النجاح الذي نعنيه هنا ليس الفوز بالدور الثاني في الإنتخابات الرئاسية، فهذا الفوز صار الآن شبه مؤكد! وإنما النجاح الذي نأمله هو النجاح في إدارة البلاد وإخراجها من المستنقع!..فمن المعلوم السيد قيس سعيد يفتقر الى حزام برلماني قوي، وهذا الإفتقار أمر في منتهى الخطورة حيث يجعله مشلولا بلا إرادة، فلا رأي لمن لا طاعة له!..منذ بضعة سنوات وحتى اشهرٍ قريبةٍ كتبتُ عدة مقالات حول الأستاذ قيس سعيد الذي رأيتُ فيه شخصية متميّزة بالكفائة والنظافة والمصداقية، وهي مواصفات شبه معدومة في غيره، مواصفات ضرورية لا حياد عنها لإنقاذ البلاد( انظر المقال بصحيفة الصريح منذ اواسط افريل 2017: الصريح: ضرورة هيئة وطنية!) وفي هذا المقال لم يكن يهمّني فوز الأستاذ قيس سعيد بالرئاسة وإنما حصوله عبر هذه "الهيئة الوطنية" على الأغلبية البرلمانية التي تضمن إمكانية الإصلاح الفعلي.أما مجرد فوزه بالرئاسة فلا يسمن ولا يغني من جوع، بل ربما تكون الأوضاع أسوأ بكثير مما سبق، وقد تحدث إنتكاسة أبعد من الخيال والتوقعات!!!..ولذا أقولُها صراحةً : لو كنتُ في مكان الأستاذ قيس سعيد، وبما أن الوقت لا يسمح الآن بإنشاء هذه "الهيئة الوطنية" فمن الممكن الإشارة الى حزب معيّن (أو حتى قائمة مستقلة معينة) فينتخبها الشعب للحصول على أغلبية برلمانية فاعلة قادرة على توجيه دفة البلاد التي تعبث بها الصراعات الحزبية كسفينة تائهة في محيط هائج( قد يتحامل البعض على هذا الإقتراح ، لكن أنقاذ البلاد يبيح كل التكتيكات!..وعلى كل حال هذا" التكتيك" لا يساوي شيئا أمام ما يسمى" السياحة النيابية والحزبية" ناهيك عن الكذب خلال الوعود الإنتخابية والسمسرة بالدين أو بالرموز الوطنية...وما خفي كان أعظم ! ).. قبل الختام أُعيد القولَ بأن الأستاذ قيس سعيد شخصية إستثنائية بكفائتها وصدقها ووطنيتها ورصانتها يحقُّ لكل وطني صادق أن يعوّل عليها . فخلافا لكل المزائدين من حزبيين و"محللين سياسيين" الذين ضلّلوا الشعب ،الأستاذ قيس سعيد يحمل مشروعا اصلاحيّا كبيرًا جدا يتمثل أساسًا في أمرين : الأول هو الجرأة على الإصلاح الهيكليّ بعمقٍ، والثاني هو أخلقةُ السياسة بعد تعفّنها الذي ازكم الأنوف! وقديما قيل :إصلاحُ أمرِكَ للأخلاقِ مرجعُهُ* فقوّمِ النفسَ بالأخلاقِ تستقِمِ...وقيل أيضا : وإنما الأمم الأخلاقُ ما بقيتْ* فإن همُ ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا... !!... ختاما : تحية كبيرة جدا الى كل ناخبي الأستاذ قيس سعيد الذين أكدوا إستمرار الأمل وصدق الوطنية والإصرار على الإصلاح. هم أكّدوا ما قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: الخيرُ في أمّتي الى يوم القيامة !