مشكلتنا في تونس أننا نذهب دائما إلى الفرع ونترك الأصل.. تماما كما تفعل الشرطة البلدية عندما تهجم على باعة البضائع المستوردة ولا تفعل أي شيء للحيتان الكبيرة التي تستوردها وتوزعها على الفقراء كي يسترزقوا بها.. كل ما يقال اليوم عن مغني الراب لا يعني شيئا إذا لم تتجه أصابع الاتهام رأسا إلى من يصنع هذه الظواهر ويفرضها علينا.. هناك منشطون تلفزيون وإذاعيون ينبغي أن يحاكموا بتهمة تكوين وفاق إجرامي غايته القضاء على كل قيم الخير والجمال والفضيلة في المجتمع. إنهم منتدبون لذلك في قنوات لا يمكن التمييز بينها وبين قنوات المجاري التي تصرف الفضلات البشرية والقاذورات.. قنوات غرائزية همها الأول جمع أكثر ما يمكن من المال ونفخ جيوب منشطيها وبطونهم حتى لو كان الثمن حياة الناس البسطاء وثقافة المجتمع المبنية على الجمال والعمق والتسامح.. التونسيون يسهرون مع هذه القاذورات المتحركة ولم يعد ثمة مفهوم للخطيئة، كل شيء قابل للتسويق، والمجد في الإثارة والسخف وجيل كامل يتربى على هذه الثقافة المنحطة والمجتمع يدفع كل يوم الثمن ويتظاهر بالاحتجاج