منذ ان فتحت عيني في هذه البلاد التونسية واصبحت افهم وأعي معاني الكلمات والعبارت والجمل اللغوية وانا اسمع اجدادنا واباءنا وجداتنا وامهاتنا رحمهم الله وشملهم بعفوه ورضاه يقولون ويرددون ان هذه البلاد التونسية محفوفة ومحفوظة بالعناية الربانية والألطاف الالاهية، ولقد تذكرت هذا القول وهذا التعبير لما فاز الأستاذ قيس سعيد بمنصب رئاسة وقيادة سفينة هذه البلاد وبعد خوض دورتين من دورات الانتخاب وبعد ان هنأه في ذلك الفوز الباهر العظيم اغلب الشيب واغلب الشباب الا مرضى النفوس والقلوب الذين اصبحوا بين عشية وضحاها يكنون و يضمرون له الحسد والشرور والضغائن والأحقاد وقديما قال وصدق اهل الفكر واهل الرشد( كل العداوة ترجى مودتها الا عداوة من عاداك عن حسد) وكيف لا تكون بلادنا التونسية كما قال وكما ردد الجدود والآباء وقد مرت بتونس ظروف عصيبة كادت تغرق في مائها وفي اوحالها لولا ان ادركتها عناية والطاف رب الأرض ورب السماء؟... ولعل التونسيين ما زالوا يتذكرون ان في اخر سنوات بورقيبة عندما ادركته الشيخوخة وانهكه المرض تسارع وتسابق المقربون منه من الوزراء الانتهازيين ومن المنافقين الى خلافته للاستحواذ على منصبه وسلطته وفعل ما يشاؤون وما يريدون وما يشتهون في التونسيين وبينما هم على تلك الحال من المكر ومن التخطيط ومن الاحتيال خرج عليهم ذات ليلة خبر ازاحة بورقيبة من الحكم على يد رجل من رجاله ذي قبضة من حديد لم يكن احد يتصور انه سيتحدى بورقيبة ويقطع مع عهده ومع تاريخه ليبني ويشيد لنفسه واهله وصحبه عهدا جديدا رأى وظن وحسب انه سيستمر بعده عمرا من النوع الطويل المديد السعيد... وبينما هو يعيش ذلك الحلم اللذيذ الجميل اذ بثورة شعبية شتوية فجئية تدك أركان حكمه وتقضي على سلطانه وتدفعه الى الهروب والى الفرار بجلده بعد ان ترك كل ما امتلكه وكلما جمعه من عرق جبين أمته وشعبه المظلوم الكادح المسكين، ثم وبعد ان خابت أحلام ثورة الثائرين بتسلط أحزاب وحكام نافقوا الشعب وفرضوا عليه حكومات كانت أبعد ما كان وابعد ما يكون عن تحقيق رجاء ومطالب الثائرين وبعد ان تنافسوا على الحكم كما تنافس الذين سبقوهم في عهد بورقيبة وفي عهد خليفته ها هم يتركون منصب الرئاسة مكرهين وصاغرين مذعنين لفوز لرجل هزمهم وفاجاهم قد نصب وفرض على التونسيين بسلطة وبحكم نتائج الصناديق التي لا تجامل في كلمتها وفي حكمها احد وليس لديها عدو او صديق... نعم لقد جاء هذا الرئيس قيس سعيد من بعيد ولم يتوقع له احد هذا النصر المؤزر ولا هذا الفتح المبين ولا هذا التاييد وها قد خرج الشعب الذي حاول منافسوه ان يغروهم وان يشتروه وان يرتشوه بالمال وغيره من المتاع ليقول ان قيس سعيد عنده هو الرجل المناسب الذي سيكون قوله وحكمه من النوع المسموع ومن النوع المطاع وها قد بدات بعض الأصوات الخافتة المرتجفة الحاسدة الحاقدة المشبوهة المريبة النكدية تحاول الطعن في توجهات الرجل وارائه ومواقفه امام من انتخبوه ورفعوه على كل منافسيه وامام كل مريديه ومناصريه وهو مازال بعد لم يدخل قصر الرئاسة ولم يشرع في مهامه الرسمية ولم يفتح فيها اي ملف واي دفتر واي زمام واي كنش واي كراسة... فليتهم يصمتون قليلا ليروا ما يمكن أن يفعله هذا الرجل للتونسيين ثم ليحكموا كما شاؤوا سواء أكانوا من اهل الشمال او من اهل اليمين اما ان يقولوا وان يروجوا ان هذا الرجل عنيف مخيف وانه قد انتخبه المتطرفون وسيوجهونه وسيقودونه كما يشاؤون وكما يريدون فهذا كلام تافه مردود غير وجيه وغيرسديد فاذا كان في تونس حقا من المتطرفين مثل هذا العدد من الملايين التي انتخبت وايدت الرئيس قيس سعيد فلا شك انه لا ولن يسلم منها غيره من الرؤساء لا زيد ولا عمر بل حتى ولو كانوا ملائكة قد نزلوا من السماء...افلا يكون الأولى لهؤلاء الصادقين في حب تونس وفي انقاذها كما يقولون وكما يدعون من هؤلاء المتطرفين ان يكفوا وان ينتهوا عن التنقيص من قيمة ومن مكانة هذا الرجل ومن اتباعه وانصاره في كل مجال وفي كل ميدان حتى لا يتهموا هم بدورهم بالتطرف في النقد وفي الانتقاد فلا يسلم بذلك احد من تهمة التطرف في هذه البلاد؟ ولا اظن ان هناك تطرفا واضحا جليا بعد ظهور وصدور نتائج صناديق الانتخاب اكثر من الطعن والغمز والحط من قيمة من اختاره اغلب الشعب لنفسه وجعله رئيسا له ورفعه ومكنه من السلطة وقيادة الركب والركاب ولنتذكر جميعا مهما كنا عليه اليوم من صراع وخلاف قول ابائنا واجدادنا (ان بلادنا محفوفة ومحاطة بما عند الله تعالى من العناية ومن الألطاف) وما احسن ان نتذكر ايضا دعاءهم الذي كانوا يرددون في السراء والضراء لحفظ تونس من كل ضر ومن كل بلاء(ستر فيما مضى ويكمل فيما بقى).