جمعية القضاة تدعو السلطات التونسية إلى إيقاف إجراءات تعليق نشاط جمعية النساء الديمقراطيات    أحدهما كان متجهاً إلى الجزائر: القبض على مشتبه بهما في سرقة مجوهرات اللوفر    هيئة أسطول الصمود: تسليم كل التبرعات العينية التي لم يتم شحنها إلى غزة، للهلال الأحمر    عاجل: دون خسائر بشرية: 3 حرائق متزامنة في المهدية    من ضِمنها أزمة الملعب وصفقة الوحيشي ..هذه أسباب اخفاق المنستيري في رابطة الأبطال    الباحثة والناقدة المسرحية فائزة مسعودي: المسرح التونسي يطرح أسئلته الكونية من رحم محلي    حجز أكثر من 7.6 طن من المواد الغذائية الفاسدة وغير الصالحة للإستهلاك..    فيما واشنطن تقدّم مبادرة لحلّ أزمة السودان.. الدعم السريع تسيطر على مواقع هامّة في دارفور    المهدية: دون تسجيل أية أضرار بشرية ...اندلاع حرائق بمنطقة «جبل دار واجة»، والحماية المدنية تتدخّل    مع الشروق : ازدواجية المعايير والإنسانية المهدّدة    دعوة لتوجيه الدعم الى زيت الزيتون    تضم 8 مكاتب تنشط داخل مطار تونس قرطاج .. القصة الكاملة للتجاوزات في كراء السيارات    تراجع في عدد حوادث الطرقات    في العرض ما قبل الأول لفيلم «باراسول»...عندما تكون الشهامة طريقا إلى قلب المرأة    عباس يصدر إعلانا دستوريا حول رئاسة السلطة الفلسطينية في حال شغور المنصب    الجزائر.. إنهاء مهام الرئيس المدير العام لسوناطراك وتعيين نور الدين داودي خلفا له    عائلته أكدت تقديم دواء خاطئ له.. وفاة الطفل زيد العياري    عاجل: اتحاد الناشرين يعلق مشاركتو في المعرض الوطني للكتاب    البطولة العربية للأندية للكرة الطائرة للسيدات – النادي الإفريقي ينهزم أمام نادي ناصرية بجاية الجزائري 1-3    مونديال كرة اليد تحت 17 سنة – المنتخب التونسي ينعش آماله في التأهل إلى نصف النهائي بفوزه على نظيره الكوري 33-27    يوم 1 ديسمبر آخر أجل للترشح لجائزة نجيب محفوظ للرواية 2026    تحذير: اكتشاف مادة خطيرة في مكونات Bubble Tea    عاجل/ نتنياهو يكشف: نتنياهو: إسرائيل حددت "القوات الدولية التي لا تقبلها" في غزة..    بسبب نظافة المنزل.. امرأة تعتدي على زوجها بسكين..شنيا الحكاية؟    صمت أكثر من 36 ساعة؟ شوف شنيا يصير لبدنك    قابس : دعوة لتغيير المنوال التنموي القائم على الصناعات الكيميائية بمنوال جديد يضمن استدامة التنمية    شنوّة الBomb Cyclone؟ منخفض ينفجر في نهار واحد    عاجل: ديوان الخدمات الجامعية يفتح باب منحة التربص للطلبة...الرابط والآجال    لأوّل مرة: نادين نجيم وظافر العابدين في تعاون درامي رمضاني!    توزر: تأسيس نادي محاورات لتقديم تجارب إبداعية وحياتية    دعم صغار الفلاحين وتعزيز صادرات الزيت المعلب: الحكومة تتحرك    تحب تحمي قلبك؟ تجنّب الأطعمة هذه قبل الصباح    الإنجاب بعد 35 سنة: شنو لازم تعمل باش تحمي صحتك وصحة الجنين    البطولة الالمانية: بايرن ميونيخ يعزز صدارته بفوزه على بوروسيا مونشنغلادباخ    عاجل: غيابات في الترجي قبل مواجهة رحيمو    وزير الشؤون الدّينية يشارك في الملتقى الدولي للمذهب المالكي بالجزائر    عاجل: مطار خليج سرت يفتح بعد 12 عام    تايلاند وكمبوديا توقعان إعلانا لتسوية النزاع بحضور ترامب    محمد رمضان يكشف عن تعاون فني غير مسبوق مع لارا ترامب ويعلن مشاركة حفيدة الرئيس الأمريكي في الكليب الجديد    بطولة فرنسا: ثنائية لحكيمي تعيد باريس سان جيرمان إلى الصدارة    نهار الأحد: سخانة خفيفة والنهار يتقلّب آخر العشية    شوف شكون ضد شكون ووين: الدفعة الثانية من الجولة 11    رئيس الدولة يستقبل التوأم الفائزتين في تحدي القراءة العربي بيسان وبيلسان..    