وزير الشؤون الدينية: دخل مؤدّبي الكتاتيب قد يتجاوز 3 آلاف دينار شهريًا    الامتياز الجديد للسيارات: بشرى للتوانسة ولا فوضى جاية؟    نواب البرلمان يدعون وزارة التشغيل إلى تحمل مسؤولياتها تجاه تكوين وتشغيل الشباب المنقطع عن التعليم    البنك الدولي: تعزيز الحماية الاجتماعية رافعة أساسية لدعم تعافي الاقتصاد التونسي    الملعب التونسي: انهاء العلاقة التعاقدية مع المدرب شكري الخطوي    خطير وسريع العدوى: شنوّا فيروس ''ماربورغ'' المنتشر في أثيوبيا؟    حلق الوادي تحتضن بطولة العالم للمواي تاي    أبطال أوروبا: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الخامسة    قابس: الاعداد للانطلاق في استغلال القريتين الحرفيتين بقابس المدينة والمطوية    مشروع اصلاح شهادتي الماجستير والإجازة: جامعة التعليم العالي تدعو إلى التريث والانفتاح على الهياكل البيداغوجية    الدورة الثانية لصالون الفلاحة والماء والري والطاقات المتجددة بالاقليم الخامس من 31 مارس الى 4 أفريل 2026 بولاية مدنين    يوم تحسيسي حول " أهمية التغذية السليمة في الوقاية من مرض السكري " بوكالة التهذيب والتجديد العمراني بتونس العاصمة    وزارة الصناعة تدعو هؤلاء إلى إيداع دراسة إزالة التلوث قبل موفى 2025    العاصمة: إيداع شاب السجن بعد طعنه عون أمن ومواطناً داخل مركز أمني    فخر كبير لعين دراهم: أولاد هلال تتحوّل لمنطقة سياحية    عاجل : الذهب يسجل أعلى مستوى في جمعتين    نبات قاتل في شوارع تونس..شنيا هي نبتة ''الكُوخرة''؟    سوريا: انفجار يهزّ ريف إدلب    خلال لقائه برئيس Afreximbank... سعيّد يؤكد استعداد تونس لتعزيز التعاون المالي الإفريقي    قبل رأس العام: مصنّعوا المرطّبات في تونس يُعانون من فقدان البوفريوة    نابل: انطلاق موسم الزراعات الكبرى وسط تشكيات من انعدام توفر البذور) فيديو)    وزارة الأسرة تنظم دورة تكوينية لفائدة رؤساء مصالح كبار السنّ حول حوكمة التصرف في التمويل العمومي    "حظر الأسلحة الكيميائية" تجدد عضوية الجزائر في مجلسها التنفيذي ممثلة لإفريقيا    إرشاد المستهلك تقترح زيت الزيتون بين6 و 9 و10 دينارات للمستهلك التونسي    صدمة في إسطنبول: عائلة ألمانية تموت فجأة في فندق!..شنيا الحكاية؟    بعد نشر صواريخ يابانية.. الصين تتوعد بسحق أي تدخل أجنبي في تايوان    دكتور للتونسيين: هاو كيفاش تعرف روحك مريض بالوسواس القهري    حذاري: 4 مأكولات تخفي سموم كان عاودت سخنتها في ''الميكرووند''    النادي الإفريقي: اليوم وصول الوفد الف..لس..طي..ني    يتزعمها مصنف خطير معروف بكنية " dabadoo" : تفكيك امبراطورية ترويج المخدرات في سيدي حسين    منخفض جوي جديد مع بداية ديسمبر... حضّر روحك للبرد والمطر    طقس اليوم: أمطار غزيرة والحرارة في انخفاض    بطولة المنامة (2) للتنس للتحدي - عزيز واقع يخرج من الدور السادس عشر على يد الالماني ماكسيليان هومبيرغ    نبوءة مثيرة للجدل تعود للواجهة!.. هل اقترب "اليوم الأخير للعالم"؟    وثيقة وقعها بوتين: سنجعل 95 % من سكان أوكرانيا روسًا    تعليمات رئاسية عاجلة: تطبيق القانون فورًا لرفع الفضلات بالشارع    عاجل: تونس في كاس العرب ...