_عاجل    عاجل/ السفارة الأمريكية بتونس تعلن عن هذا القرار..    كأس إفريقيا لكرة السلة 3X3 : المنتتخب الوطني للكبريات ينتصر على أوغندا    المرصد التونسي الاجتماعي يسجل ارتفاعا في عدد التحركات الاجتماعية إلى غاية شهر نوفمبر الماضي    حندوبة: أكثر من مليون و 400 ألف سائح جزائري توافدوا على الجهة    إحباط محاولة تهريب عملة أجنبية بقيمة 2.8 مليون دينار و14 كغ من الذهب..#خبر_عاجل    لطيفة العرفاوي تصدر كليب"نتفكر"    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    وزارة الشؤون الدينية الجزائرية: الأضرحة والزوايا جزء من هويتنا    عاجل : نبيل معلول يهاجم الطرابلسي بعد بداية مخيبة لنسور قرطاج    40% من التوانسة يستخدمون الخدمات الرقمية    انطلاق توزيع المساعدات المخصصة لمجابهة موجة البرد لفائدة 900 عائلة معوزة بهذه الجهة..#خبر_عاجل    أرعبهم ب"البراكاجات": السجن 20 سنة لمروع سواق "التاكسي"..    الحجز المبكر: الترويج الرقمي خيار إستراتيجي    عاجل: هذا هو موعد الإضراب العام في البلاد    عبير موسي امام القضاء مجددا    جلسة عمل بوزارة الصحة مع وفد من كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية حول تعزيز التكوين الطبي والتعاون الثنائي    هام/ قافلة صحية مجانية بالمدرسة الابتدائية 2 مارس قصر السعيد الثاني..    عاجل: تعرف على تصريحات الطرابلسي بعد مباراة تونس وفلسطين    لذاكرة حادة.. 10 أغذية تحافظ على قوة دماغك..احرص عليها..    كأس العرب: تقييم لاعبي المنتخب الوطني في مواجهة فلسطين    كأس العرب: مواجهة حاسمة بين عُمان والمغرب في المجموعة الثانية    شويا ثوم وطماطم وبرشا بصل...وصفة من دكتورة تونسية    تظاهرة علمية لتسليط الضوء حول التحديات الحالية وآفاق مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية في تونس    حلا شيحة: "القرآن هو السبيل الوحيد للنجاة"    عاجل: ماشي 'للحج'' في 2026..رّد بالك تعمل الحاجة هذه    باش تفهمها مليح: كان شهريتك مليون...الإقتطاع بش يكون 5 دينارات    عام سجناً مع تأجيل التنفيذ لفتاة تواصلت مع خطيبها المنتمي لتنظيم داعش الإرهابي    المنسنتير: المؤتمر الدولي الثاني للتغذية الدقيقة في هذا الموعد    بشرى سارة للحوامل المصابات بالسكري.. تقنية جديدة تعيد الأمل..    عاجل: اليوم.. 18 ولاية تحت اليقظة الصفراء... أمطار، رعد ورياح قوية    قد تتسبّب في فيضان الأودية: قائمة الولايات المعنية بالأمطار اليوم    تواصل البحث عن البحارة المفقودين..ساسي علية يوجه هذا النداء..#خبر_عاجل    رحيل ساحر "مورتال كومبات"    من بعد إيقاف الهجرة من 19 دولة... قرار جديد يشدّد أكثر على المهاجرين    بعد إهانات ترامب.. اعتقال صوماليين في "حملة مينيابوليس"    قرعة كأس العالم 2026: متى تُقام؟ وكيف يمكن متابعتها؟    تحسّن العجز الجاري إلى 1،6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2024    سعيد يفجرها: "البعض ما زال يتوهّم أنّه بإمكانه زرع اعوانه في كل مكان، كلهم مكشوفون.."    