يوم الاحد القادم سأقوم بواجبي الانتخابي وسأتحول للمركز الذي به رسم اسمي وأدلي بصوتي للقائمة التي لم اخترها وليس لي الحق في المزج والتشطيب فيها. لذلك سأكون مضطرا لاختيار ورقة من تلكم الأوراق الكثيرة لأخذ منها الأقل سوءا بسبب فساد القانون المنظم للانتخابات الذي وضعته جماعة نافذة وفتها على المقاس، لإقصاء حركة النهضة التي كانت البعبع الذي يخوفون به النساء،ولأنهم تعلمنوا وباتوا منبتين أجانب يعيشون معنا بالتقية. لذلك انقلب السحر على الساحر وباتت الجماعة المذكورة في حاجة للنهضة لما رأت انها بدونها لن تحكم بالراحة، ولأنهم يحتاجون للأغلبية المطلقة في مجلس نواب الشعب لفترة، حتى يمرروا اَي قانون يرونه لهم مناسب. لذلك وتحالفوا معها في الحكم والدبارة لنحو خمس سنين بعدما كانوا ينادون جهرة بانهما خطان متوازيان لا يلتقيان، وإذا حصل ذلك فلا حول ولا قوة الا بالله العلي القدير. لقد تشتت فيما بعد تلك الجماعة، وكونت احزابا سموها بأسماء لا علاقة لها بالمحتوى ولا بالموضوع، ولم ينفعهم ذلك في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وسقطوا فيها جميعا سقطة مدوية امام رجل عادي جدا كان يدرس القانون العام بالجامعة التونسية، ولم ينخرط سابقا في أي حزب، كما انه لم يتقلد اَي مهام رسمية في الدولة، لقد التف حوله الشباب التائه، ومن باتت تزعجهم تلكم الاحزاب الفاشلة التي كذبت عليهم وقضت شؤونها دونهم وبات أصحابها سواحا بين الاحزاب يدورون أين تدور الريح. أما من كانت نيتهم سيئة من الاول فوقعوا في تلك المطبات التي وضعوها واوقعونا فيها وباتت قضية لا تبشر بالخير. مع كل ذلك سأصوت واختار القائمة الأقل سوءا، وبالضرورة لن تكون من تلك الاحزاب الطفيلية او ممن بات ينعت بالمقرونة، لان الانتخاب وأجب وفرض عين، فأرجوكم لا تفرطوا فيه او تتخلوا عليه، لأنه الطريق الوحيد الذي تصلوا به لبر الأمان، وتسدوا الطريق عليهم، ولترتاحوا من الانتهازيين جملة وتفصيلا. كتبت ذات مرة وقلت ان التصويت يعد شهادة، ويجب على من يؤديها ان يكون صادقا يعطيها بدون مجاملة أو تحيز، وعليه ان يتأكد من صلاح المرشح للمهمة التي قدمه لها ذلك الحزب أو المجموعة المستقلة التي اتفقت عليه، لقد جاءكم هؤلاء يطلبون تأييدكم بالتصويت لهم بتلك الطريقة السرية، فكان من واجبكم الاستجابة، ولكنكم بتزكيتهم تلك بتم معهم شركاء في المسؤولية. لذا كان عليكم تشديد الرقابة علبهم ولن يكون ذلك الا بسحب الثقة عبر صندوق الاقتراع منهم كما هو معمول به في الأنظمة الديموقراطية، وذلك الذي حصل هذه الايام لما سحبتم منهم تلك الثقة جميعا. اما من يفضل الغياب ويتصور انه بذلك يحتج فهو واهم، لأنه سيترك المجال لهؤلاء المتعودين على المناورة وترك الساحة السياسية لهم مفتوحة، ليعمروها بمن دب وهب، كما رأيتم سابقا النتيجة وكيف أصبح مجلسنا أضحوكة الدنيا تنقلها القناة الوطنية الثانية للتسلي. لذا ارجوكم لا تفرطوا في ذلك الحق المقدس، ولا تقولوا إن صوتا واحدا لن يقدم ولن يؤخر ولا يغير من الامر شيئا، لان ذلك يتعارض مع الحقيقة، وللعنوان الذي به عنونت مقالي. لقد باتوا اليوم يخشونكم أكثر بعدما رأوا نتيجة التصويت لرئاسة الجمهورية، وكيف بذلوا فيها من أموال جمة جمعوها وبددوها وذهبت سدى، ولم ينفعهم حتى الطبال والزكار الذي جمعوا به الناس وباتوا أضحوكة. لقد افتك منهم الريادة ذلك الأستاذ المستقل الذي كان مهتما بتدريس القانون العام في الجامعة التونسية، ويتكلم العربية الفصحى ببلاغة، انه لم يشارك قط في الاحزاب السياسية أو يتحمل لأي مسؤوليات رسمية، واجمع الناس عليه، وآنسوا فيه الأمن والامان، وأعطوه صكا على بياض حتى يرتاحوا من هؤلاء الذين ضحكوا عليهم. لقد بتنا بين محورين في انتخابات التدارك للرئاسة التي تعينت ليوم 13 اكتوبر المقبل لنقول كلمتنا الاخيرة فيها ونختار بين الخير الشر ونتقي الله في أنفسنا وفِي اولادنا الذين سيخلفوننا. أفهل رأيتم كيف اجمع القوم على محاولة سد الطريق على ذلك الذي فاز بالأغلبية في الدورة الاولى قيس سعيد. انهم باتوا يقلبون في دفاتره كلها، لكنهم لم يجدوا فيها شيئا يرضيهم، فتحولوا عنه لمن هو مطلوب للقضاء بتهم ثقيلة، والتفوا حوله خوفا من استقامة وزهده ذلك الزائدالطاهر والنزيه الذي لن يرضيهم، لأنهم لن يستفيدوا منه. ولأنهم تعودوا على العيش خارج القانون يجمعون المال بالطرق الغير العادية. قد يفوزون إذا تخلفتم عن الحضور ولم تعطوا أصواتكم للأحسن، انه التصويت المفيد الذي سبق ان اكتويتم به في المرة السابقة لذا كان عليكم استعماله هذه المرة لأنه الأفيد، وهو ما ينطبق عليه المثل (وداوني بالتي كانت هي الداء). انهم قوم لا يدركون بان تهمة تبييض الأموال التي يساندونها اليوم يأسا، مدرجة في قانون الإرهاب، وكل من ينوه به او يسانده يعتبر مشاركا، ويعاقب بنفس العفوية المقررة للفاعل الأصلي. انني أتصور أن القضاء سيتفرغ لهم بعدما تعافى وبات مستقلا واظهر ذلك صراحة لما قضى بما يتعين رغم الضغوط الداخلية والخارجية، ولم يفرج على المترشح الثاني نبيل القروي الذي بات متهما رسميا بتلك التهمة المشينة. وكان غيابه بفعله وتعمدهللترشح. انه بات يأمل في حصول حزبه المكون على عجل بالرتبة الاولى في التشريعية ليكون من حقه تشكيل الحكومة القادمة، ليفعل بِنَا ما يشتهي ويريد، ولكنه واهم لأنكم لن تتركوه يفعل. لذا ارجوكم ان تقطعوا عليه وعلى امثاله الطريق لان نجاح مرشحكم للرئاسة مربوط بالأغلبية بمجلس نواب الشعب لو كنتم لا تعامون. واخيرا أدعو الله ان يوفقنا جميعا لما في الخير لتونس والسلام. تونس في 3 أكتوبر 2019