رئيس الدّولة يشدّد على ضرورة إيجاد حلول لتمويل الصناديق الاجتماعية حتى تقوم بدورها على الوجه المطلوب    في ظل الصيد العشوائي وغياب الرقابة .. الثروة السمكية تتراجع !    بورتريه ...وفاء الطبوبي لبؤة المسرح العربي    الواعري مُرشحة لجائزة الشخصية العربية في اختصاص الشطرنج    خطبة الجمعة .. إنما المؤمنون إخوة ...    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون    بعد تعافيه من أزمته الصحية: تامر حسني يستعد لأولى حفلاته    المسرحية المغربية "هم" لأسماء الهوري: صرخة الإنسان المخفية في مواجهة انهياراته الداخلية    فرنسا: فرار محتجزين اثنين من السجن باستخدام منشار وملاءات    نجاة الصغيرة تظهر من جديد.. هكذا أطلّت    كتاب جديد للمولدي قسومي: الانتقال المجتمعي المعطّل ... بحثٌ في عوائق الاجتماع السياسي التونسي    نابل: مشاركون في الاجتماع ال 29 لهيئة الاحصاءات الزراعية بإفريقيا يطّلعون على مراحل إنتاج زيت الزيتون البيولوجي ببوعرقوب    قضية هنشير الشعال .. الإفراج عن سمير بالطيّب وآخرين    عاجل: البرتغال بطلاً للعالم تحت 17 سنة    المنتخب التونسي لكرة السلة يفتتح تصفيات كأس العالم 2027 بفوز ثمين على نيجيريا 88-78    أوتيك .. شبكة تزوّر العملة التونسية    التخفيض في العقوبة السجنية في حقّ النقابي الصنكي الأسودي إلى 6 سنوات    الإفراج عن سنية الدهماني بسراح شرطي    تطوير التعاون التكنولوجي والطاقي التونسي الإيطالي من خلال "منطقة تارنا للابتكار"    كأس التحدّي العربي للكرة الطائرة: البرنامج الكامل للمباريات    القيروان إفتتاح الدورة 5 الصالون الجهوي لنوادي الفنون التشكيلية و البصرية بدور الثقافة    الليلة: من الشمال للعاصمة حالة غير مستقرّة تستحق الحذر    4 خرافات متداولة عن جرثومة المعدة.. علاش تتكرر الإصابة؟    مرضت بالقريب.. شنوا الماكلة اللي تبعد عليها؟    غريب: بعد شهر واحد من الزواج رجل يخسر فلوسو الكل    فيزا فرنسا 2025: مشاكل، احتيال، وما يجب على كل تونسي معرفته    سنويّا: تسجيل 3000 إصابة بسرطان الرئة في تونس    أبطال إفريقيا: الكشف عن هوية حكم بيترو أتلتيكو الأنغولي والترجي الرياضي    اسبانيا : مبابي يعادل رقم رونالدو وبوشكاش ودي ستيفانو مع ريال مدريد    مونديال السيدات لكرة اليد: المنتخب الوطني يشد الرحال الى هولندا    ولاية سوسة: نحوإعادة تشغيل الخط الحديدي القلعة الصغرى – القيروان    هذا السبت: التوانسة يتوقّفون عن الشراء!    عاجل: وزارة الصحة تنبهك ...أعراض التسمم من الغاز القاتل شوف العلامات قبل ما يفوت الفوت    عاجل: البنك الدولي يتوقع انتعاش الاقتصاد التونسي و هذه التفاصيل    المرصد الوطني لسلامة المرور يدعو مستعملي الطريق الى التقيد بجملة من الاجراءات في ظل التقلبات الجوية    تونس تعزّز تشخيص سرطان الثدي بتقنيات التلّسَنولوجيا والذكاء الاصطناعي...شنوّا الحكاية وكيفاش؟    وزارة النقل: اقرار خطة تشاركية تمكن من الانطلاق الفعلي في مزيد تنشيط المطارات الداخلية    وزارة البيئة: تركيز 850 نقطة اضاءة مقتصدة للطاقة بمدينة القيروان    الحماية المدنية : 501 تدخلات خلال 24 ساعة الماضية    سريلانكا.. مصرع 20 شخصا وفقدان 14 بسبب الأمطار الغزيرة    حظر للتجول واقتحامات.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في طوباس    الأولمبي الباجي: نجم الفريق يخضع لتدخل جراحي .. وهذه مدة غيابه عن الملاعب    عاجل: معهد الرصد الجوي يعلن اليقظة الصفراء في عدة الولايات    عاجل : لسعد الدريدي مدربًا جديدًا للملعب التونسي    البنك المركزي التونسي يعزّز شراكته مع البنك الإفريقي للتصدير والتوريد من أجل فتح آفاق تعاون أوسع داخل إفريقيا    الجمهور يتأثر: الإعلامية المصرية هبة الزياد رحلت عن عالمنا    تهديد إعلامية مصرية قبل وفاتها.