مصر.. مرشح يفوز في انتخابات النواب رغم وفاته    فانس يتهم الاتحاد الأوروبي ب"مهاجمة حرية التعبير" بسبب غرامة على "إكس"    خليفة "أبو شباب": سترى حماس الوجوه الحقيقية التي كان يجب أن تراها منذ وقت طويل    تفكيك شبكة دوليّة لترويج المخدرات وحجز 420 كلغ من "الزطلة"    الندوة الصحفية لأيام قرطاج السينمائية..3،8 ملايين دينار ميزانية الدورة 36    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة .. التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة    حفل تقديم الكتاب الجديد للدكتور محمّد العزيز ابن عاشور "المدينة في زمن الباشا بايات" بقصراحمد باي بالمرسى الاحد 7 ديسمبر 2025    جائزة البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية : يوم 31 ديسمبر آخر أجل للترشح للدورة الثانية    تفاصيل برنامج الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية..    تشكيلة المنتخب التونسي في مواجهة فلسطين..#خبر_عاجل    توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة تونس المنار والشبكة العربية للإبداع والابتكار    هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية تفتح مناظرة لإنتداب 90 عون وإطار    كل الأنظار تتجه غدا نحو واشنطن: المنتخب التونسي يتعرف على منافسيه في المونديال    عاجل: رياح تتعدّى 70 كلم/س... وإشعار بالاحتياط للسواحل والمرتفعات    قابس: البحث عن 3 بحارة غرق مركبهم بالصخيرة بعد ان انطلق من قابس    بعد صدمة وفاة ابنها.. شوفوا شنوا صاير لفيروز والشائعات اللي تحوم عليها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد المحسن يكتب لكم : حين ترقص تونس على إيقاعات الإستحقاقات الإنتخابية القادمة
نشر في الصريح يوم 03 - 08 - 2019

دماء غزيرة أريقت من أجساد شبابية غضة في سبيل أن تتحرّر تونس من عقال الإستبداد الذي إكتوت بلهيبه عبر عقدين ونيف من الزمن الجائر..
و من هنا،لا أحد بإمكانه أن -يزايد-على مهر الحرية الذي دفعت البراعم الشبابية أرواحها ثمنا له،ولا أحد كذلك يستطيع الجزم بأنّ ما تحقّق في تونس من إنجاز تاريخي عظيم تمثّل في سقوط نظام مستبد جائر،إنما هو من إنجازه..لا أحد إطلاقا..فكلنا تابعنا المشاهد الجنائزية التي كانت تنقلها الفضائيات في خضم المد الثوري الذي أطاح -كما أسلفت- برأس النظام مضرجا بالعار، ومنح الشعب التونسي تذكرة العبور إلى ربيع الحرية..تلك المشاهد الجنائزية كان ينضح من شقوقها نسيم الشباب..شباب وضع حدا لهزائمنا المتعاقبة،قطع مع كل أشكال الغبن والإستبداد، خلخل حسابات المنطق ،جسّد هزّة عنيفة مخلخلة للوعي المخَدّر والمستَلب، وصنع بالتالي بدمائه الطاهرة إشراقات ثورية قدر الطغاة فيها هو الهزيمة والإندحار..
واليوم..
يرغب التونسيون اليوم،في أن تكون دولتهم الجديدة مكملة لتاريخهم و تقطع بالتالي مع سلبيات الماضي وتحمي المكتسبات وأولها الدولة ذاتها كمنجز تاريخي لا غنى عنه،وبذلك يؤسسون لدولة مدنية ذات سيادة تصون الحريات وتنشر العدل وتحفظ كرامة الإنسان وتنبذ في الآن ذاته العنف مهما كان مآتاه..
