يوم اعلامي حول "المتعامل الاقتصادي المعتمد" بمقر الادارة العامة للديوانة    عاجل/ غارات اسرائيلية تستهدف القصر الرئاسي ووزارة الدفاع في سوريا    فتح المنصة الخاصة بالتسجيل في خط تمويل بقيمة 5 ملايين دينار لفائدة الاشخاض ذوي/ات الإعاقة    عاجل/ "أزمة القهوة": وزارة التجارة تكشف عن برنامج استثنائي لدعم التزويد    تونس: اللحوم الحمراء قد يصل سعرها إلى 80 دينار!    شركة تونس للطرقات السيارة تعلن عن إلغاء محطة الإستخلاص "سوسة /القلعة الصغرى" إبتداء من الإربعاء    الإعلان عن انطلاق الاستعدادات العمليّة واللوجستية "لأسطول الصمود المغاربي البحري لكسرِ الحصار على غزَّة..وهذه التفاصيل..    خامنئي: الحرب الإسرائيلية هدفت الى الإطاحة بالحكم في إيران    الفيفا: الكشف عن موعد الإنطلاق في بيع تذاكر مونديال 2026    فظيع/ جريمة مروعة: ينهي حياة شقيقته طعنا بالسكين..وهذه التفاصيل..    عاجل/ أربعيني ينتحر شنقا في عمود كهربائي    دراسة تحذر وتكشف: المُحليات قد تُسبّب البلوغ المبكر لدى الأطفال ومشاكل في الإنجاب..!#خبر_عاجل    من بينهم تونس: تعرف على تصنيف متوسط دخل الفرد في الدول العربية وأعلى الأجور    اللي يحبّ يعيش ملك: هاذم أغلى مدن في العالم!    اليوم: إلغاء محطة استخلاص سوسة القلعة الصغرى    عاجل : كينيث سيماكولا يُغادر رسميا النادي الإفريقي    بطاقة مدرسية مجانية من البريد التونسي: تحوّل فلوسك لولدك ب ''كليك''!    عاجل/ اختراق صيني يستهدف شبكة الحرس الوطني الأميركي..    "رَست" و"السارة و النوباتونز" يصدحان بأوجاع الاغتراب في المهجر على ركح مهرجان الحمامات الدولي    تراجع عائدات صادرات التمور بنسبة 3،8 بالمائة    ديار جدودنا كانت تبرد، توا ديارنا تغلي... علاش؟    وزير الفلاحة يؤكد ان الوزارة تشتغل على أساس معطيات دقيقة وينفي وجود أية شبهات    إنطلاق فعاليات الدورة 42 لمهرجان بنزرت الدولي بعرض رحلة الأجيال للفنان يسري مقداد    توقيع اتفاقية تعاون علمي بين جامعة القيروان و جامعة الجفرة الليبية    المشاركات التونسية بألمانيا: 3 أسماء فقط في التايكواندو    عاجل/ جريمة مقتل ستينية على يد ابنتها بالتبني: معطيات وتفاصيل جديدة وصادمة..    ما عادش تسكت؟ عطّلتك الإدارة التونسية ...هذا شنوا لازمك تعمل و تبلغ صوتك !    المجمع الكيميائي التونسي، أول مؤسسة عمومية تُسوي وضعية عمال المناولة    هبوب رياح قوية والبحر شديد الاضطراب.. والرصد الجوي يُحذّر    محرز الغنوشي: ''رياح قوية اليوم ولا ننصح بالسباحة''    عاجل: وزارة الدفاع تنتدب تلامذة ضباط صف بجيش الطيران...اكتشف الشروط والمواعيد    بالفيديو: أمين علولو للتونسيين في الخارج: ''عودتكم قوة اقتصادية...وبلادكم في انتظاركم''    دوري نجوم قطر: نادي الغرافة يحسم مصير "فرجاني ساسي"    الليغا: أتليتيكو مدريد يتوصل لاتفاق لضم متوسط ميدان بوتافوغو البرازيلي    قانون جديد لمناهضة العنف في الملاعب: عقوبات بالسجن وغرامات ثقيلة    ترامب: لست في عجلة للتحدث مع إيران.. والأسلحة تُرسل بالفعل لكييف    اعتماد البطاقة المهنية للمدربين من قبل الجامعة التونسية لكرة القدم    عاجل/ من أجل الفساد وتدليس شهائد علمية: 10 سنوات سجنا في حق هذا المسؤول..    صفاقس : عروض الفروسية والمداوري، وأخرى فنية تؤثث الدورة 60 لمهرجان عقارب للفروسية من 24 إلى 27 جويلية.    