فق خضم هذه الأزمة الصحية الخطيرة التي تعيشها بلادنا وتجتاح دول العالم بأسره وفي هذه الظروف الصعبة التي نمر بها بعد أن انتشر فيروس كورونا بيننا وأصبح يهدد صحتنا مما أجبر الحكومة على اتخاذ الكثير من الإجراءات الوقائية لمحاصرة العدوى وصلت إلى حد المنع من التجول وتقييد حرية المواطنين من التنقل وإعلان حالة الحجر الصحي الشامل بإلزام الجميع بالبقاء في منازلهم ومنعهم من مغادرتها إلا للضرورة التي حددها بيان رئاسة الحكومة . في ظل كل هذه الظروف الحالكة التي تقتضي المزيد من مؤازرة الحكومة وتأجيل كل الخلافات السياسية و ترحيل كل المعارك الأيديولوجية التي تعودنا على نشرها ومشاهدتها داخل قبة البرلمان وفي المنابر الحوارية الإعلامية إلى وقت آخر ووفي ظل هذه الأوقات التي تفرض على الجميع توحيد الجهود وتوجيه كل الاهتمام لمجابهة هذا الوباء القاتل الذي أطاح بالكثير من البشر شرقا وغربا وحصد الآلاف من الأرواح حيث عرفت إيطاليا لوحدها ما يزيد على 5000 حالة وفاة إلى حد الآن ، خرج " سمير ماجول " رئيس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في قناة الحوار التونسي في برنامج " تونس اليوم " ليوم الجمعة 20 مارس الجاري الذي تنشطه الإعلامية مريم بلقاضي في ظهور إعلامي غير برئ خاصة إذا وقفنا على أداء مريم بلقاضي في هذه الحصة ونوعية الأسئلة الموجهة لضيفها وتعليقاتها على كلامه التي فيها الكثير من الإشارات والإيحاءات الموجهة لعمل الحكومة بما يفيد أن هذه الحصة جاءت ضد تيار التآزر والتضامن التي نحتاجه في مثل هذه الأوقات الصعبة وهي حصة تصلح لتكون مادة تدرس في معرفة كيف يمكن للإعلام السلبي والموجه أن يلعب دورا خطيرا في الأزمات التي تمر بها الشعوب والدول. خرج سمير ماجول في قناة نسمة سويعات قليلة بعد خطاب رئيس الجمهورية الذي أعلن فيه عن حزمة جديدة من الإجراءات كان من بينها قرار إغلاق كل المناطق الصناعية الكبرى وكل المساحات والفضاءات التجارية الكبرى حفظا على سلامة العاملين بها وسلامة المواطنين الذين يرتادونها ويتعاملون معها وقال تعليقا على هذا الإجراء كلاما خطيرا ويحتاج أن نتوقف عنده حيث تحدث بلغة فيها الكثير من التحدي والاتهام للدولة ولسياساتها فذكر أن الدولة تواجه هذه الكارثة الوبائية وخزينتها مفلسة ودون موارد مالية تذكر وكل مؤسساتها العمومية في خطر بل الكثير منها مفلس ويعيش عالة على الدولة وحتى القطاع الصناعي فهو ليس بالقوة التي تسمج له بمعاضدة جهد الدولة في هذه المحنة وكذلك القطاع الصحي فهو الآخر متعب بعد أن تم تهميشه ولم يبق إلا القطاع الفلاحي الذي رغم ظروفه الصعبة فإنه الوحيد الذي بقى صامدا ويحقق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية للشعب. واليوم ومع هذه الاجراءات الجديدة التي مست النسيج الصناعي ومست الاستثمارات ومست القطاع الخاص بعد قرار غلق الكثير من الوحدات الصناعية والشركات الكبرى والفضاءات التجارية الكبرى وهي كلها قطاعات حيوية وأساسية فإن القطاع الخاص سوف يتضرر أضرارا بليغة ولن يعرف عودة إلى نشاطه المعهود إلا بعد سبعة أشهر على الأقل وهذا كلفته المالية كبيرة وكلفته الاجتماعية أكبر مما يجعل الدولة مطالبة بالوقوف معنا لضمان الإبقاء على كل مواطن الشغل بعد أن يتم تسريح الكثير من العمال ووضعهم في حالة بطالة اضطرارية و فنية