قلت يرفض التونسيون كل أشكال العنف وينتصرون بإرادة فذّة للدولة المدنية التي-كما أسلفت- ترعى شؤون الدين والدنيا وتدفع في اتجاه تكريس العدالة،المساواة وحقوق الإنسان،ومن هذا المنطلق كان تصويتهم في الإنتخابات التشريعية الماضية تتويجا للحراك الثوري الذي عاشوه وعايشوه منذ انبلاج فجر الثورة التونسية المجيدة في الرابع عشر من شهر جانفي 2011 دفاعا مستميتا عن مكتسبات الثورة،عن الوجود،وعن الحرية،وعن المدنية والمساواة في تجلياتها الواعدة..
لقد أراد التونسيون من خلال تصويتهم المدني أن يعطوا مثالا للعالم أن الديمقراطية التي يريدون ممكنة وأساسها بناء مؤسسات الدولة الجديدة على قاعدة ثابتة يرعاها دستور مدني وتداول سلمي على السلطة..وهذا ليس عجيبا،فمن بين مكاسب التونسيين بعد الثورة صوغهم دستوراً ديمقراطياً توافقياً، وتمتعهم بحرية التعبير، واختيارهم حكّامهم في تمام الحريّة.
ومن هنا،كانت كذلك الانتخابات الرئاسية،في دورها الأول (23 نوفمبر 2014) فرصة تاريخية جاءت لتكرّس منطق سيادة الشعب نفسه،وامتلاكه الإرادة في اختيار مَن يريد من المرشحين ال27 ليتولى مهمة قيادة الجمهورية،وقد شارك المواطنون بكثافة في ذاك الاستحقاق الانتخابي (62.9٪ من مجموع الناخبين). وجاءت النتائج على غير العادة مخبرة بعدم استئثار مرشح بعينه بأغلبية الأصوات،فقد ولّى عهد الرئيس الفائز بما يزيد على 90%،وأصبح التونسيون أحرارا في اختيار مَن يقودهم في المرحلة المقبلة..ايمانا منهم بالتعددية بديلا عن الأحادية المقيتة..
ما أريد أقول؟
أردت القول أنّ مشهدنا السياسي في ثوبه الجديد غدا منفتحا على تغيرات نوعية سواء في مستوى الفاعلين الجدد أو في مستوى الأساليب والخطاب والمرجعيات الفكرية والسياسية،ومن هنا لم تعد العقائد دينية كانت أو قومية أو مذهبية طبقية قادرة على صياغة المشروع السياسي الذي يؤطر المجتمعات ويحمسها،سيما وأنّ الثورة التونسية أفرزت جيلا جديدا من الناشطين في المجال المدني،قادرا على حماية ثورته والسمو بها عن كل مظاهر الإرتداد و الترجرج..وقد أثبت هذا الجيل الشبابي مهارة عالية أثناء اشرافه على شفافية ونزاهة العملية الإنتخابية..
وما على الأحزاب السياسية التي تناسلت بعد الثورة وتضخّم عددها إلا أن تتكيّف مع المشهد السياسي الجديد وتنفتح على المجتمع وتتفاعل معه وتصبح مدارس للكفاءات السياسية،بما من شأنه أن يجعلها في مستوى انتظارات الشعب المتعطّش للتحرّر والإنعتاق،وإلا سوف تصاب بالوهن والتكلّس وتجد نفسها خارج –دائرة التاريخ لتونس الحديثة- تدفعها نزعات انتهازية صوب مهاوي الإندثار كما حصل لبعض الأحزاب السياسية التي لم يشفع لها رصيدها النضالي،وتهاوت مثخنة بالإحباط والفشل..
وهنا أضيف: إنّ التونسيين من الجنوب إلى الشمال يرفضون بشكل قاطع إثارة النعرات الجهوية وتقسيم البلاد،وتهديد السلم الاجتماعي،ونسف المسار الديمقراطي،ولم يعودوا بالتالي يقبلون الوصاية على عقولهم،والاختيار بدلاً عنهم،والعمل على تنميط سلوكهم الانتخابي..
