شمائل رسول الله صلى الله عليه و سلم كما يصفها الامام علي *قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا فيما يعنيهم ويؤلفهم ولا يفرقهم، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس، ويحترس منهم من غير إن يطوي عن احد بشره وخلقه، ويتفقد أصحابه ويسال الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا لكل حال عنده عتاد، ولا يقصر عن الحق، ولا يجاوزه إلى غيره، الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمه عنده منزلة أحسنهم مواساة وموازرة. فسألته عن مجلسه: عما كان يصنع فيه؟ *فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يوطن الأماكن، وينهى عن ايطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نسيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه، أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه. من سأل حاجة لم يرده إلا بها، أو بميسور من القول، فقد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق سواء متقاربين متفاضلين فيه بالتقوى. وفي الرواية الأخرى: صاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء، وصبر وأمانه، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم.... يتعاطفون بالتقوى، متواضعين، يوقرون فيه الكبير ويرحمون الصغير ويرفدون ذا الحاجة، ويرحمون الغريب. فسألته عن سيرته صلى الله عليه وسلم في جلسائه؟ *فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب، ولا فحاش، ولا عياب ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يؤيس منه، قد ترك نفسه من ثلاث: الرياء، والإكثار، وما لا يعنيه وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا، ولا يعيره، ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وإذا تكلم اطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعون عنده الحديث: من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق ويقول (إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فأرفدوه) ولا يطلب الثناء إلا من مكافئ، ولا يقطع على احد حديثه حتى يتجوزه فيقطعه بانتهاء أو قيام. هنا انتهى حديث سفيان بن وكيع وزاد الآخر: قلت: كيف كان سكوته صلى الله عليه وسلم؟ *قال: كان سكوته على أربع: على الحلم، والحذر، والتقدير، والتفكر فإما تقديره ففي تسوية النظر والاستماع من الناس وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى. وجمع له الحلم صلى الله عليه وسلم في الصبر فكان لا يغضبه شيء يستفزه، وجمع له في الحذر أربع: أخذه بالحسن ليقتدى به، وتركه القبيح لينتهي عنه، واجتهاد الرأي بما أصلح أمته، والقيام لهم بما جمع لهم من أمر الدنيا والآخرة.