يسالني كثير من اصدقائي هذه الأيام لماذا اصبحت في هذه المدة الاخيرة قليل الكتابة وكثير الصمت وقليل الكلام؟ فاجيبهم بكل سرعة ودون طول تفكير او كما يقول عامة التونسيون(تخمام) انني لم اجد من الأخبار ومن الأحداث ومن الطرافة ومن افعال ومواقف كبار وصغار الشخصيات ما يجلب اهتمامي وما يشد انتباهي ولا ما يثير في نفسي وعقلي الاعجاب والاحترام وانني كنت قد عاهدت نفسي وقلمي ألا اكتب لمجرد الكتابة والتحبير وانما عاهدتهما ان اكتب لادعو واحث القراء على مزيد النظر والانتباه والتدبر والتفكير وبناء على هذا التقديم واستنادا على هذا الأساس فقد شدني واعجبني وحرك في الشعور والاحساس ما فعله الرئيس الروسي المحترم فلاديمير بوتين لما زار مدينة بيت لحم في فلسطين اذ اثر مروره بتشكيلة من ضباط حرس الشرف الفلسطيني مع مضيفه الرئيس محمود عباس راى قبعة احدهم ملقاة على الأرض فرفعها بيده ووضعها على راس الضابط صاحبها ثم حياه احسن تحية وواصل طريقه وهو يبتسم ابتسامة لطيفة اخوية عفوية...نعم ايها القراء اليس ما فعله الرئيس بوتين يدل على ما في نفسه من قمة التواضع ومن البراءة من داء التكبر ومرض ومركب الاستعلاء الذي نهى عنه رب الأرض ورب السماء؟ ولقد راجعت في نفسي وعادت بي ذاكرتي الى كل ما رايته من المواكب الرئاسية الرسمية فلم اجد فيها مع الأسف ما يشبه او يقرب لما فعله رئيس الدولة العظيمة الروسية فكل الرؤساء الذين رايتهم على بكرة ابيهم يمرون امام تشكيلات الحرس الشرفية رايت خدودهم مصعرة ورايت رؤوسهم مرتفعة الى السماء ولا يعبؤون ولا يهتمون بما يرون من الحرس ولا بقبعاتهم هل هي على رؤسهم ام سقطت على الأرض ام طارت في السماء؟ وحتى لو رؤوا قبعة منها قد سقطت من راس صاحبها فلا شك انهم سيمرون بها دون التقاطها بل سيضحكون وسيستهزئون من هذا المنظر ومن صاحبه كل الضحك وكل الاستهزاء...نعم ايها القراء اسمحوا لي ان اقول وانا في قمة الحزن وفي قمةالأسى ان تربيتنا المنزلية ومدارسنا ومعاهدنا وكلياتنا وجامعاتنا قد علمتنا قريبا كل شيء ولكن لم تعلمنا شيئا ذا بال من الأدب ومن جميل الخصلات ومن رفيع الصفات وخاصة خصلة وصفة التواضع وهي لعمري من ارفع الخصال ومن افضل الصفات التي تجعل صاحبها يعيش بين الناس مثلهم ودون ترفع عليهم و كايها الناس ويتصرف بكل تلقائية وعفوية ناسيا منصبه مهما كان رفيعا او عظيما او علويا...نعم ايها القراء بمثل هذا السلوك وبمثل هذا الصنيع الذي اتاه الرئيس بوتين نستطيع ان نقول وان نجزم ان التربية والتعليم في المجتمع الروسي قد نجحا النجاح الكبير الفائق العظيم وما دمنا لم نر يوما مثل هذا السلوك في مجتمعاتنا العربية الاسلامية فاننا لا نقول شططا اذا قلنا واذا اكدنا واذا جزمنا ان تعليمنا وتربيتنا مازالا في اخر سلم وفي اخر رتب انواع التربية والتعليم العالمية...ولم يبق لي في اخر هذه السطور وفي ختام هذه الكلمات الا ان اقول لمن عاتبني ومن لامني من المعاتبين ومن المعاتبات ومن اللائمين واللائمات على قلة كتاباتي وانخفاض سرعة تدفق مقالاتي وتعليقاتي هذه الأيام اروني او اخبروني بموقف مثل موقف بوتين وساكون عليه من اول المعلقين وعنه من اول الكاتبين فاذا لم تجدوا ولم تروا ولم تعلموا بمثل ذلك الموقف (البوتيني) التاريخي الرفيع العظيم فاتروكوني مستريحا من اتعاب نفسي ومن اقلاق قلمي في الكتابة عن اناس أجلاف وعن احداث ضعاف عجاف لا تساوي عندي درهما ولا فلسا ولا مليما ولا حتى سنتيم