على هذا الأساس بالتحديد،بات لزاما على السياسيين أن يرتقوا إلى مستوى طموحات الشعب،ويحترموا حقه في اختيار الرئيس الذي يريد،ذلك أنّ منطق الإقصاء والإقصاء المضاد لا يخدم مطلب التعايش الديمقراطي،بل يهدّد بنسف الوحدة الوطنية،والانزياح عن التنافس السلمي عن السلطة إلى التعصب الشخصاني،أو الحزبي،أو الجهوي..والأهم لمن يريد الفوز برئاسة تونس في الإنتخابات القادمة على مهل-سبتمبر (2019)،أن يبعث رسائل لغوية مطمئنة إلى الناس،ويظهر في صورة الرئيس الذي يجمع ولا يفرّق،يجمع المواطنين تحت راية الوطن،وراية الحرية،وحق التنوّع و الإختلاف،وينأى بخطابه الإنتخابي عن الزعامتية الواهمة،وادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة..
بخصوص -دعاة الثورية المطلقة- ممن يخوّنون غيرهم ويدفعون في اتجاه تغليب النقل على العقل والفتق على الرتق،فما عليهم إلا أن ينهمكوا في النقد الذاتي وينظروا جيدا في مرآة الحقيقة حتى يتسنى لهم معرفة حجمهم الحقيقي،ومن ثم يريحون أنفسهم من مشقة البحث عن -وسام ثوري-لن يحصلوا عليه طالما ظلت الثورات وفية لصانعيها..؟..
أما فيما يتعلّق بالتطرّف بكل تمظهراته اللغوية،والسلوكية والفكرية والأيديولوجية والإرهابية،فبالرغم من كونه وجد بيئة تحتضنه وترعاه،إلا أنّه يتعرّض في المقابل إلى صد شعبي قوي من قبل كافة مكونات المجتمع المدني ما يكسب المعركة ويعيد البلاد إلى مسارها الطبيعي..ويكفي أن نستدل بقولنا هذا على -الفاطميين ذوي المذهب الإسماعيلي المتطرّف الذين حكموا بلادنا طيلة ثلاث وستين سنة(من سنة 909 إلى سنة 972) ولم يتركوا وراءهم اسماعيليا واحدا،مما يعني قدرة تونس المذهلة على مقاومة التطرف والمتطرفين من جميع المذاهب-..
هل بقي لديَّ ما أضيف..؟
قد لا أضيف جديدا إذا قلت أن السلطتين التشريعية والتنفيذية المنبثقتين عن الإنتخابات السابقة مطالبتان بإحترام مقتضيات الدستور والمؤسسات الدستورية للتأسيس لنظام جمهوري ديموقراطي تشاركي يستجيب لإستحقاقات المرحلة ويضمن بالتالي علوية القانون ويحترم الحريات وحقوق الإنسان واستقلال القضاء..
وهنا أختم: ثورة الكرامة بمعناها النبيل لدى شعب أوغل ليله في الدياجير،تعني الفعل الذي لا يقف عند حدود الكلام والنوايا،إنّما هي فعلُ وجود يصرخ أمام كل العالم بأنّ القهر غير مقبول وبأنّ الحرية والعدالة مبدآن لا يمكن التخلي عنهما مهما تصاعد في أعالي السماء دخان الخوف والتخويف..وأوغل-البعض منا-في زرع بذور الفتنة والإنقسام..فثورتنا المجيدة ستظل ثابتة ثبوت الرواسي أمام العواصف،ولن تحيد عن مسارها الصحيح،ولن تنحرف بأهدافها النبيلة عن الخط الذي رسمه الشهداء باللون الأحمر القرمزي..
ويذهب في الأخير الخطاب السياسي المتشنّج جفاء..وما ينفع التونسيين يمكث في الأرض..
..وتظل الحرية صراعا لا ينتهي.
ولن تنحني تونس ولا شعبها.
لست أحلم
ولكنّه الإيمان،الأكثر دقّة في لحظات الوعي الثوري الخلاّق،من حسابات المتطلعين للإستيلاء.. والطامحين في العلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.