من لا يشكر الناس لا يشكر الله ومن هذا المنطلق حيا عدد من أكبر الدبلوماسيين و الإعلاميين في الغرب دولة قطر على نجاح وساطتها الخيرة في توقيع معاهدة السلام ليوم 29 فيفري الماضي بين واشنطن و حركة طالبان وهو ما هنأ به حلف الناتو دولة قطر على نجاحها فيه كما هنأ البيت الأبيض قطر على نفس النجاح، وفي سجل مختلف حيت منظمة الصحة العالمية من جنيف حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى على ما سمته (الخطة الشاملة للوقاية من فيروس كورونا) و كذلك نوهت منظمة اليونسكو بجهود دولة قطر في إنجاز البدائل التعليمية بقناتين تلفزيونيتين (تعليمية 1 و تعليمية 2) من أجل استمرار العملية التربوية رغم إغلاق المؤسسات التعليمية. بالإضافة الى تاريخ طويل لدولة قطر في حل النزاعات الدولية و الأزمات الأهلية وهو ما كان ذكر به الصحفي البريطاني (ايمانوال جيري) في تحليل كانت نشرته وكالة الأنباء العالمية (رويترز) و كان بالفعل تحليلا ذكيا و منصفا للنجاحات الكبرى التي حققتها الدبلوماسية القطرية خلال السنوات الماضية مما بوأها منزلة مرموقة في العالم تتجاوز محيطها العربي و مما جعلها تتحرك في فلك دولي بفضل اسهامات دولة قطر في ايجاد حلول سريعة و مشرفة لعدد هام من المعضلات كانت تهدد السلام الاقليمي و الدولي لولا التدخل الحازم و الناجع لحضرة صاحب السمو أمير دولة قطر رعاه الله. و حين نقول أن هذه النجاحات المتميزة تعتبر فخرا للعرب جميعا فذلك من منظور موضوعي و صادق لأن العرب عانوا على مدى عقود من ظاهرة الغياب : أولا غياب عن مناطق القرار في الأزمات الدولية و ثانيا غياب عن دائرة الضوء الاعلامي في مجال العلاقات الدولية و ثالثا غياب عن مسرح التأثير في اتخاذ القرارات الأممية النافذة في المنظمات الاقليمية و الدولية ذات المردود المباشر على مصالح العرب و قضاياهم العادلة. ليس من المبالغة اذا أكدنا بأن العرب بسبب فقدان أليات التنسيق و التشاور و توحيد المواقف ظلوا مع الأسف في كثير من لحظات التاريخ الحديث جالسين على قارعة الأمم الناهضة لا ينظر اليهم الأقوياء سوى كأمة عريقة كانت و زالت و مضى مجدها و انطفأ بريقها مثل نجم رفيع مات في فضاء الكون! فالصحفي البريطاني اختار لتحليله نماذج من التدخل الدبلوماسي القطري ليؤكد بأن الدول لا يقاس توفيقها في المحافل الدولية بمساحتها و لا بحجم سكانها بل بالقراءة الحكيمة للأحداث و بنجاعة استراتيجية الوساطة الذكية و بسرعة التحرك باختزال الوقت و اختيار اللحظة المناسبة و انتقاء اللغة و المصطلحات الملائمة لكي تشعر جميع الأطراف ذات العلاقة في أزمة من الأزمات الراهنة بأن الدبلوماسية القطرية ليست خصما و لا تمارس مناورة وليست بالخصوص طرفا منتفعا من أي حل مقترح بل هي أداة مرنة لمساعدة الجميع على تجاوز عنق الزجاجة و فتح حوار مباشر مع خصم الأمس من أجل السلام الدولي. و في هذا الاطار ذكر الصحفي بملف الممرضات البلغاريات المحجوزات في ليبيا منذ عقدين ثم تم الافراج عنهن و قوله بأن دور قطر كان مراعيا للاعتبارات الانسانية لا غير. علق الصحفي قائلا بأن الوساطة القطرية تحركت في ابانها إزاء كل معضلة تعقدت حتى تجد الأزمة حلها المناسب دون أن يفقد أي من الشركاء ماء الوجه. ثم حلل الصحفي بعض تفاصيل الدور الحاسم الذي لعبته الدبلوماسية القطرية في جمع الشركاء اللبنانيين حول مائدة الوفاق في لقاء الدوحة في عز الفراغ الدستوري اللبناني بدون رئيس مما عجل بانجاز العملية السياسية و الدستورية الأكثر عسرا و حساسية وهي انتخاب الرئيس ميشال سليمان سنة 2010 ليتحمل مسؤولية رئاسة الجمهورية و يضع حدا لمناخ التوتر الطائفي و يشكل مع النخبة السياسية اللبنانية الوطنية نواة جديدة للتعامل مع أزمة الشرق الأوسط. و بالفعل تم ذلك بفضل تحرك قطري تسامى عن اشكاليات الظرف الدقيق و المتشعب ليحل الأزمة بحكمة و صبر نال بها أعز ما يتطلبه الموقف اللبناني وهو الثقة في الشقيق القطري و قبول التنازل عن الثانوي من الطلبات لاحلال الأهم و الأبقى وهو وحدة التراب اللبناني ووحدة الشعب اللبناني و العودة لمسيرة الخير و الوفاق و الأمن. لاحظ الصحفي بأن قطر هي أيضا التي سعت الى حل معضلة دارفور من منطلق السلام العربي و الافريقي وهو ما كان يحرص الاتحاد الأوروبي على اقراره كما أن مهمات صعبة أخرى تعتقد العواصم الغربية بأن دولة قطر يمكنها أفضل من سواها القيام بها و ربما في مجالات تتجاوز الشرق الأوسط. ختم الصحفي هذا التحليل بالقول بأن دولة قطر اختارت عن حكمة وروية هذا المنهج و 5نقل عن دبلوماسي فرنسي قوله بأن قطر لديها ارادة سياسية و استراتيجية للعب دور ناجع و حاسم وقد أدرك تلك الارادة الرئيس ماكرون و المستشارة ميركل لأنهما وجدا في قطر شريكة أمينة و صادقة في الدبلوماسية الوفاقية التي يؤمنان بها و وجدا لدى المسؤولين القطريين رغبة صادقة في مخاطبة الجميع بدون استثناء وهو التقاء في الشراكة الاستراتيجية بين قطر و زعيمين أوروبيين يتميزان بالخروج عن الطرق الجاهزة المعبدة لتحقيق مبادىء و قيم و فضائل ما أحوج العالم اليوم اليها في مرحلة الأعاصير و الأنواء.