قبل الكلاسيكو.. مبابي يتوج بجائزة لاعب الشهر في الدوري الإسباني للمرة الثانية تواليا    مجلس وزاري مضيّق لمتابعة خطة إنجاح موسم زيت الزيتون 2025-2026    طقس الليلة    حجم احتياطي النقد الأجنبي    طلب فاق المعدلات العادية على أدوية الغدة الدرقية    الاقتصاد التونسي أظهر مرونة امام الصعوبات وحقق عدة مؤشرات ايجابية    مدنين: افتتاح فعاليات ملتقى المناطيد والطائرات الشراعية بجزيرة جربة بلوحة استعراضية زينت سماء الجزيرة    وزارة النقل تفتح مناظرة خارجية في 17 خطة معروضة بداية من 26ماي 2026    تفاصيل تقشعر لها الأبدان عن جزائرية ارتكبت واحدة من أبشع جرائم فرنسا    وزارة الصحة: تقنية جديدة لتسريع تشخيص الأمراض الجرثوميّة    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القديدي يكتب لكم : هل هي نهاية السياف مسرور؟
نشر في الصريح يوم 28 - 02 - 2020


أول مشهد بدأ يختفي من العالم العربي بسبب التحولات العميقة التي هزته هو مشهد السياف مسرور الذي كان رمزا أدبيا للحكم المطلق وعنوانا عربيا تاريخيا لجمع كل السلطات في يد الحاكم العربي ولم يكن السياف مسرور سوى الجلاد الجاهز لتنفيذ أي حكم فردي وفي الحال بدون تردد أو نقاش. وجاءت مشاهد البرلمان التونسي و التصويت على الحكومة يوم الأربعاء الماضي لتؤكد لي و لغيري أن الديمقراطية بدأت تبدد أوهام الإستبداد العربي وبالطبع فإن غياب السياف مسرور إلى الأبد سوف يفتح عهدا حضاريا للأمة يعود فيه للإنسان المواطن حقه في الحياة بدون رعب السياف وفي منأى عن الأمزجة والطاغوت. صورة السياف مسرور الواقف بين أيدي أمير المؤمنين هارون الرشيد ظلت تداعب خيالنا منذ الطفولة كأنها ملحمة عربية صميمة حين بدأنا نقرأ أمهات كتب الأدب العربي مثل كتاب الأغاني لابي فرج الأصفهاني وكتاب العمدة لابن رشيق القيرواني و كذلك أدب الخيال مثل ألف ليلة و ليلة و تواصلت صورة السياف مسرور ترافقنا مع قدوم الأفلام المصرية الأولى أبيض و أسود و المستوحاة من قصص ألف ليلة و ليلة و التي نرى فيها من خلال شاشاتنا القديمة ذلك الرجل الأسود البدين القوي مفتول العضلات و الممتشق سيفا ضخما وهو يأتمر بأوامر الخليفة الأموي أو العباسي الذي كان يجسده عادة الممثل المصري عباس فارس بصوته الجهوري كلما ناداه: يا مسرور اقطع رأسه! وكان يقوم بدور مسرور نفس الممثل المصري على مدى ربع قرن ونظل نحن الأطفال المساكين نرتعد في قاعة السينما مع الضحية الذي لا يملك استئنافا ولا نقضا للحكم البات والفردي ويغمض الحساسون منا وذوو القلوب الرقيقة عيونهم إلى أن يمر مشهد قطع الرأس. وما كان أكثر الرؤوس المتدحرجة في بلاطات الخلفاء والملوك عبر التاريخ العربي ظلما وعدوانا وما أكثر السيافين في كل العصور العربية المظلمة! ومع مرحلة الاستعمار في بلاد المغرب