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياتها    محرز الغنوشي يُبشر: ''ثلوج ممكنة بالمرتفعات والاجواء باردة''    وكالة المخابرات المركزية الأمريكية: مطلق النار في واشنطن عمل لصالحنا في أفغانستان    زلزال بقوة 6.6 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    حريق هونغ كونغ.. 44 قتيلا واكثر من 200 مفقود    عاجل/ وفاة مسترابة لمحامية داخل منزلها: تطورات جديدة في القضية..    الأجواء الباردة والممطرة تتواصل هذه الليلة..    ارتفاع عدد وفيات فيروس ماربورغ في إثيوبيا    طقس اليوم: أمطار غزيرة والحرارة في انخفاض    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد المحسن يكتب لكم : تموقعات الإعلام العربي.. في ظل الإختراق الإعلامي الغربي
نشر في الصريح يوم 22 - 08 - 2019

هل بإمكاننا الإرتقاء بالخطاب الإعلامي العربي إلى مستوى التحديات التي أفرزها الراهن الإعلامي الكوني،والسموّ به إلى مرتبة الوعي والمسؤولية؟أم إنّنا مازلنا نتمترس خلف خطوط الإنكسار ويخضع تبعا لذلك-واقعنا الإعلامي-لضغوط سياسية وإقتصادية تمارس للتضييق على الصحافة وللحد من مقدار الحرية التي تتنفّس من خلالها؟..هل بوسعنا الآن..وهنا،ونحن نلج ألفية ثالثة ونصافح قرنا جديدا تفعيل وسائل الإعلام وتحريرها بما من شأنه أن يخدم الإحتياجات الفعلية للمجتمعات العربية ويبلور دورها الإيجابي في خدمة الأهداف القومية والوطنية والإنمائية؟..أم أنّنا لم نستسغ بعد الدّور الحقيقي للإعلام الهادف ونتجاهل أهميته في معالجة مشاكلنا وقضايانا !؟
..إنّ أمريكا ومن ورائها إسرائيل تحاربنا بجيش إعلامي يستهدف إقتلاع جذور الهوية القومية العربية من أعمق نفوسنا،بل ويستهدف إرباك العقل العربي وتركيعه خارج-تخومنا-بما يعني أنّ الولايات المتحدة والغرب كلّه في صفها يحاربنا بجيوش إعلامية تتماهى بأشكال مختلفة مع تداعيات الراهن العربي،وتصوغه في الأخير حسب أهدافها ووفقا لما يجسّد-حضورها-الدائم داخل البيت العربي..ومن هنا فالإعلام القطري وفي ظل هذه-الإختراقات-الغربية،ومهما تناغم مع الحس القومي لا يحقّق في جوهره الوعي المراد،وهذا يعني أنّنا على الصعيد العربي وعلى صعيد جامعة الدول العربية نحتاج إلى ثورة إعلامية هادفة،تؤسّس لإشراقات عربية،وتدرك جسامة المرحلة التاريخية التي يجتازها الفكر العربي بحسّه القومي الآخذ في الإنحسار والتراجع،وذلك بما من شأنه أن يرقى بالإعلام إلى درجة قصوى من الأهمية،لا بإعتباره جزءا تقليديا من مهام الدّولة،أي دولة،بل بإعتباره جيشا حقيقيا يقاتل بجسارة في أعتى معارك الغدر ضراوة،وعليه فقد بات واضحا أنّ سلطة الإعلام ووسائل الترفيه على العقل لا تحتاج إلى إثبات وبالتالي فالرسائل العنصرية التّي تبثّها بعض القنوات أخطر بكثير من الهجوم المباشر لأنّه لا يتمّ الإنتباه لها،وترسّخ بالتكرار،مما يزيد من صعوبة تغييرها.فكيف نواجهها؟..وهل ينبغي أن نقف أمام سؤال:هل تقصد هذه القنوات الإساءة إلى العرب وخدمة إسرائيل؟أم علينا تطويره إلى ما الذي يجب أن نفعله لتطوير المنتج الثقافي المنافس لما تقدّمه؟ولذا،فمواجهة الإختراق الإعلامي الكوني لا تتم عن طريق المقاطعة،لكن عن طريق تطوّر عناصر-الثقافة-الخاصة بنا وبالتخلّص التدريجي من الحيز الذي تملأه الشركات الغربية في إعلامنا..
