من يده في الماء ليس كمن يده في النّار...و ما يحسّ الجمرة كان اللّي يعفّس عليها...و أبناء قابس وحدهم هم الذين يدفعون فاتورة اختيارات سياسيّة كارثيّة...هشاشة العظام...أمراض الحساسيّة...أمراض التنفّس...أمراض الكلى...الأمراض السّرطانيّة...تلوّث الهواء...تلوّث البحر...كارثة صحيّة و بيئيّة ...الإستعمار على شراسته و قبحه و عدوانيّته لم يتجرّأ على قابس لأنّه يدرك اقتناعا أنّ قابس هي كنز طبيعي نادر...و درّة أمميّة طبيعيّة استثنائيّة جدّا...التقاء الخليج في البحر الأبيض المتوسّط بالواحات بالصّحراء بالجبال بالمياه السّاخنة كوكتال و لوحة تشكيليّة طبيعيّة متفرّدة...لأجل هذا لكم أن تتخيّلوا فظاعة الجرم ...و قسوة الإعتداء ... و درجة الشّماتة عندما أصرّ أصحابها على تركيز مجمع كيميائي يقتل كلّ هذا الجمال...و يحوّل كلّ مظاهر الحياة إلى موت...هي جريمة دولة بامتياز...و في الوقت الذي انتظر فيه رجال قابس من يخلّصهم من كابوس الموت الذي يحاصر صغارهم و أبناءهم ...يأتون لهم بالفحم البترولي و يهدونهم موتا جديدا ...و عندما يصرخ ابناء قابس و يقولون " لا "...ارحموا صغارنا ...يجدون أنفسهم يقفون أمام القضاء و يحاكمون ...القضيّة بدأت في مارس 2019....المتّهمون لم يسرقوا البلاد...لم يعتدوا على العباد...لم يلوّثوا الوطن...لم يزرعوا الموت في زواياه...لم يقتلوا أحلام الصّغار...المتّهمون صاحوا بالصّوت العالي " بجاه ربّي ارحموا صغارنا " .