القصرين : حجز 120 طناً من البطاطا بسبب الإخلال بتراتيب الدعم    تجارة بينية: تونس تسعى لتعزيز حضورها في السوق الجزائرية    طقس اليوم: الحرارة في انخفاض وأمطار مرتقبة ببعض الجهات    إسرائيل تنقل إدارة الحرم الإبراهيمي إلى المستوطنين    مواطنون يعمدون الى بناء أجزاء من منازلهم داخل مشروع السكة الرابطة بين سوسة والمهدية    قريبا على خشبة المسرح .. عاطف بن حسين «الديكتاتور»    تاريخ الخيانات السياسية (16) .. تآمر ابن سُريج مع خاقان    الوقاية خير من العلاج .. احذروا... أمراض الصيف    تظاهرة "كتاب على أبواب المدينة" من 16 إلى 25 جويلية 2025    سليانة: إنطلاق فعاليات مهرجان مصيف الكتاب في دورته 32    القيصر يطمئن جمهوره: لا تصدقوا الشائعات، أنا بخير    تونس تختتم الدورة الأولى من برنامج "طب القلب لأفريقيا"    المهاجم فراس شواط ينضم الى النادي الافريقي    السردين: الحوت الصغير اللي فيه فايدة كبيرة...شنوة منفعتو وقدّاش يلزمك تاكل منّو في الجمعة    طقس اليوم: الحرارة في انخفاض طفيف بهذه المناطق    تاريخ الخيانات السياسية (15)نهاية ملوك إفريقية    لحظة مذهلة في مكة: تعامد الشمس على الكعبة وتحديد دقيق للقبلة    تاريخ الخيانات السياسية (14): القصر لساكنه..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    









وا تونساه !
نشر في كلمة تونس يوم 13 - 12 - 2009

هذا النص هو واحد من ثلاثة أو أربعة نصوص أتناول فيها وليمة شتيمة المعارضين التي شارك فيها في المدة الأخيرة بعض مستكتبي السلطة وماسحي حذاء النظام.
لن أتحدث في هذا النص عن التهم بالعمالة لإسرائيل والدعوة إلى تصفية بعض المعارضين تصفية جسدية، ولا عن تخوين هؤلاء المعارضين والتشكيك في وطنيّتهم، ولا عن الاتهامات بالاتجار بحقوق الإنسان لجمع الأموال.
فهذه مواضيع – رغم أهميتها- ليست لها عندي أولوية. الموضوع الذي له عندي أولوية وأعتقد أنه ينبغي أن يكون كذلك عند الآخرين هو الحملة القذرة التي يشنّها عبد العزيز الجريدي في جريمة "كل الناس" على جملة من النشطاء والإعلاميين في تونس وخارجها.
الحق أنّي تخاذلت طويلا أو بالأحرى صعب عليّ أن "أطيح قدري" مع هذا "المهزرص" الذي يبدو متمتعا بحصانة كاملة وإفلات من المساءلة بدليل الشكاوى الكثيرة التي رفعت ضدّه والتي بقيت نائمة في أدراج القضاء التونسي.
ولكنّ ما كتبه الجريدي مؤخرا عن سفير سابق ثم عن سهام بن سدرين منذ أسبوع لم يعد يترك مجالا للتخاذل والصمت ولا للتجاهل لأنّه لا يجوز تجاهل السرطان حتى يستفحل، وما يكتبه الجريدي هو سرطان يهدّد المجتمع والأخلاق العامة لا الأشخاص المكتوب عنهم.
السفير السابق لم آخذ منه الإذن بالكتابة عنه وقد يكون اختار احتقار الجريدي والتغاضي عن سمومه، وهذه وجهة نظر أحترمها.
أمّا سهام فقد أذنت لي بالكتابة عنه قائلة إنّ ما نشر قد نشر ولا جدوى من تجاهله.
وأنا أفضّل موقف سهام، وقد سبق لي أن وقفت مثله فيما يخصّني.
لا أريد بهذا النص أن أجعل من سهام زعيمة وقضيّة وطنيّة وهي تعرف وتعتقد مثلي أنّ الزعامة تكتسب بالعمل والخصال الشخصيّة ولا تصنع.
كما لا أريد أن أصوّر سهام ضحيّة وأدافع عن شرفها فسهام مناضلة قويّة وثابتة لا تهزّها أقاويل أسقاط الناس ممّن لا يساوون قلامة ظفرها.
ما أريده في هذا النصّ هو الدفاع عن الأخلاق العامة وسمعة بلادنا التي صارت مضغة في الأفواه.