هذه القنوات المجانية للنقل التلفزي    عاجل: هذه آخر مُستجدات وفاة المحامية أسماء مباركي    انسحاب صادم.. أشهر حكمة مغربية تعلن اعتزالها وتكشف السبب    اليوم: طقس بارد مع أمطار    أشغال تهيئة في مسرح أوذنة الأثري    من دمشق والقاهرة إلى أيام قرطاج المسرحية.. المهرجانات المسرحية العربية.. رحلة نصف قرن من الإبداع    اليونسكو تطلق مشروعا جديدا لدعم دور الثقافة في التنمية المستدامة في تونس بقيمة 1.5 مليون دولار    عدد زوّار تونس يزيدة ب10،3٪ إلى حدود 20 نوفمبر    سامي الطرابلسي: استمرار قيادتي للمنتخب مرتبطة بتحقيق هذه الأهداف..#خبر_عاجل    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك تدعو للتصدي لخطر الهندسة الاجتماعية الرقمية    بيونة في ذمة الله: الوداع الأخير للممثلة الجزائرية    "سينيماد" تظاهرة جديدة في تونس تقدم لعشاق السينما أحدث الأفلام العالمية    تصدر الترند: مسلسل "ورد وشوكولاتة" يثير جدلا كبيرا: هل غيّر المسلسل قصة مقتل الإعلامية شيماء جمال..؟    نجمة الكوميديا الجزائرية 'بيونة' في ذمّة الله    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    الممثلة التونسية عفاف بن محمود تفوز بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم ''الجولة_13''    جائزة عربية مرموقة للفاضل الجعايبي في 2025    التوقعات الجوية لهذا اليوم..أمطار بهذه المناطق..    مخاطر الانحراف بالفتوى    في ندوة «الشروق الفكرية» «الفتوى في التاريخ الإسلامي بين الاجتهاد والتأويل»    الفتاوى الشاذة والهجوم على صحيح البخاري    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد صلاح الدين المستاوي يكتب لكم : في ذكرى مرور 44 سنة على وفاة الشيخ الحبيب المستاوي رحمه الله

في مثل هذا اليوم 18 سبتمبر من سنة1975 انتقلت روح الشيخ الحبيب المستاوي إلى بارئها راضية مرضية( بعد امساكه للصيام وقيامه للصلاة) عن عمر لم يتجاوز اثنين وخمسين سنة كان مليئا بالبذل والعطاء إلى اخر يوم من عمره المبارك.
ولد الشيخ الحبيب في منطقة الرقبة تطاوين(بالجنوب الشرقي) في بداية عشرينيات القرن الماضي في احضان اسرة متواضعة وعلى يدي جده الشيخ احمد حفظ القران الكريم والتحق على اثر ذلك بجامع الزيتونة صحبة مجموعة من اقرانه نذكر منهم( الشيخ الحبيب النفطي حفظه الله والشيوخ عمر الواعر وعمر بوفلغة والبشير البركا وي واحمد والطاهر بوطبة وغيرهم رحمهم الله) كان الشيخ الحبيب ورفاقه مثال الانكباب والاجتهاد في التحصيل العلمي على ايدي شيوخ الزيتونة وكانوا رحمهم الله في صبر ومصا برة منقطعة النظير على شدة ظروفهم الماد ية التي تضطرهم الأيام والليالي العديدة إلى الاكتفاء باقل القليل مما بين ايديهم من الزاد يتقاسمونه بينهم بالسوية وقد قصوا علينا الظروف الصعبة جدا التي مروا به مما لايتسع المجال لذكره
تخرج الشيخ الحبيب المستاوي من جامع الزيتونة حاملا شهادة العالمية ليباشر التدريس في الفرع الزيتوني بمدنين الذي نقل منه بسبب انشطته الوطنية والاجتماعية إلى فرع قفصة حيث واصل نضاله هناك بنفس الحماس وعاد بعد ذلك للتدريس بفرع تطاوين وفي تلك الفترة كانت له انشطة حزبية ونقابية وثقافية مكثفة فقد كان رحمه الله ينظم الاجتماعات ويلقي الخطب الحماسية المؤججة لعواطف المنا ضلين ويكتب المسرحيات الاجتماعية الهادفة وينطم الاناشيد والقصائد التي تذكي حماس الشباب الذي التف حوله تفاعلا مع ما تعيشه البلاد في تلك الفترة من نضال وطني من اجل تحرير البلاد من ربقة الاستعمار وكان الشيخ رحمه الله من ابرز رموز الحركة الوطنية وناله مانال اخوانه من اضطهاد وتضييق.
