حمدي حشّاد: تونس تحت موجة حر متأخرة    عاجل: للتوانسة... ديوان الافتاء يحدد مقدار زكاة الزيتون والتمر لسنة 1447 ه    عاجل/ تحديد قيمة زكاة الزيتون والتمر    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الصهيوني على غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ اتحاد الفلاحة يحذّر التونسيين من استهلاك هذه المادة..    مفتي الجمهورية يعلن عن مقدار زكاة الزيتون والتمر وسائر الثمار    تونس تشارك في بطولة العالم للشبان لكرة الطاولة برومانيا    اتّحاد الفلاحة يطالب بتخفيض أسعار الأجبان لحماية صحة المواطن    قبلي: المجمع المهني المشترك للتمور يضع مخازن تبريده على ذمة الراغبين في تخزين محاصيلهم    زغوان: تخصيص اعتماد بقيمة 17 مليون دينار لتهذيب 3 محطات لمعالجة المياه المستعملة وتجديد تجهيزاتها    المنتخب الوطني للأصاغر والأواسط للتايكواندو يتحوّل الى الدوحة    9% من التوانسة مصابين بأمراض الكلى    أزمة صحية عالمية.. انفجار في معدلات ارتفاع ضغط الدم بين الأطفال    منهم إيوان والأخرس وهالة صدقي.. ألمع النجوم المرشحين لنيل جائزة نجوم تونس    ميزانية أملاك الدولة 2026 ترتفع إلى 94 مليون دينار.. أين ستذهب الأموال؟    عاجل/ السجن لموظف بقباضة استولى على 20 ألف دينار..وهذه التفاصيل..    وزارة السياحة تحذر المعتمرين من التعامل مع مكاتب أو أفراد غير مرخصين لتنظيم العمرة    غوغل تحذر مستخدمي أندرويد من تطبيقات VPN مزيفة تهدد بياناتهم المالية والشخصية    انطلاق مناقشة مشروع ميزانية مهمّة أملاك الدولة والشؤون العقارية لسنة 2026    عاجل/ انقلاب قارب "حرقة".. وهذه حصيلة الضحايا..    جريمة مروعة: مقتل عروس على يد زوجها بعد 25 يوما فقط من زفافها..!    التاكسي الطائر يبدأ التجارب في سماء الإمارات!    العجز التجاري لتونس يبلغ 18,4 مليار دينار مع موفى أكتوبر 2025    الأطباء الشبان يعلنون إضرابًا وطنيًا بيوم واحد في كليات الطب والمؤسسات الصحية يوم 19 نوفمبر    كأس أوروبا 2028: الافتتاح في كارديف والنهائي في ويمبلي    تونس تتألّق في الكراتي: إسراء بالطيب ذهبية ووفاء محجوب فضية    تونس: قافلة في المدارس باش تعلّم صغارنا كيفاش يستهلكوا بعقل    وزير الفلاحة يؤكّد الالتزام بمزيد دعم قطاع الغابات وإرساء منظومة حماية متكاملة    بشرى سارة من وزيرة المالية للعاطلين..#خبر_عاجل    الإتحاد المنستيري: المدير الفني للشبان ينسحب من مهامه    اغتيال مهندس نووي مصري ب13 طلقة وسط الشارع في الإسكندرية    هام/ ترويج وتمويل صادرات زيت الزيتون والتمور محور اجتماع تحت إشراف وزير التجارة..    بعد أكثر من 200 عام..أمريكا تتوقف عن إصدار العملة المعدنية من فئة السنت    طقس اليوم: ضباب محلي والحرارة بين 21 و27 درجة    انتقال رئاسة النجم الساحلي الى فؤاد قاسم بعد استقالة زبير بية    عاجل/ 4 فتيات يعتدين على تلميذة..وهذا ما قرره القضاء في حقهن..    لافروف: أوروبا تتأهب لحرب كبرى ضد روسيا    سوسة: طفل العاشرة يحيل شيخ إلى غرفة الإنعاش    ترامب يوقّع قانونا ينهي أطول إغلاق حكومي في تاريخ أمريكا    تصالح أيمن دحمان مع الحكم فرج عبد اللاوي قبل مباراة تونس وموريتانيا    عاجل: ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض: وفاء محجوب تهدي تونس ميدالية فضية في الكاراتي    توقيع برنامج تعاون ثنائي بين وزارة الشؤون الثقافية ووزارة الثقافة الرومانية    في ذكرى وفاة عبد القادر بن الحاج عامر الخبو    في بيت الرواية بمدينة الثقافة .. .