ليعلم القارئ الكريم بان فرض العين هو ما يتعين على كل إنسان بالغ مكلف قادر بخلاف فرض الكفاية فانه إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، تلك هي قاعدة فقهية أردت ان ادخل بها للموضوع الذي اخترته للتنبيه على الأحزاب السياسية التي انتسبت للثورة واستفادت منها بعدما شبعت بالأذية من الآخرين. لا يهم كثيرًا من الذي سيترأس الحكومة المقبلة وقد أتى على ذلك الدستور بإطناب شديد وتمتع النداء بذلك الامتياز لسنين وحتى بعدما فقد المرتبة الأولى لسنوات ونزل عدد نوابه من 86 إلى ثلاثة بات يساوم بهم ولم يجد لهم من قبول. انها عدالة السماء التي لا تنفع معها حيلة ولا شيطنة ولا مال فاسد. لقد تم كنسهم من المشهد السياسي والحق بهم من تحالف معهم حبا أو كرهًا وعادت الأمور إلى نصابها وما زال البعض من المتسللين ينتظرون لنفس المصير. ذكرت بهذه الفقرة لان الذكرى تنفع المؤمنين وأنذر المترددين في الدخول لهذه الحكومة التي لن يطغى فيها أحد ويفعل ما يريد، لأنها حكومة الثورة العائدة للميدان من بعيد بعدما انهارت الثورة المضادة في الانتخابات التشريعية بالصندوق وأكمل عليها مبايعة رئيس الجمهورية بالتصويت، فكنت درسا واضحا وصريحا لمن يريد ان يتوب ويعود لرشده وللواقع الذي لا يمكن الا ان يكون استجابة لدعوة الشعب يريد. رأيت بعض الأحزاب التي تأذت في الفترة التي سبقت ثورة الكرامة وبعدها وأخرى لم يكن لها من وجود وساندها الشعب بدون حدود لأنه رأى فيها المفيد، وأتمنى أن تفهم الرسالة الموجهة لها بالبريد. أقول ذلك وبدون ان أملك في ذلك أي تفويض ولكنني قدرت أنني مطالب بإبداء رأيي عله يفيد، وخاصة لما رأيت البعض بدأ يضع الشروط للدخول في هذه الحكومة التي أهدافها وعنوانها فريد فهي حكومة الحرب على الفساد وتقويم الاعوجاج وخدمة المواطنين بغيرحساب أومقابل وبدون حدود. انها ساعة الحسم والفرز، فإن فرطتم فيها فتأكدوا بانها فرصة لن تعود وسوف تسترد الثورة المضادة انفاسها من جديد وتريكم ما لم تروه في المرة الأولى ومن أنذر فقد اعذر ولكم الرأي السديد. ربما لم تفهموا الرسالة ولم تستوعبوا الدرس لما خلصتكم الثورة الثقافية هذه من عودة المفسدين للحكم والتصرف في مال التونسيين، انهم تربوا على الظلم والتمعش منه منذ حين لأنهم وجدوا تربة خصبة كان على رأسها رئيس قلبها الى ضيعة خاصة وكان يفعل ما يريد. لا يفيد الكلام في هذا الظرف والمقام إذا لم تتوفر النية الصادقة فيمن حازوا على ثقة الشباب ليكملوا المشوار ويحصنوا الثورة حتى لا يرتد عليها من يريد بها شرا. والمعادلة سهلة بسيطة إذ بات اللعب على المكشوف بين منتصرين للثورة فازوا بثقة الشباب ومعادين لها خسروا المعركة وباتوا يجتهدون بكل الوسائل للتعطيل، علهم يمنعون من المحاسبة والعقاب. واقولها بصراحة لكل الأحزاب الحديثة الفائزة هذه المرة ليس لكم من خيار الا الانضمام الى حكومة الوفاق لأنها المنقذ الوحيد الذي يحصنكم ويحصن الثورة وبدونها ستذهب ريحكم مثلما حصل لمن سبقكم وبات يهذي ولا يدري ما يقول بعدما كان محسوبا في الأيام الأولى للثورة، ولكنه فضل المعارضة ولم ينتج عمله شيئا أو مفيد. لقد تم تصعيدكم وتصعيد اخرين من امثالكم ترشحوا على قائمات مستقلة وفازوا فيها لان الشعب أصبح يفرق بين الصدق والكذب، لذا فلا تخذلوه. وان فعلتم ذلك فستجدون انفسكم خارج اللعبة من جديد، إن نجحت الحكومة بدونكم أو افتك الحكم منها. وعندها تجلسون بين كرسيين وهي قعدة غير مريحة لكم ولمن يريد. باريس في 22 أكتوبر 2019