العربي عشنا بالفعل مأساة السياف مسرور لكنه هذه المرة يخدم ركاب المحتل الفرنسي ويلاحق المجاهدين ويغتال المقاومين ورأينا مسرور يرفع سيفه البتار لينال من حقوقنا في الاستقلال والحرية وهو موظف في إدارة المستعمر. و حين حصلت بلداننا على استقلالها تذبذبت حكوماتنا الوطنية بين انتهاج نهج الوفاق والمصالحة و بين إتباع طريق تصفية الحسابات بين الفرقاء و الخصوم و المتنافسين على السلطة فعاد شبح السياف مسرور يرتاد بلاطات الحكم في مرحلة ما بعد الاستقلال وشهدت تونس فتنة الانقسام الخطير و الدموي بين بورقيبة و غريمه و رفيق كفاحه المرحوم صالح بن يوسف،و استعمل بورقيبة نفس السياف ضد الملك طيب الذكر الأمين باشا باي و أسرته و ضد المناضل الكبير الطاهر بن عمار ثم ضد أقرب أبنائه أحمد بن صالح و أخيرا ضد أوفى الأوفياء له محمد مزالي و كذلك فعل بعده وريثه زين العابدين بن علي. وشهدت المملكة المغربية صراعا بين الملك محمد الخامس والسلطان بن عرفة وعاشت الجزائر فواجع التصفيات بين فصائل الدولة بعد التحالفات في مرحلة الثورة وكان آخر ضحاياها المرحوم الرئيس محمد بو ضياف عام 1992 وعشرات الألاف من المواطنين. وأنا أكتفي بذكر السياف ألمغاربي مسرور لأني لو فتحت معاجم تاريخ السياف المشرقي مسرور لاحتجنا إلى مكتبات كاملة. ولكل مثقف ومواطن مصري وشامي وعراقي وسوداني ويمني وليبي أن يستعيد التاريخ القريب لبلاده ليدرك بأن السياف مسرور مصري وشامي وعراقي وسوداني ويمني وليبي وبأن ضحاياه بالآلاف منذ أكثر من نصف قرن. وظلت نداءات الحكام للسياف مسرور هي ذاتها مع بعض التغيير في التفاصيل ومع انتقال السلطة بين يوم وليلة من حاكم إلى حاكم بالانقلابات وبيانات الساعة الأولى تغيرت ملامح الديكور وتبدلت الشعارات البراقة وتحولت الأساليب لكن الذي لم يتغير هو السياف مسرور. بقي كما هو بسيفه المهند يقف وراء العرش ويأتمر بأوامر صاحب العرش وينفذ ويطيع مع تغييرفي الرؤوس المقطوعة بل أنك تحسبه لا ينظر من هو الجلاد ومن هو الضحية ولا يهمه من الذي يعطي الأمر ومن الذي يروح في داهية المهم بالنسبة إليه هو رفع البتار ليهوي به على رقبة بائس مغلول في القيود دون أن ترف لمسرور عين ولا أن تصيب يده رعشة وبلا أي حزن ولا تردد ولا سؤال ولا ندم يواصل أداء وظيفته كالآلة الخرساء العمياء انه مسرور العربي الأبدي الأزلي: ماكينة القتل مسرور الدائم منذ خمسة عشر قرنا من التاريخ العربي! هو ذاته الذي رأيناه ليلة من ليالي يوليو 1958في بغداد يقتل الملك الشاب فيصل ورئيس حكومته نوري السعيد ثم رأيناه هو ذاته يقتل قاتلهما عبد الكريم قاسم مؤسس الجمهورية العراقية والذي كان على سدة الحكم ذات يوم من أيام يوليو1961. ثم جاء صدام حسين فقتل من قتل إلى أن قتلوه رحم الله الجميع وغفر لهم ومنطق الرأس المقطوعة كان هو مبدأ الحكم في دولة المماليك حيث لا يبايع حاكم على العرش إلا بعد أن يقدم للجمهور رأس سلفه مقطوعة فتحل البيعة ويستوي القاتل الجديد على العرش منتظرا تنفيذ نفس المنطق يوما من الأيام على يد شقيق أو صديق أو عدو متربص لأن مسرور يلازم مكانه بطلعته العملاقة وبسيفه المتعطش للدم لا يتحرك إلا بأمر.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.