ينظر الخصوم والمعارضون إلى قاسم سليماني على أنّه الشخصية المحورية التي تجسّد تعاظم النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. بعض المحللين يتوقعون أن يكون الرد الإيراني على تصفية مهندس المهمات الخارجية الإيرانية متعدد المحاور. ترى الحكومة الإيرانية أن اقدام أمريكا على اغتيال قاسم سليماني أقوى الشخصيات الإيرانية بعد الزعيم الأعلى، عمل من أعمال الحرب يهدد بتفجير الأوضاع في المنطقة. فبإصدار الأمر بتنفيذ الضربة الجوية في بغداد مستهدفا القائد "الأسطوري" لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني خطا الرئيس الأمريكي ترامب وحلفائها إلى أرض مجهولة في مواجهة إيران والفصائل التي تعمل لحسابها والتي جرى إعدادها منذ فترة طويلة لضرب أعداء طهران في مختلف أنحاء المنطقة. غير أن أغلب المحللين يعتقدون أن الرد الإيراني سيكون فتاكا على هذه الضربة الموجهة لهيبة إيران ومكانتها الإقليمية، ونظرا للصلة الشخصية، التي ربطت الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي بسليماني وسعيه لتشكيل محور من قوى الفصائل الشيعية في بلاد الشام وحتى منطقة الخليج. كما أنه يمثل مجازفة بالانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع الولاياتالمتحدة يمكن أن تزج بالمنطقة في أتون حرب شاملة. وقال مهند حاج علي، الباحث الزميل بمركز كارنيجي الشرق الأوسط في بيروت: "قيام الولاياتالمتحدة باغتيال سليماني مباشرة هو تحد صريح وعلى إيران أن ترد بعمل لإنقاذ ماء الوجه وإلا فإن الصورة والمكانة اللتين حرصت إيران على إبرازهما في العقدين الأخيرين يصبحان على المحك صراحة". وأضاف: "هذه ليست نهاية الأمر". وحقق سليماني شهرته في الحرب الدامية مع العراق التي درات رحاها من 1980 إلى 1988 وأصبح في العام 1998 قائدا لفيلق القدس المسؤول عن عمليات التدخل في الخارج تحت لواء الحرس الثوري الإيراني. وبعد الاجتياح، الذي قادته الولاياتالمتحدة للعراق في 2003 وأطاح بصدام حسين ومكن الأغلبية الشيعية من السلطة كوّن فيلق القدس مجموعة من الفصائل القوية التي تعمل لحسابه لمهاجمة الاحتلال الأمريكي. تم تشكيل هذه الفصائل على غرار جماعة حزب الله الشيعية التي شكلتها إيران في لبنان عام 1982 بعد الغزو الإسرائيلي في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية، غير أن هذه الفصائل كانت أكبر نحو أربع مرات من حزب الله. وعندما سقطت سوريا فريسة لحرب من جراء الانتفاضة الشعبية، التي بدأت عام 2011 حشد سليماني حزب الله وفصائل عراقية لإنقاذ حكم الرئيس السوري بشار الأسد وإقامة قلعة جديدة لفيلقه. ومكّن ذلك إيران من الربط بين الفصائل شبه العسكرية، التي تعمل لحسابها عبر العراقوسوريا حتى البحر المتوسط الأمر الذي أثار انزعاج حلفاء الولاياتالمتحدة مثل إسرائيل والسعودية ومصر.