مضى قرن كامل اليوم على ما عرف اعتباطاً بسقوط الخلافة في الأستانة حتى هرع الناس في سائر الأرض الى الدعاء الى الله بعودتها كما كانت بعد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، لعلمهم بأن الله تعالى إنما يحجب نعمه عن أمته ليمتحن أقوامها بما فرّطوا من شؤون دينهم، (...)
ابتداء يعتقد الجميع أن الأزمة السياسية في تونس هي أزمة دستورية، ومن يقول دستورية لا يعدو الحقيقة إذا قال إنها دستورية بامتياز، وهو يقصد أنها لأول مرة تظهر فيها الجوانب الأخلاقية والدينية للدستور، بتركيزها على موضوع الثقة والقسم أساساً ونظافة اليد (...)
إن بلادنا تنوء تحت الديون الأجنبية ولا مفرّ من تدخل أجنبي في شؤونها بما هو أكثر من إلزامات المنظومات المالية والضغوط الدبلوماسية التي لا يمر يوم دون أن نلمس آثارها بالمخفي وبالمكشوف. ونرى لبنان وما يحصل فيه كمثال وليس مثالاً وحيداً.
والمؤشرات تتظافر (...)
روي أن ملكاً من ملوك الحيرة كان له صنمٌ، يسجد له ويعظِّمه، فسنّ أنّه من لم يسجد له قُتل، فأقام بذلك بُرهة من الزمان لا يمرّ به أحدٌ صغير ولا كبير إلّا سجد له، فصار ذلك سنة لازمة وأمراً كالشريعة أو الفريضة. فإذا قُدّم من لم يسجد للقتل حُكِّم في (...)
لنا في تونس سابقات بالدستور، والخلافة نفسها التي كنا تابعينا لها سقطت بالدستور الذي كونته، في الأول تحت الضغط الأجنبي للتدخل في شؤونها عن طريق الأقليات التي تعيش فيها وولاؤها للخارج، ثم الدستور الثاني الذي ألزمتها به قوى المعارضة الليبرالية التي (...)
مواقف الأطراف في الأزمة الحالية بين البرلمان والرئاسة حول الحكومة المعلقة دون إمضاء التحوير الأخير عليها لأسباب إجرائية دستورية الى حد ما، هذه المواقف قد تُرى مجرد ذرائع حتى لا نقول واهية، لها خلفيات متنوعة. سياسية واقتصادية وأخلاقية ودينية وعسكرية (...)
سياق الأحداث يوحي بأنّ الرئاسة، كجهاز تنفيذي أعلى في سلطات الدولة، لها أن تُظافر جهودَها مع الحكومة ذات الثقة الممنوحة أصلاً من البرلمان قبل التحوير الأخير المعطل، لإحكام القبضة على الاوضاع المتفجرة في البلاد والسيطرة على زمام الأمور، في ظل تنازع (...)
القضاء لا يقضي لجهة ضد جهة إلا مجازاً وإنما يقضي بالعدل، فتَشعر كل جهة بالارتياح لأنها كانت مظلومة أو متظلمة عن غير حق. حتى قال الله تعالى (ولن تعدلوا). وهي حكمة جوهرية، لأن المقاييس في الكون، والعدل مقياسٌ، ليست مطلقة الصحة والدقة بل هي نسبية. ومنه (...)
ما وصلنا اليه اليوم بعد عشر سنوات من الثورة وصلنا اليه بسبب إسقاط نظام رئاسي مطلق، كان يحكمنا تحت مسمى نظام جمهوري ديمقراطي دستوري مقيّد بسلطات ثلاث مستقلة وبرلمان ذي غرفتين ومحكمة دستورية، وكلها مؤسسات صورية.
وهو نظام موروث عن نظام سابق بنفس الاسم (...)
عملاً بوصية والده المدونة في ذيل مذكراته نشر الدكتور عبد الرحمان الأدغم منذ سنة مذكرات والده المرحوم الباهي الأدغم كاتب الدولة للرئاسة والدفاع الوطني لمدة بورقيبة الأولى في الحكم، تشبهاً بالنظام الرئاسي الأمريكي قبل الانكفاء بعد أزمة بن صالح (...)
نشر صديقنا الأستاذ الطاهر بوسمة الغني عن التعريف كلاماً نسبه كلّه الى الجنرال خير الدين وختمه بقوله «انتهى المنقول من الكتاب».
وهذا الكلام الذي ساقه من الكتاب دون فواصل دقيقة وعناوين فرعية كما جاء في نشرته التي اعتمدها تُوهم بأنه من أوّله الى آخره (...)
كتاب «ثقافة القرآن» الذي أصدرته مؤسسة بيت الحكمة، في سنة 2005 لرئيسها آنذاك الأستاذ عبد الوهاب بوحديية ولقِي في الحين نقداً من جانبنا في مقالات ثلاث نشرت أولاً بالصحافة، في عدد من جرائدنا الوطنية، ثم نشرت مجموعة في كتاب في العام نفسه، وظهر بحجم (...)