كتب الجريدي عن سهام: (..................) أقسم بالله العظيم أنّ "الدنيا دارت بي" لمّا قرأت هذه الأوساخ وأنّي تمنّيت لحظة لو أنّي متّ قبل أن أرى هذه الحالة التي وصلنا إليها في هذه البلاد...
ثمّ وبكلّ عفوية وبلا تخطيط بدأت تتشكل في ذهني هذه البكائية التونسية العابرة للاتجاهات والأحزاب والتكتلات التي تستصرخ ضمير هذه البلاد عساها تغضب لشرفها كما تستصرخ آخرين قصد الإحراج وتدعو أوّل وآخر من يدّعي ومن هو الأقدر على الاستجابة.
لو كان لنا رئيس لكلّ التونسيين يستمع إلى معارضيه حتى ولو كان يعتبرهم أعداء له لما استنكفت من استصراخه برغم اعتراضي الشديد على سياساته ورئاسته ولقلت له: أينك يا رئيس تونس من المجزرة الأخلاقية التي تدور للدفاع عن حكمك ؟
هل ترضى بأن يدافع عن حكمك بهذا الشكل ؟
هل رأيت في حكام العرب من يجيز مثل هذا؟ هل أجاز مثله بوتفليقة أو محمد السادس أو القذافي أو مبارك أو الأسد أو علي عبد الله صالح أو البشير أو عبد الله الأردن أو عبد الله السعودية أو.. أو..؟
لماذا ترضى بأن تكون الاستثناء في إجازة هذا ؟
ولماذا تحكم علينا بمقاساته فنكون الاستثناء المنحط في منطقتنا المتخلفة؟
إنّ إعلامك يقول صباح مساء أنّك تعرف كل ما يدور في هذه البلاد. وأنا أتمنّى أن يكون ذلك مجرد مبالغة في الدعاية، وأن تقول لي إنّك لم تعرف تفاصيل المذبحة الأخلاقية التي تشنّ من أجلك ثم تسارع فتضرب بقوّة على أيدي مقترفيها.
أمّا إذا كنت تعرف وسكتّ فإنّه لا يسعني إلاّ أن أصرخ : يا خيبة المسعى ! ولا حول ولا قوة إلاّ بالله، وواعثرة حظ تونس إذ وقعت بين أيد لا تراعى لها حرمة ولا تخاف الله في أعراضها... وواتونساه !
أوّل من أستصرخه هو قرائي وقراء "كلمة" عموما فأقول لهم: إنّكم كُثر وفي المعارضة والسلطة وفي المستقلين والجالسين على الربوة.
وبرغم مواقفكم النقدية من أدائنا فإنّ الغالب عليكم هو الإعجاب بأداء "كلمة" وشجاعة أقلامها، واليوم آن أوان تجسيم هذا الإعجاب ولم تعد تنفعنا عبارات مثل "يعطيكم الصحّة" و"نحّيتولنا على قلوبنا خمجة"، المطلوب منكم اليوم هو صدّ "خمج" الجريدي بالشكل الذي ترونه مناسبا.
فإن فعلتم كان "بها" وإلاّ فواتونساه !
وواجهداه الضائع !
وأنتم يا عناصر حكومتنا أينكم ؟
وكيف تسري مثل هذه السموم في مجتمعنا دون أن تعطلها أجهزة لها في المقصّ باع وذراع؟
يا وزير الداخلية لقد رفضت جميع مطالبنا لنشر جرائد مستقلة ثم منحت الجريدي رخصة جريدة ثانية ليواصل هتك أعراض الناس وقذف قاذوراته في وجه المجتمع: ألا ترى أنّك بمنعنا بقيت في حدود حكم الاستبداد إلى حكم الانحطاط وتلويث البيئة الأخلاقية وتهديد النظام العام؟
وأنت يا وزير العدل وحقوق الإنسان ويا أستاذ القانون: أين وزارتك من حقوق الإنسان مادام الإنسان التونسي لم يعد ضامنا حتى لبيئة أخلاقية قابلة للتنفس؟
وماذا يقول قانون معاليك فيما يكتب وينشر كلّ أسبوع من بذاءات الجريدي؟
وأنتم جميعا يا وزراء ومسؤولون أمنيّون ويا مستشارون رئاسيّون ما هو رأيكم في الجوّ الكاتم للأنفاس الذي تعمل فيه إدارتكم؟
هل تحسّون ببعض المسؤولية إن كنتم شاعرين بها؟
إذا كان منكم من يعتقد أنّه خارج "الطرح" وأنّ مثل هذه الأمور بعيدة عن اختصاصه فهو واهم، واهم.
