لم تنتظر الآلة الإعلامية التي ابتلينا بها طويلا حتى كشرت عن حقيقة وجهها القبيح واستأنفت حربها القذرة التي شرعت فيها منذ الثورة لإسقاط كل الحكومات بعد تشويهها وإضعافها .. لم ننتظر طويلا لنرى الحملات الاعلامية المركزة التي تستهدف وزير الصحة وكل الطاقم الطبي الذي يدير اليوم الأزمة الصحية التي تسبب فيها انتشار فيروس كورونا 19 وبدأنا نسمع خطاب التخويف والتهويل والتقليل من الجهد الذي يبذله جنود السترة البيضاء وخطاب آخر للتشكيك في مقدرة الحكومة على محاصرة هذه الجائحة التي هزت العالم وهددت الكرة الأرضية وأدخلت دولا كبرى تفوقنا امكانيات على جميع الأصعدة ولكنها وجدت من يقف معها ووجدت مساندة وتضامنامن كل الجهات . لم ننتظر طويلا حتى خرج هذا الإعلام المهووس بالحقد الايديولوجي والمسكون بالصراع الحزبي والمقيد بالحسابات السياسية وشرع في استكمال معركته ضد خصمه السياسي والأيديولوجي الأزلي حتى وقفنا على برامج في القنوات الخاصة تصلح مادة تدرس في معهد الصحافة على صورة الإعلام الموجه القائم على التلاعب بالعقول وصناعة الرأي العام وتشويه الحقائق وتهويل ما لا يستحق تهويله وتحقير ما يحتاج إظهار ومكاشفة. لقد كان الأمر متوقعا ومنتظرا ولم يكن مفاجئا رغم كل الدعوات التي اطلقت منذ أن حلت هذه الحكومة ووجدت أمامها معضلة كبرى لم تتهيأ لها على أن نترك كل الحسابات السياسية والانتماءات الايديولوجية جانبا ونأجل كل المعارك إلى وقت الآخر والتفرغ إلى محاربة عدو واحد مشترك واعتبار أن وزير الصحة عبد اللطيف المكي القادم من حزب حركة النهضة هو اليوم وزير الصحة لكل التونسيين وبالتالي ضرورة الوقوف معه ومساندته في كل الجهد الذي يقوم به هو من معه من الطاقم الطبي. فما يحصل في المدة الأخيرة في بعض القنوات والإذاعات الخاصة بعيد كل البعد عن التحلي بالروح الوطنية وعن التضامن الجماعي الذي نحتاج إليهما في مثل هذه الظروف .. ما يحصل هذه الأيام في إعلامنا السمعي والمرئي خطير جدا بعد أن تحركت معه لوبيات الفساد في القطاع الصحي لبث الرعب والفوضى بعد أن قطعت وزارة الصحة الطريق عنها وحرمتها من كعكعة اقتناء التجهيزات الطبية مثل التحليل السريع واتجهت إلى اقتنائها مباشرة بفضل الدعم الذي تحصلت عليه وهو نفس الأمر الذي تعرض له الطبيب الفرنسي " ديدييه راؤول " حينما تألبتعليه المجامع الطبية في العالم وشركات ومخابر صنع الدواء العالمية بعد أن أعلن أنه يمكن من خلال تعديل بسيط في جرعة دواء الكلوروكين معالجة المصابين بفيروس كورونا 19 وقال قولته الشهيرة " لا تقلقوا و انتظروا تشويشا وتضليلا إعلاميا " و اليوم وضعنا الصحي ليس كارثيا كما يصوره هذا الاعلام المسيس مقارنة بما يحصل في دول العالم التي وصلت فيهاعدد الاصابات بالملايين وعدد الوفيات بالآلاف ( إيطاليا 10 آلافحالة وفاة وفرنسا حوالي 1992 آلاف حالة وفاة و إسبانيا 4858حالة وفاة ) وحتى جيراننا فهم أيضا ليسوا أفضل منا حالا حيث سجلت مصر 536 إصابة و 30 حالة وفاة والمغرب 358 إصابة و23 حالة وفاة و الجزائر 409 إصابة و 26 حالة وفاة فبكل المقاييس وبكل المقارنات فوضعنا أفضل بكثير لأن العبرة حسب المختصين العالميين في معرفة مدى خطورة تداعيات وباء فيروس كورونا يكون بعدد الوفيات على اعتبار أن عدد الاصابات ليست هي المحدد حتى وإن كانت بالآلاف وإنما المحدد الأول هو عدد الوفيات وتونس والحمد الله لم تعرف إلى حد الآن حالات وفياتمرتفعة ( 8 حالات ) ومع ذلك نشاهد إعلاما يشوه ويخوف ويهول ويوظف ويستغل ويتلاعب ويقول ما يريد قوله خدمة لانتماءاته السياسية ويخفي الكثير من الحقيقة الايجابية. لذلك نعود ونقول كما قال الطبيب الفرنسي " انتظروا تشويشا وتضليلا إعلاميا.