إنّ الغزو الإعلامي الغربي لا هدف له غير اكتساح العقل العربي،وتربية الوجدان العربي،وبالتالي،تطويع الفكر والشعور العربي وفقا لما تحتاجه الإستراتيجية السياسية المرتبطة بتخطيط قادم من واشنطن أو غيرها من العواصم الغربية التي مازالت تحنّ لإستعمار من نوع جديد،وعليه فإعلامنا العربي،وفي حربه المضادة،مطالب باليقظة والدرجة القصوى من الإستعداد للحرب بما يجعله يلتفّ حول القضايا العربية الكبرى،ويدرك أنّ الإعلام الغربي ليس”بريئا”في مخططاته بإعتباره يؤسّس للإستعمار ولتهميش صورة العنصر العربي الفلسطيني وإبتداع صورة لنا وفقا لما يريده حتى ننتهي بالإعتقاد أنّها صورتنا،وهذا يعني أنّه يحمل في طيّاته أفكارا ايديولوجية تهدف بالأساس إلى مضاعفة غربتنا وتكريس استلابنا الحضاري،ولمَ لا،تبرئة الجلاّد وإدانة الضحية!فالصحف مثلا،التي تصدر في الولايات المتحدة لا تشير في إفتتاحياتها ولو بقدر ضئيل إلى مأساة الشعب الفلسطيني في ظل الإستعمار الإسرائيلي الغادر،بقدر ما تنحاز بتواطؤ سافر للعدوّ الصهيوني،كما أنّ التقارير الغربية التي تصاغ في عواصم الدول الكبرى ما فتئت تلفت الإنتباه إلى عبارات مثل(إسرائيل..مرّة أخرى تشعر بالعزلة والوقوع تحت الحصار)!!( الجنود الإسرائيليون الذين يتعرّضون لهجمات-إرهابية-)!!..(إسرائيل-تتنازل عن الأرض أمام تصاعد حدّة العنف الفلسطيني)!!وهذه كلّها صياغات متحيّزة بشكل-عار-للكيان الصهيوني بإعتبارها تطمس حقائق الإحتلال وعدم التوازن العسكري،هذا بالإضافة إلى ما يبثّه-التلفزيون الأمريكي-من برامج تطمس بدورها حقيقة ما يجري داخل الأراضي المحتلة:”ففي 12 نوفمبر من العام2000 عرض واحد من أشهر البرامج في التلفزيون الأمريكي..سلسلة من الحلقات التي يبدو أنّها أُعدّت خصيصا لكي تسمح للجيش الإسرائيلي بالبرهنة على أنّ إغتيال الشهيد محمد جمال الدرّة”12سنة”أيقونة المعاناة الفلسطينية،إنّما تمّ على مسرح الأحداث بيد السلطة الفلسطينية”(1)!!..هذا يعني وحسب مزاعم-البرنامج-أنّ السلطة الفلسطينية قد تعمّدت أن تضع والد الطفل في مواجهة نيران المدافع الإسرائيلية”التّي هي في حالة مواجهة ودفاع”!!
وإذن؟
إذا كان لا بد من تزويد العقل العربي بالمعلومات الدقيقة بإعتبارها تمثّل العدوّ الأكبر للقهر والظلم،سواء فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية أو بغيرها من القضايا وذلك بإعتماد إعلام وطني نزيه يؤسّس للذات العربية وينبّه لما حدث ولما يحدث بالقدر الذي يجعلنا بمنأى عن التنميط الثقافي-والإعلامي-المعولم،ومن هنا فإنّ الحاجة تدعونا إلى وضع تخطيط إعلامي على المستوى العربي يتوافق مع إرادة الأقطار العربية ويكون نابعا من التخطيط الإقتصادي والإجتماعي والسياسي على مستوى الجامعة العربية ومنظماتها،وهو أمر يبدو في ظل المستجدات الإقليمية والدولية من أوكد المسائل،لما له من أهمية في قضية الصراع العربي-الإسرائيلي التي ظلّت حتى اليوم مفتقرة إلى تخطيط إعلامي بعيد المدى على المستوى العربي.

الهوامش:
1-)عن الدكتور الراحل-إدوارد سعيد-صحيفة-أخبار الأدب-العدد 392(بتصرف).
-كاتب صحفي وعضو بإتحاد الكتاب التونسيين-


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.