سيسحب عليكم كلّ شيء وسيذكر أنّكم كنتم جزءا من نظام استباح أعراض الناس ولوّث أخلاق المجتمع.. افعلوا شيئا... قولوا كلمة حق.. أسدوا النصيحة حقْنا للأعراض... لماذا كلّ هذا الخوف وهذا التخاذل والخذلان... هل ستستجيبون، أمْ أنوح: وا تونساه ! وا حكومتاه !
أيّها القضاء المفترض فيه العدل وحماية حقوق الناس وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم.
لقد حكمت ظلما على توفيق بن بريك ووضعته في السجن الإساءة إلى الأخلاق الحميدة.
ولقد حكمت على زهير مخلوف بتهمة استخدام وسائل الاتصال العمومية للإساءة إلى مواطن، فما هو رأيك فيما يكتبه الجريدي وينشره في وسيلة إعلام عمومية؟
هل هو متوافق مع الأخلاق الحميدة ولا يسيء إلى عموم المواطنين؟
هل تريد أن تفهمنا أيّها القضاء أنّ الجريدي أقوى منك وخارج من سلطتك برغم قرائن وأدلّة جرائمه التي تنشر كلّ يوم ويتداولها الناس؟
وإذا كان ذلك كذلك أفلا يحقّ لنا أن نتساءل أيّها القضاء إن كان زيّك الرسميّ رمز عدالة أم أنّ سواده لون حداد على العدالة؟
وهل تلومنا إذا استعضنا الله فيك وإذا نُحنا: وا تونساه! وا عدالتهاه! وقضاءاه!
وأنت أيها الإسلام في تونس وأيّها الأئمة والوعاظ: أليس الإسلام بِنَاهٍ عن هتك الأعراض وقذف المحصنات؟
هل رأيتم لهذا الذي يحدث عندنا شبيها في أرض المسيحية واليهودية أو حتى أرض بوذا والمجوس !
ماذا أنتم فاعلون مع هذا المنكر الذي ينشر في ديارنا ويقرأه رجالنا ونساؤنا وشبابنا وأطفالنا؟
أينك يا مفتي الديار التونسية ؟ هل تركت لك التشريفات وحفلات الاستقبال والمآدب بعض الوقت لتذبّ عن حرمات المسلمين والمسلمات ولتتقرب إلى الله بكلمة حقّ لا أمام حاكم جائر بل أ أمام مجرّد صحفيّ فاجر ؟
وأينكم يا من اتخذتم من الإسلام موضوع سياسة ومشروعا مجتمعيّا ؟
ماذا ترون فيما يحدث عندنا من انتهاك للحرمات؟
ألا ترون فيه معضلة أكبر من مسألة الحجاب لأنّه يهتك أستارا معنوية أهمّ من الحجاب المادّي ؟
هل ستشنونها غضبة للدين والشرف يردّد الإعلام الكوني أصداءها أم ستكتفون باحتجاج فاتر لأنّ الضحيّة علمانية أم ستصمتون صمت القبور فأنوح وأقول: وا تونساه ! وا إسلاماه !
أيّها الإعلاميون من كل حدب وصوب ومن كل اتجاه، ومنكم أستثني توائم الجريدي الذين اعتادوا هتك الأعراض، ما رأيكم فيما كتب "زميلكم" الجريدي ؟
هل يشرف مهنتكم ويحترم أخلاقياتها ؟ ألا ترون أنّ الصحافة حتى ولو كانت غذائية ملزمة بالدفاع عن ورقة التوت التي تستر عورتها؟
وأنت تحديدا يا كمال بن يونس يا حارس معبد أخلاقيات المهنة ويا من يخطب بقلبه ويديه لمجرد مناقشة مع نقيبه المخلوع، ماذا ستفعل الآن ونقابتك "الشرعية المنتخبة" مع "الصحافي المحترف" عبد العزيز الجريدي؟
هل ستتخذان معه الإجراءات التأديبية اللازمة؟ حتى أنتم يا صحف المعارضة ويا أيتها النقابة الشرعية ويا لجنة الدفاع عن حرية الصحافة أين أنتم من جسامة هذا الذي يحدث عندنا؟
ألا ترون معي أنّه يستحقّ "احتجابا احتجاجيا" أو حملة قويّة ضدّ البذاءة أم أنّكم ستكتفون بكليمات ممّا نعرف لغياب "الرهان السياسي والتنظيمي" فتجعلوني ألطم وأقول: وا تونساه! وا صحافتاه !
يا أخواتي وبناتي في كلّ فضاءات النضال النسوي، إنّ لحمنا واحد وعرضنا واحد وشرفنا واحد مهما اختلفت اتجاهاتنا.