بعد الاستقلال كان للشيخ الحبيب رحمه الله دور كبير في اصلاح ذات البين والدعوة إلى الصلح بين الطرفين المتنازعين على زعامة البلاد وكان له الدور البارز في العفو الذي اعلنه الزعيم الحبيب بورقيبة على من كانوا ستسلط عليهم عقوبة الاعدام ممن اختاروا الانحياز إلى صف الزعيم صالح بن يوسف
لم يمكث الشيخ الحبيب المستاوي طويلا في الجنوب بعد احراز البلاد على الاستقلال إذ اختير ضمن بعثة تعليمية زيتونية للتدريس بليبيا في بداية الستينيات وكان للشيخ الحبيب رحمه الله في طرابلس نشاط متميز فكان يدرس في معهد احمد باشا التابع للجامعة السنوسية ويلقي الدروس الوعظية في مساجد مدينة طرابلس ويعد للاذاعة الحصص الدينية الصباحية والمسائية و يشارك فيما يقام من احتفالات دينية(المولد والهجرةوالاسراء واحتفالات نصرة الشعبين الفلسطيني والجزائري)
وارتبط الشيخ الحبيب بعلاقات متينة مع نخبة الشعب الليبي من امثال المشا ئخ عبد السلام خليل وخليل المزوغي وخليل القندي ومحمود صبحي وفتح الله حواص ومحمد نشنوش وعبد اللطيف الشويرف والمفتيين الطاهر الزاوي وعبد الرحمان القلهود وغيرهم كثيرين رحمهم الله فقد التحق اغلبهم بجوار الله وكان الشيخ الحبيب يحظى لديهم جميعاعلى اختلاف توجهاتهم بالاحترام الشديد وطل بينه وبينهم تواصل متين إلى اخريات حياته فلم ينقطع بينهم التزاور وقد توسط الشيخ الحبيب لهم لدى فضيلة الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور رحمه الله لما كان عميدا للكلية الزيتونية كي يسووا وضعياتهم فشاركوا في الامتحانات ونالوا شهاداتهم من الزيتونة وهي منة ظلوا يحفظونها لتونس وللزيتونة ولصديقهم المخلص الشيخ الحبيب.
عاد الشيخ الحبيب إلى تونس على اثر ذلك لينتدب للتدريس بالكلية الزيتونية حيث اوكل إليه الشيخ الفاضل صحبة عدد من شيوخ الزيتونة ان يشرفوا على تخريج نخبة من خيرة الوعاظ وكان الشيخ يشرف على الجانب التطبيقي من تكوين هؤلاء الوعاظ بتدريبهم على الخطابة والتدريس في جامع مقرين الذي كان اول خطيب له في اوائل الستينياات والى ان توفي سنة1975وكان هذا المسجد منطلقا لنشاط ديني مكثف في المنطقة حيث انطلقت منه الكتاتيب والمساجد التي تاسست في المنطقة.
واضا ف الشيخ الحبيب إلى نشاطه في التدريس انشطة حزبية فكان رئيسا لشعبة مقرين الدستورية ومنها كان حضوره في الانشطة الحزبية المحلية والجهوية والمركزية التي تكثفت شيئا فشيئا لتتوج بمشاركته المتميزة في اشغال مؤتمر الحزب في المنستير والذي انتخب فيه عضوا للجنة المركزية على اثر خطاب مدو شد إليه الاهتمام وضع فيه النقاط على الاحرف بجراة وشجاعة وصراحة كلفته بعد ذلك ما كلفته ولكنه ظل مؤمنا بالنهج الذي اختاره إلى اخر حياته رغم ما ناله من اضطهاد ومضايقة وابعاد.
كانت للشيخ الحبيب في تلك الفترة من1964الى1975انشطة قل ان يستطيع القيام بها شخص بمفرده فقد كان يدرس بالكلية وكانت له ساعات تدريس بالاكاديمية العسكرية وكان يعد للاذاعة الوطنية حصتين اسبوعيتين(حصة تفسير وحصة حديث صباح) وكان يلقي دروسا عامة في مسجد سبحان الله و جامع الزيتونة وجامع الزرارعية وجامع سيدي البشير ولم يكد يترك مدينة وحتى قرية من قرى الجمهورية الاوالقى فيها درسا اومحاضرة خصوصا في المواسم والمناسبات الدينية.
