لوكان عدد الأطباء في بلادنا بقدر عدد الشعراء لكان لكل مواطن طبيب خاص له وحده.. والكثرة لا تعني الجودة كما لا تنفيها.. ولكننا نقرأ أحيانا من سخيف الكلام ومبتذله ما لا يرقى الى مستوى الإضحاك ويدعو الى الحسرة والأسف لإسفافه وابتذاله.. وليس هذا حكرا على زماننا فالشعر المبتذل متوفر ولله الحمد في كل العصور وما زال الناس يتندرون به على وجه الدهر.. خذ عندك من أمثلة الابتذال ما تنسبه العامة الى أبي نواس أنه قال: اللَّيْلُ لَيْلٌ وَالنَّهَارُ نَهَارُ... وَالبَغْلُ بَغْلٌ وَالحِمَارُ حِمَارُ / وَالدِّيكُ دِيكٌ وَالدَّجَاجَةُ َزوْجُهُ... وَكِلاهُمَا طَيْرٌ لَهُ مِنْقَارُ.. فعارضه شاعر آخر فقال: الليل ليلٌ والنهار نهارُ.. والأرض فيها الماءُ والأشجارُ.. وتمخّض شاعر آخر فقال واصفا مجلسا له مع أصحابه عند نهر: كأننا والماء من حولنا...قوم جلوس حولهم ماءُ.. وأطاح بهؤلاء جميعا شاعر آخر رأى قطيعا من البقر فقال واصفا: عجبٌ عجبٌ عجبٌ عجبٌ.. بَقرٌ تمشي ولها ذَنَبُ ولها في بُزْبُزِها لَبَنٌ.. يبدو للناس إذا حلبوا والناقة لا منقار لها... والوزة ليس لها قتبُ ( القتب بمثابة البردعة للناقة ولكن من خشب) والقصيدة لا تزال طويلة ولكننا نخشى الإملال. ولهذا الشاعر النحرير قصيدة أخرى استعار منها أحمد عدويّة كلمات: السح اندح انبو رغم ان الشاعر عاش في مصر في عصر المماليك إذ يقول: و لما انا كبرت بحمد ربي .. و صار لمنتهى عقلي ابتداء بقيت اقول نَنُّو نَنُّو تَاَتهْ .. و دَحٍّ و كِخٍّ و انْبُو و مَمْ آء هههههه..تلك نبذة عن الشعر الحَلَمَنْتِيشِي.. ولكن للكبار أيضا سقطاتهم وابتذالهم وربما عدنا اليها يوما.. طاب يومكم..