ويجعل من البنوك مطالبة بتوفير السيولة المالية حتى تقدر المؤسسات الخاصة من مواصلة خلاص أجور موظفيها خلال هذا الفترة ومطالبة بتأجيل دفع الأداءات وإسداء المساهمات الاجتماعية أشهر أخرى مع تحمل الدولة تمويل الصناديق الاجتماعية حتى تواصل تقديم خدماتها الاجتماعية لمنظوريها بما يعني أن سمير ماجول يطالب الحكومة أن تتخذ إجراءات لصالح القطاع الخاص من أجل ديمومة المؤسسة والمحافظة على مواطن الشغل لموظفيها على حد قوله وهذا كله يتطلب الكثير من الأموال من دون أن يعلن ماجول عن أي اجراءات قد يتخذها اتحاد الصناعة والتجارة أو أي مشاركة من القطاع الخاص والاستثمار الخاص في مجابهة هذه الأزمة ما عدى الإعلان عن ضمان خلاص رواتب الاجراء الذين سوف يحالون على البطالة الاضطرارية ولكن بشرط ان تمنحهم البنوك السيولة اللازمة ويأجل لهم دفع الأداءات إلى أشهر أخرى. يعتبر سمير ماجول أن القطاع الوحيد الذي يخلق الثروة وينتجها هو القطاع الخاص و أن المجال الحيوي الوحيد الذي انقذ البلاد خلال العشرية الأخيرة هو الاستثمار الخاص ومع ذلك ماذا فعلت الدولة معه ؟ لا شيء فهي تحاربه وتترك من يتهم الواقفين عليه بالفساد دون محاسبة بالإضافة إلى ذلك يتم إرهاقه بمزيد من الضرائب والأداءات والأعباء الاجتماعية. وبنبرة فيها الكثير من الغضب والتهديد والتحدي يوجه ماجول اتهاماته للدولة كونها تحمي القطاع الموازي ولا تحاصره وتبقي على المؤسسات العمومية الخاسرة وتسندها ماليا في حين أن القطاع الوحيد الذي ينتج الثروة هو القطاع الخاص والدولة بهذا التصرف تكون قد اضرت بالاستثمار الخاص يقول " تركونا عرايا ومسحولنا أرزاقنا وكلاونا في قوتنا .. لم يسمحوا لنا بالاستثمار واحتكروا كل شيء واحتكار الدولة أخطر من احتكار الأفراد .. والسياسيين ما هم فاهمين شيء وزيد يعطيونا في الدروس.." بهذه النبرة الحادة اتهم ماجول من تولى إدارة شؤون البلاد بعد الثورة واعتبر أن السياسيين لا ينتجون الثروة وانشغلوا بالمعارك السياسية وبالتالي فنحن لا نحتاج اليهم . هكذا تكلم سمير ماجول ونحن نواجه أزمة صحية لم تعرف البلاد مثيلا لها في كامل تاريخها المعاصر وهكذا خاطب رئيس اتحاد الصناعة والتجارة الذي يمثل القطاع الخاص الحكومة في هذا الظرف العصيب الذي تمر به وهي تعمل بالإمكانيات المتاحة على التقليص من حدة انتشار وباء فيرس كوفيد 19 وهكذا هدد ماجول الحكومة وأعلن أن القطاع الخاص لن يساهم بأي أموال في دعم جهد الدولة بعد أن كان هو المساند الأول للحكومة في كل أزماتها المالية السابقة وهكذا أخاف ماجول الدولة من مغبة التخلي عن مد المساعدة المالية لأصحاب المال والأعمال وأصحاب المشاريع وبهذا الظهور الاعلامي نبه رئيس الصناعة والتجارة الحكومة ضمنيا بأن مواصلة القطاع الخاص في تزويد الأسواق والمواطنين بالمواد الأساسية هو رهين تدخل الدولة والحكومة باجراءات لفائدة القطاع الخاص والمؤسسة الخاصة وأصحاب المال والأعمال الذين ما فتؤوا طوال سنوات يستفيدون من الاعفاءات والتشجيعات من المال العمومي تحت غطاء التشجيع على الاستثمار والذي قدر منذ سنة 2011 إلى سنة 2019 بحوالي 42 % من مجموع القروض التي تحصلت عليها تونس من دون أن ننسى التسهيلات الكبيرة التي يلقاها أصحاب الاعمال من البنوك وخاصة أصحاب النزل الذين وقفت معهم الدولة رغم ظروفها المالية والصعبة.