جلسة أدبية حول «تعالق الشعر بالسرد»    المهدية: مواد خطيرة وحملة وطنية لمنع استعمالها: طلاء الأظافر الاصطناعية و«الكيراتين» مسرطنة    الليلة: سحب قليلة والحرارة بين 10 درجات و15 درجة    سليانة: انطلاق مهرجان "نظرة ما" في دورتها الثانية    مباراة تونس وموريتانيا الودية : وقتاش و القناة الناقلة ؟    مدير المركز الوطني لنقل الدم: هدفنا بلوغ 290 ألف تبرّع سنوي لتلبية حاجيات البلاد من الدم ومشتقاته دون ضغوط    مجلس الجهات والأقاليم ينتدب في هذه الخطط الإدارية..#خبر_عاجل    عاجل/ انشاء هيكل جديد لتنظيم قطاع القهوة في تونس    تعاون ثقافي جديد بين المملكة المتحدة وتونس في شنني    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    ليوما الفجر.. قمر التربيع الأخير ضوي السما!...شوفوا حكايتوا    معهد باستور بتونس العاصمة ينظم يوما علميا تحسيسيا حول مرض السكري يوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    اسباب ''الشرقة'' المتكررة..حاجات ماكش باش تتوقعها    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد اللطيف الفراتي يكتب لكم : الوعي الغائب
نشر في الصريح يوم 07 - 09 - 2019

بعد تجربتين انتخابيتين حقيقيتين وحرتين في 2011 و2014 ، عدا تجربة انتخابية بلدية ، كان للمرء أن ينتظر وعيا جماعيا بمعنى الانتخابات وكيفية التقييم سواء للترشح فيها ، أو للأقتراع ، وبعد الهزيمة الفادحة للمجتمع المدني رغم أغلبية ناخبيه في العام 2011 بسبب تشتت صفوفه ، وبعد النتيجة النصف نصف التي حصلت في انتخابات 2014 رغم التراجع الكبير لدعاة المجتمع الديني ، كان مفترضا أن تقع يقظة حقيقية ، ويسود الطبقة السياسية الوعي بمدى ما بيدها من سلاح سلمي عبر صناديق الاقتراع ، غير أننا وجدنا أنفسنا على قدر كبير من الغباء في أوساط المنادين بمدنية الدولة ، وسنجد أنفسنا في مواجهة نفس الغباء بالنسبة للناخبين.
ويمكن للمرء اليوم رسم صورة مجتمعية من ثلاثة ألوان في تونس :
أولها : مساحة المنادين بمدنية المجتمع وليبيراليته
وثانيهما : مساحة المنادين بمدنية المجتمع ولكن يساريته حتى لا نقول ماركسيته التي أصبح دعاتها متخفين
وثالثها : مساحة أنصار المرجعية الاسلاموية .
ووفقا لكل الدراسات المتاحة فإن الصورتان الأولى والثانية تمثلان حوالي 75 في المائة من الشتات ، أما الصورة الثالثة فإنها تمثل في أحسن الأحوال 25 في المائة،
ويبدو أن تلك الصورة الثالثة والأقلية شعبيا ، تهدد إلا إذا حصلت معجزة ، بالسيطرة على الرئاسات الثلاث ، أو إنها تطمح لذلك : رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان .
وما يدور في أوساط معينة أو هذا هو الطرح فإن عبد الفتاح مورو سيكون مرشحا ليكون رئيسا للجمهورية ، وراشد الغنوشي ليكون رئيس مجلس نواب الشعب ، الذي تنبثق منه حكومة يكون رئيسها زياد العذاري.
هل هي أحلام يقظة أم إن غباء أنصار مدنية المجتمع ، يمكن أن يسمح بذلك .
إن ترشح 26 شخصية نهائيا بعد طرح أكثر من ستين قدموا ترشيحاتهم ، لا يدل على ظاهرة صحية ، بل على ظاهرة مرضية ، قوامها أنانية مفرطة ، وغياب أي قدرة على التنازل والوفاق.
فمن بين ال26 مترشحا نجد حوالي 6 ربما زائد واحد أو اثنين يمكن وضعهم في الصنف الثالث أو الصورة الثالثة ، أي من أنصار المجتمع الديني رغم قرارات المؤتمر الأخير لحزب النهضة بمدنية الدولة وفصل السياسة عن الدين.