مصدوم لمدرّس الحرية في بلاده وغير مصدوم لرسول الإسلام! هذا ماكرون، يعيد نفسه على الأسماع في حديثه أخيراً عبر قناة الجزيرة الى المسلمين، لرفع الالتباس من أذهانهم بزعمه من موقفه الأول، والرجوع عن مقاطعتهم اقتصادَ بلاده، متهماً إياهم بسوء الفهم له عن (...)
الحدث الذي زلزل فرنسا أخيراً ألقى بظلاله القاتمة على العالم الإسلامي، لأن الشكوى مما يسمى في أوروبا والغرب عموماً بالإرهاب الإسلامي وصل الى أعلى درجاته بعد هذه الحادثة. وينبئ باستفحال الصراع بين الأنظمة القائمة وبين تفشي الإسلام السياسي كما يسمونه (...)
بعد انقضاء أجل العام الذي منحه الدستور لقيام المحكمة الدستورية ولم تنشأ في بحره، ندخل العام السادس ونظامنا شاغر من هذه المحكمة المنتظرة، التي بدونها لا نظام متكامل ولا استقرار كما نشاهد، ولا تقدم.
وكأنه لا وزر يترتب على هيئة من الهيئات المسؤولة بسبب (...)
يجدنا رمضان المعظم في هذا العام في تباعد اجتماعي مفروض علينا من دولتنا، التي تضع في مقدمة أولوياتها صحة المواطن، حتى أن بعض المتكلمين باسمها نسوا أنهم في دولة إسلامية وأن حرمة الدين التي يولي الدستور التنصيص عليها، توجب عليهم مخاطبة المؤمنين (...)
عندما أطلق الرئيس الفرنسي ماكرون إعلان الحرب في قولته الشهيرة نحن في حرب لا على جيوش ولا على دولة ولكن على فيروس، لم يفعل سوى أنه شابه الحالة بالحالة.
لأن الوباء هو عدو في ذهنه، وربما في ذهن الكثيرين من زعماء العالم المستقوين بسلاحهم النووي الرادع، (...)
بجب أن يشكر المسيو ماكرون، رئيس جمهورية فرنسا على إسقاط ديون بلاده على من سماهم جيرانه الأفارقة، في هذه الأزمة بالكورونا التي تعم الجميع دون تمييز، اعتقاداً منه كما قال بأن الربح دونهم غير ممكن.
إذ من موقعه في قمة اتحاد الدول الأوروبية، التي لم (...)
في دستورنا فصول منطوقها الصحة حق لكل إنسان.. وتضمن الدولة الوقاية والرعاية الصحية وتوفير الامكانيات الضرورية للسلامة وجودة الخدمات الصحية، والمساهمة في سلامة المناخ والبيئة وتوفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على كل تلوث بيئي.
ولكن لا تضمن شهيد العدوى (...)
كنت انظر في هذه الأيام في بعض كتبي التي حققت نصها المخطوط، وكان ضائعاً أو اختفى من خزائن جامع الزيتونة في القرن قبل الماضي، بعد أن نشر المستشرق الفرنسي شربنو قسماً بآخره عن ولاة العباسيين بإفريقية وأمراء دولة الأغالبة.
وهذا المخطوط كان منسوباً (...)
الكورونا، هذا الكوفيد-19 الذي أذهل الأوروبيين وقوعه ببلدانهم، أرجعت وزيرة الصحة الفرنسية سابقاً، روزلين باشلو، سببه الى خطئهم الأكبر بأن الأوبئة لم يعد لها مكان بأوروبا وإنما بالخارج في إفريقيا، كالايبولا وغيره، وقدرتهم على معالجتها هناك والتصدي لها (...)
يحضرني بمناسبة تطابق أسماء بعض الشخصيات العامة مع أسماء بعض الماضين في عالم السياسة، كيف يكون التصرف في هذا الميدان للتمييز بين أحدهما والآخر، خاصة إذا كان أحدهما في الذاكرة قوي الحضور والايحاء برمزية معينة والآخر وإن كان غير معاصر له ولكن كالمزاحم (...)
ما أحوجنا في هذه الأيام من الحصار الصحي بفيروس كورونا الى علم بمقياس ما كانت كان سائداً في حضارتنا أيام ازدهارها، بفضل ما استورثته من آداب الأمم السابقة الى جانب آداب العرب، لامتلاك ناصية العلم والدين والسلوك الفاضل، كما نقرأه في هذا النص الفريد (...)
تعظيم الخطر بالوباء أمر متعين، لا من باب التهويل والتسليم الأعمى وإنما من باب دفع الأذى عن النفس واتخاذ الأهبة والتحسب للضرر، كتوقع الزلازل والطوفان. والمرء الذي يستهين بحياته كمن قتل الناس جميعاً، لأنه بتعريفه إنسان اجتماعي بالطبع.
ولم يبالغ السيد (...)
نسأل الله تعالى السلامة للجميع من هذا الطاعون الحادث في الصين وبعض دول آسيا على حين غرة من الأطباء والعلماء، لمواجهته باللقاحات المعهودة لجميع الأمراض والأوبئة المعروفة.
هذا الداء القاتل - عافانا وعافاكم الله - هو شيء مما يصيب البشر، من أزمات في هذه (...)