﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ﴾/(4-5) لا مجال للمقارنة في الحقيقة، ولا للقياس حتى، كما يقول علماء الأصول لكن، في ظنّي واجتهادي القاصِر، بعد التقصّي والمطالعة، ما تبادر إلى الخاطر، وهو: أنّ وجه الشّبه بينهما يَكْمُنُ في شيئين أساسيين (شكلا) أو (مضمونا)، وهما كالتاي: الأوّل: كثرة الإصابات المستجدّة، ووقوع الضحايا كأنّها أعجاز نخل هاوية، في كلّ يوم يمرّ بنا في جميع أنحاء العالم؛ فأورث ذلك بالتتبّع كَمًّا هائلا من الوفيات، ممّا أظهر للعَيان مشكلة أو مشاكل تتعلّق بالدّفن: أين؟ وكيف؟ الثاني: نَيْلُ المُتَوَفَّى بأحد الوباءين، سواء من القدامى بالطاعون، أو من المُحْدَثِين بكورونا: ثوابَ الشّهيد، ذلك الميّت الذي سقط صريعا في ساحة الوَغى. لذلك، هرعتْ (الصين) بالأمس القريب (وهو السبت 4 أبريل 2020)، إلى ضرب الحِداد وتعميمه في أنحاء البلاد، تكريما وتعظيما لشهداء كورونا. لكننا نقول: هيهات.. هيهات.. فقد صدقكِ بها عُكاشَة، قبل (خمسة عشرة قرنا) من الزمان، وإليكِ البيان: روى النّسائي في كتاب (السّنن) عن جادر بن عَتِيك رضي الله عنه أنّ رسول الله ﷺ قال: "الشَّهَادَةُ سَبْعٌ، سِوَى القَتْلِ في سَبيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: المَطْعُونُ شَهِيدٌ، والمَبْطُونُ شَهيدٌ، والغَرِيقُ شَهيدٌ، وَصَاحبُ الهَدْمِ شهيدٌ، وصَاحبُ ذَاتِ الجَنْبِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الحَرْقِ شَهيدٌ، والمَرأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ". وروى البجاري في كتابه (الجامع الصحيح) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "مَنْ مَاتَ في الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ" الحديث. ومسك الختام في هذا الموضوع بالذّات، هو ما أشار إليه سيّد الأنام عليه وآله الصلاة والسلام، فلا مُشاحَّةَ في الاصطلاح، بمعنى أنّ (الطاعون): شهادة.. و(كورونا): شهادة كذلك إن شاء الله. ولحافظ الإسلام وأمير المؤمنين في الحديث: الإمام أحمد بن حَجَر العَسْقَلاني (توفي سنة 852ه=1448م) له كتاب جليل في الموضوع، عنوانه: بذل الماعون في فضل مَنْ صبر في الطاعون حفظ الله الجميع وعافانا وإياكم... (يتبع)