أما البقية فيمكن تصنيفهم ضمن الصورة الأولى والثانية ، على ما بينهما من فوارق عميقة في تصور طبيعة المجتمع من مدني ليبيرالي أو مدني لنقل يساري،
هذا التشتت في أنصار الطبيعة المدنية للمجتمع من شأنه أن يلعب أدوارا سيئة في الانتخابات ، بحيث يمكن لأغلبية واضحة في المجتمع أن تجد نفسها في صف الأقلية في دواليب الحكم ، بسبب غباء مركب ، وأنانية مفرطة ، وحسابات خاطئة.
ولو استعرضنا أسماء المترشحين من أنصار المجتمع المدني ، لوجدنا الفوارق بينهم لا تكاد ترى حتى تحت المجهر ، هذا إذا كانت لهم برامج حقيقية مرقمة ودقيقة ، باستثناء المرشحة عبير موسي المقنعة ببرامجها الاقتصادية الاجتماعية الثقافية التربوية الصحية ، والتي لن أصوت لها شخصيا ولا لحزبها، خوفا من العودة إلى مربع الديكتاتورية التي تربت في أحضانه.
أما البقية وبعد الاستماع لهم بإمعان فهم لا يقدمون سوى أدبيات لا تسمن ولا تغني من جوع ، ولا تنبئ عن السياسات التي يمكن أن تنهض بالبلاد ، أو تضعها على طريق تنمية وبوادر نمو يمكن أن تخرج تونس مما فيه من تقهقر ، بالصورة التي تكفل مداخيل كافية لميزانية الدولة ، واقتطاعا لجزء من ذلك النمو للاستثمار بعد عودة الثقة ، وبالصورة التي تمكن من خلق فرص العمل لاستيعاب الأفواج الواردة لطلب العمل بما يقدر ب60 ألف في السنة ، وربما البدء باستعياب البطالة القائمة.
و إذا كان هذا هو الحال للمترشحين من أنصار المجتمع المدني ، فلعل النهضة هي الأخرى لا تتوفر على برنامج اقتصادي اجتماعي واضح ومرقم ، يجعل الصورة بالنسبة للمستقبل في ظلها غائمة إلا إذا اعتبرنا أسلمة المجتمع برنامجا.
وإذا كان هذا بالنسبة للمترشحين للرئاسة خاصة بين المنادين بمدنية المجتمع ، فما هو الحال بالنسبة للناخبين .
نظرة سريعة على مختلف استطلاعات الرأي تونسية وأجنبية مما تطلبه السفارات من أجل حكوماتها وتجريها شركات أجنبية متخصصة ، لا يرقى الشك لمصداقيتها ولا لحياديتها ولا لمهنيتها ، فإننا سريعا ما نلاحظ أن على الأقل 10 وربما 15 من بين المترشحين تقل النسب المفروض أن يحصل عليهاعن 3 في المائة أو أقل وحتى صفر فاصل ، وبالتالي فإن 10 إلى 11 فقط يمكن القول إنهم حقيقة في السباق ، من بينهم في أحسن التقديرات 5 فقط يمكن أن يكونوا بين الاثنين الأوائل، أي المؤهلين الوحيدين للتسابق من أجل الوصول إلى منصب الرئاسة.
هذا على مستوى الغباء في الترشح ولكن الأخطر هو مستوى عدم تقدير الأشياء حق قدرها بين الناخبين، وإذا اعتمدنا استطلاع مؤسسة إيفوب الفرنسية فإن 25 في المائة للأصوات ستذهب سبهللا ، أي إنها لن تكون محسوبة، وهي الأصوات التي لن يحصل أصحابها إلا على 3 في المائة أو أقل ، فلو إن هذه الأصوات ذهبت إلى الأوائل وفقا لما تردده بإجماع شركات سبر الآراء لكانت النتيجة في أعلى القائمة مختلفة ، وبالتمعن من تلك النسب نجد أن الغالب فيها هم من يسمون أنفسهم حداثيين ، بحيث يحرمون حداثيين مثلهم من أصوات ثمينة كان يمكن أن تغير المعادلة ، إنه تصويت ضائع تصويت مهدور ، يمكن أن يدفع مورو أو نبيل القروي أو عبير موسي إلى تصدر القائمة والوصول في الدور الأول إلى المرتبة الأولى أو الثانية ، ولنتوقع فرضا أن الاسمين الأولين بفضل سوء التقدير هذا سيكونان بين نبيل القروي وعبد الفتاح مورو ، فلمن سيصوت هؤلاء الحداثيون أو لمن يدعون بين الناخبين للتصويت هل لعبد الفتاح مورو أو لنبيل القروي ، ؟ وما هو التصور لمجتمع الغد ، هل يكون مجتمعا خاضعا للتوجه الديني ؟ أو مجتمعا خاضعا لنوع من الانتهازية والديماغوجيا البغيضة ؟
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.