ونحن على أيام قليلة من إعلان أسماء المترشحين رسمياً للانتخابات الرئاسية يُودع أحدهم السجن. ومن هو؟ أكثرهم تفوقاً في نتائج سبر الآراء وأكثرهم جدلاً حول عِرْضه القضائي - إذا صح التعبير - ما قد يؤهله لغير الترشح إذا صدر حكم واحد بات من بين حشْد القضايا الجارية بحقه. فماذا يحدث إذا رفع الإيقاف عنه قبل يوم؟ يخرج من غده لخوض الحملة الانتخابية كغيره من المترشحين. ألا تكون حملته قد تضخمت دونهم بسبب ذلك الايقاف الحادث في ذلك التوقيت، ويحسُده أصحاب المراتب المتقدمة في النتائج لهذا المنصب، وهو المُحَسّد من أغلبهم بوصفه رجل المال والأعمال والإعلام الأقوى، فيطعنون في فوزه؟ ومع غياب المحكمة الدستورية يصعب تصور إذعان الجميع للهيئات الدستورية وقراراتها دون رد فعل غاضب واحتمال تأويل ما حصل، بالفعل القاهر لتغيير مجرى الأحداث، كالاغتيال السياسي في الأزمات الحادة، ونحن في انتخابات سابقة لأوانها قبل شهور قليلة من انتهاء العُهدة. ألا نخرج بانطباع بأن المشكل ليس بأن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"؛ وإدانته تثبت أو لا تثبت بعد محاكمة عادلة مهما تأخذ من الوقت لاستيفاء أطوار التقاضي، ولكن المشكل أننا نطبق الجنسية على كل مواطن عادي ونطبق البراءة على كل مواطن عادي ولا نستثني من ذلك المترشح لمنصب رئيس الجمهورية؟ بحيث بإمكانه أن يتعهد بعد الفوز بالتخلي عن جنسيته الثانية، وبإمكانه قياساً على ذلك أن يتمتع بالحصانة الرئاسية ليسلم من كل تتبع، وتصبح الحصانة الرئاسية كالحصانة البرلمانية امتيازات لتولّي السلطة لا لتحصين السلطة من ذئابها. تونس في 26 أوت 2019