عندما اعترَضَتْ القوات الأمريكية في الحرب العالميّة الثانيّة أزمة وقود التقى الرئيسُ الأمريكيُّ المُقْعَد روزفلت الأميرَ عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية في 14فيفري 1945داخل الطراد الحربي الأمريكي يو أس أس كوينسي في البحر الأحمر وأبرم معه اتفاقا يقضي بتقديم الحماية اللا مشروطة لحكم آل سعود على مدى ستين عاما مقابل تقديم آل سعود إمدادات الطاقة التي تستحقها الولاياتالمتحدةالأمريكية، عُرِفَ باتفاق كوينسي. وفي سنة 2005 جدد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش هذا الاتفاق الذي يُفضي عملياً إلى احتكار النفط السعودي. ولاحقا شملَ هذا الاتفاق بِصِيَغٍ مختلفة الكيانات الخليجيّة بأسرها . وبات الغرْبُ وخاصة الأمريكي يتصرّف واقعيّاعلى قاعدة أنّ نفط العَرَب للغَرْب غير آبه بشعار "بترول العرَب للعرَب" ناظِراً إلى فَوْرَةِ التأميم على أنّها الاستثناء الذي يُؤكِّدُ تلك القاعدة. وإذا كانت سرقة النفط العربي تتمّ بذرائع الحرب ضدّ النازيّة، ثمّ ضدّ الخطر الشيوعي المزعوم في فترة الحرب الباردة أو لمواجهة خرافة "أسلحة الدمار الشامل" العراقيّة ولا حقا "الخطر الإيراني" ، فإنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن بدون مواربة أنّ على السعوديّة وشقيقاتها الخليجيّات أن لا تبقي من عائدات النفط إلا مايسد رمق العائلات الحاكمة إن أرادت الحؤولَ دُونَ سُقوطِها خلال أسابيع مِن رَفْعِ الحماية الأمريكيّة عنها. إلّا أنّ جَشَع ترامب سَوَّلَ له أن يُفكّر بأنّ بترول العرب ليس في شبه الجزيرة العربيّة وحدها بل في كلّ الأراضي العربيّة هو وَقْفٌ على شركات الاحتكار الأمريكيّة!، وفي هذا السّياق المتغطرس يتحرّك ترامب لسرقة النفط السوري الذي جعلتْه فوضى الحرب يُسيلُ لُعابَ واشنطن وفرنسا وبريطانيا بَعْدَ أن أسال لعاب اللص التركي أردوغان . ومثلما استخدمَ الرئيس التركي عصابات داعش التي صنعتها المخابرات الأمريكيّة لسرقة النفط السوري ، فإنّ الرئيس الأمريكي وجَدَ نفسَه أولى بأن يحصد ثمار داعش التي زرعها في الأراضي السورية فأصرّ على بقاء قوّاته قرب حقول النفط السوريّة بذريعةٍ مزدوجة: حماية تلك الحقول من صنيعته داعش أولا ، وحماية حلفائه الجدد (بَعض أكراد سوريا) مِن التهديدات التركية ثانيا (غاضّاً الطّرفَ هذه النرّة عن أنهم لم يقاتلوا مع القوات الأمريكية في النورماندي!). ولئن كان ترامب يزعم أنّ الهدف مِن سيطرته على حقول النفط في الشمال السوري هو تمويل صمود الأكراد في مواجهة الخطر التركي ، فإنّه في الواقع حَوّل الأكراد المتحالفين معه إلى أداة جديدة بعد استنفاد داعش نسبيا كأداة ، فاستخدم القفافيز الكرديّة في سرقة ما قيمته من 30 إلى 40 مليون دولار شهرياً، من أموال تعود أساساً للشعب السوري. وإذا كان بعض المراقبين يرى أنّ ترامب "يسعى إلى احتكار النفط السوري عبر شركة إكسون موبايل التابعة لوزير الخارجية الأمريكي السابق والتي يحصل ترامب من خلالها على عمولات مالية ضخمة ، ويسمح بموجبها للشركة بإدارة تلك الحقول"، فإنّه من اللافت أنّ داعش هي التي سلّمت حقول النفط السوريّة إلى القوات الأمريكيّة لتبيعه لصالح ترامب الذي يجني شهرياً المليارات مِن ذلك، الأمر الذي يجعله حريصا على أن تبقى الفوضى والإرهاب سيّدا المشهد السوري ، بل هو يموّل الفوضى والإرهاب من فتات عائدات ما ينهبه من ثروات الشعب السوري الطاقيّة، بينما يئنّ هذا الشعب تحت وطأة الحصار الذي تفرضه واشنطن وحليفاتها في الغرب والشرق عليه. وفي الوقت نفسه لا تدخر واشنطن وحلفاؤها جهداً لإبعاد القوى الكردية في الشمال السوري عن دمشق مُرسلة في هذا السياق أقذر رموز مؤامرة الربيع العربي المدعو"برنار هنري ليفي" للنفْخِ على جمار النعرات العرْقيّة في الشمال السوري مراهنا على خبرته السوداء في إطلاق "ربيع كردي" ضدّ الحكومة السورية ، والمؤسف أنّ ثمّة مَن يَتذوّق الطعم منتشيا ومُغمِض العقل والمصلحة الوطنيّة عن رؤية الخراب الإضافيّ الذي ينتظره إذا لم يستيقظ من هذا التنويم الصهيو أمريكي قبْلَ فوات الأوانَ!.