وفي المؤتمر المشهود لجمعية المحافظة على القران الكريم انتخب باجماع كبير كاتبا عاما ضمن تشكيلة تراسها فضيلة الشيخ محمد الشاذلي النيفرحمه الله ضمت نخبة من خيرة الشيوخ والاساتذة لفتت الانتباه في نفس الفترة اسس الشيخ الحبيب المستاوي رحمه الله مجلة جوهر الاسلام سنة1968وظلت تصدر إلى تاريخ وفاته وواصلت بعد ذلك الصدور الى سنة1986سنة احتحابها لتستانف الصدور من جديد قبل سنتين في نفس الخط والنهج الذي سطره لها مؤسسها خط الوسطية والسماحة والاعتدال وهي تحتفل الان بمرور50سنة على تاسيسها في اشارة دالة على ان ماكان لله دام واتصل من خلال جوهر الاسلام وبواسطتها انفتحت للشيخ افاق جديدة لخدمة الاسلام فقد فتح الشيخ الحبيب المستاوي صفحات جوهر الاسلام لكبار علماء وشيوخ العالمين العربي والاسلامي والاشقاء من بلدان المغرب العربي ويشهد الفهرست الذي اعدته المجلة قبل سنوات قليلة بثراء مانشره هؤلاء على صفحات جوهر الاسلام في قسميها العربي والفرنسي وقد اعدت على مانشرفي جوهر الاسلام ابحاث واطروحات جامعية وكان للشيخ حضور متميز في المؤتمرات والملتقيات التي دعي للمشاركة فيها في طرابلس في المؤتمر الأول للدعوة الاسلامية الذي تمخضت عنه جمعية الدعوة الاسلامية العالمية احدى اكبر المنظمات الاسلامية التي لعبت دورا كبيرا في خدمة الاسلام والمسلمين في كل انحاء العالم الاسلامي خصوصا في الفترة التي تولى امانتها العامة الدكتور محمد احمد الشريف وشارك في المؤتمر العالمي للشباب الاسلامي الذي نظمته الجمعية وكانت مشاركته متميزة حيث جمع فيه بين من كادوا ان يتصادموا من العروبيين والاسلاميين وشارك الشيخ الحبيب في مؤتمرات رابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة وادى مناسك الحج عديد المرات وكانت له مشاركات علمية وشعرية رائعة'(يتضمن بعضها ديوان شعره الذي صدر بعد وفاته والذي يحمل عنوان مع الله) وشارك الشيخ في ملتقيات الفكر الاسلامي التي كانت تعقد سنويا في الجزائر بدعوة من وزارة التعليم الاصلى والشؤون الدينية أدى الشيخ الحبيب المستاوي زيارة مطولة إلى المغرب التي وجد من علمائها وقادتها الترحيب الكبير كما زار فرنسا وكانت له بالجالية لقاءات مطولة وترك فيها الاثر الذي لايزال يذكر إن حصيلة مسيرة الشيخ الحبيب المستاوي في العمل الوطني والاجتماعي والسياسي والثقافي والديني في تونس وخارجها حصيلة ثرية مليئة بالعطاء الذي لاتزال اثاره ماثلة بادية للعيان من خلال ماتركه وبقي بعده يسير على نهجه القويم السليم الخالص لوجه الله خط السماحة والوسطية والاعتدال خط الاصالة والمعاصرة خط التلازم بين البعدين الديني والوطني وهي خاصية تونسية زيتونية كانت صمام امان لشعبنا وبلادنا خاصية تابى الفتنة والفرقة والتنازع والتعصب والتزمت والتطرف كما تابى التميع والتفسخ والذوبان كان الشيخ الحبيب رحمه الله وان انا الااحد ابنائه وتلاميذه (وما كان رحمه الله يميزني عليهم بشئ)و الذين يعدون بالمئات كان يعلمنا بسيرته وسلوكه وتواضعه وتجرده وكرمه وحدبه وحرصه علينا أكثر مما كان يعلمنا باقواله و كانت خطبه ومواعظه تنفذ إلى قلوبنا متجاوزة اذاننا التي لايزال يرن فيها صوته الجهوري.
فسلام على الشيخ الحبيب يوم ولد وسلام عليه يوم التحقت روحه ببارئها وسلام عليه يوم يبعث حيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.