وإنّ الجريدي هاجم سهام بصفتها امرأة قبل أيّ اعتبار آخر لأنّه من طينة فاسدة ترى المرأة عارا لأنّها امرأة، فماذا أنتنّ فاعلات به؟
هل ستهببن هبّة واحدة إلى أن يسلم الشرف الرفيع من الأذى، أم أنّكنّ ستنصرفن كلاّ إلى شؤونها الخاصّة من إدانة للحجاب والمحجبات والتذمّر من الإسلام والإسلاميين والمطالبة بالمساواة وبالكفّ عن استعمال العنف ضدّ المرأة ؟
ألا ترين أنّ الجريدي استعمل مع سهام بن سدرين عنفا أعنف من العنف ؟
ألا تحفظن قول جدّاتكنّ "الجرح يبرى يا صبرة وتهوي عليه الضميدة، إلاّ الكلمة السوْ تمسا وتصيح جديدة" ؟
إذا كنتنّ بهذا جاهلات أو له متجاهلات ف"يكبّ والله سعدكم".
ووا تونساه ! ووا مرأتاه !
وأنتم يا كلّ الأحزاب ما عدا أحزاب الكرتون- التي لم تحركها حتى دعوة شارون- هل ترون بعد قراءة ما نقلته لكم أنّ فعل السياسة مازال ممكنا في هذا الجوّ التونسي الموبوء؟ أم أنّكم ستعدّلون نظرتكم إلى فعل السياسة فتقدمون الثوابت المبدئية على البراغماتية السياسية وحرمة الإنسان على المصالح الحزبيّة ؟
كأنّي عرفت الجواب قبل سماعه منكم ولهذا أسارع فأصرخ: وا تونساه ! وا سياستاه ! وا أحزاباه !
أيّتها النخب المثقفة والمفكرة والفنية المبدعة والجامعية. أنتم "كبار الحومة" في هذا البلد والكبير ينهى عن "العيب" في تقاليد مجتمعنا، فما هو موقفكم من عيب اسمه عبد العزيز الجريدي، هل ستتصدون له أم أنّ التصدّي إلى المناضلين ورميهم بالخيانة والعمالة أسهل عليكم.
إذا كان الأمر كما الاحتمال الثاني فكسّر الله أقلامكم وجفّف ينابيع وحيكم وقطع حبال إلهامكم. ووا تونساه !.. ووا نخبتاه !
أيّها الشعب، يا شعبي المسكين أنا والله أعلم الناس بحالك ومن أعرفهم بأنّك تأكل القوت وتخاف عليه وتنتظر الموت وتخافه وتخاف البوليس أكثر منه ولهذا فلن أثقل عليك بمطالبي.
بل سأكتفي بالاتجاه إلى الشريحة "المستنيرة" التي تقرأ الجرائد فأسألها: بأيّ عين تنظرون إلى ما تقرأون في "الحدث" و"كل الناس" و"الشروق" و"الصريح" من تهجم على أعراض المعارضين؟ هل تقابلونه ولو بالرفض والغضب والاستياء وبلعن الكاتبين والتعاطف مع المكتوب عنهم أم أنّكم ترون فيما تقرأون مجرّد منافرات مسلّية تصلح لتجزية الوقت؟
إذا كان جوابكم هو الثاني فإنّا لله وإنّا إليه راجعون... ووا تونساه !.. ووا شعباه !
يا ربّ... أنت الملاذ الأخير وخير من يُدعى في الشدائد: ماذا فعلت هذه البلاد ليحلّ بها هذا القدر من غضبك؟ هل نحن ثمود وعاد والجريدي هو العاصفة التي ستبيدنا؟ أم نحن قوم نوح وبذاءة الجريدي هي الطوفان الذي سيغرقنا ؟
إن نعم فلماذا لم تختر لنا يا ربّ طوفانا آخر غير طوفان القذارة والبذاءة؟ اُلطف بنا ياربّ واكشف عنّا هذا البلاء أو أعطنا علامات على قرب انجلائه نَقدر بها على مواصلة الصبر والاحتمال.
هذه صرختي وهذان ندائي ودعائي، ورجائي أن تجد مناشداتي لدى من ناشدتهم سميعا يدلّ على أنّنا مازلنا في وطن جدير بالحياة، وإذا كان الأمر على خلاف ذلك فدعوني أنشد مع ميخائيل نعيمة:
أخي من نحن لا وطن ولا أهل ولا جارُ
إذا نمنا، إذا قُمنا رمانا الخزي والعارُ
لقد خمّت بنا الدنيا كما خمّت بموتانا
فهات الرفش واتبعني لنحفر خندقا آخر
نواري فيه أحيانا
أم زياد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.