(ما خص المشنوق كان ماكلة الحلوى) لقد طافت هذه القولة التونسية الحكيمة في ذاكرتي بسرعة وقوة لما سمعت بعضهم يريدون ويسعون ويهتمون في هذه الأيام العسيرة ونحن نعيش ازمة كورونا الخطيرة بالدعوة الى فتح بل خلع الأبواب المفتوحة عندما يتكلمون او يكتبون ليذكرونا بدور الثقافة في الرقي بالمجتمعات ولكانهم سياتوننا بفتح جديد ونصر عتيد قد غابا عنا منذ عهد ومنذ زمان بعيد ولكانهم يريدون ممن ينتظرون لا قدر الله حكم الاعدام ان يتمتعوا باكل الحلوى والمرطبات وغيرها من اوناع الطعام ولكانهم قد سمعوا العقلاء ينكرون دور الثقافة النافعة السليمة في الرقي وفي الارتقاء بالمجتمعات في كل سياسة عقلانية بناء حكيمة ولكن قد نسي وغفل هؤلاء كعادتهم وعوائدهم وهم اقلية والحمد لله ان هناك ظروفا تمر بها الانسانية قد تضطرها الى تحديد وضبط المصالح والمنافع من حيث التقديم والتاخير والترتيب حسب الافضلية والأولوية ومما لا شك فيه ان الخلاف المفتعل القائم اليوم في هذا الظرف الصحي الخاص (الكوروني) الأليم بين الداعين الى وجوب تقديم الحفاظ على قانون الحجر الصحي العالم اي المصلحة الصحية على ضرورة انتاج وبث المسلسلات التلفزية(ان صح واتفق الجميع على تسميتها حقا بالمسلسلات ثقافية ) وبين من يرون ان الاسراع بمواصلة اتاج هذه المسلسلات يعد ضرورة ثقافية اقول ان هذا الخلاف محسوم لدى اهل العقول المتخصصين في مجال السياسة ومجال الدين وغيرهما من العلوم اما في مجال السياسة فاقطابها يقولون (السياسي الناجح هو الذي يقدم الاهم على المهم) ففي اوقات الجوائح مثلا اذا تعارضت مصلحتان وهما تجهيز مدرسة علمية وتربوية او تجهيز مستشفى لغايات اكيدة صحية فالأولوية بلا شك تكون للمصلحة الصحية وفي مجال الطب اذا تعرض الطبيب الى وجوب التفضيل بين مصلحتين كمصلحة المحافظة على عضو او التضحية به للمحافظة على حياة المريض فالأولوية طبعا تكون للمصلحة الثانية الأولوية بلاشك وبلا جدال اما في مجال الدين فالمسالة محسومة لدى الفقهاء منذ سنين وسنين فتقديم مصلحة الحفاظ على حياة الانسان وهي كلية من الكليات الشرعية الخمس اولى من الحفاظ على غيرها من الكليات جميعا اذا وجب على الفقيه الترجيح بينها بالفتوى وبالتصريح وبالبيان ولعل هذا الأمر هو الذي جعل فقهاء وائمة هذه الايام لا يعترضون على الاقاف المؤقت للصلوات الجماعية في المساجد وفي غيرها من الأماكن العامة حتى تمر بسلام ان شاء الله بالبشرية هذه الآفة الكورونية وهذه الطامة ومما لا شك فيه ان التونسيين يمكنهم العيش مدة مهما طالت بلا مسلسلات حفاظا على حياة منتجيها ومخرجيها وممثليها اولا وبالذات ثم ان التونسيين اليوم ما شاء الله لهم في بيوتهم وسائل عديدة سمعية وبصريه للتسلية والترفيه ويكادون ان يكونوا غير محتاجين الى بث المسلسلات وتعريض القائمين عليها الى الخطر الصحي الثابت غير المشكوك فيه فليطمئن المدافعون عن الثقافة فليس هناك من العقلاء من يعتبر الثقافة البناءة من الخزعبلات ومن السخافة الم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان من الشعر لحكمة وان من البيان لسحرا)؟ ونحن نقول بعده ان من المسلسلات التربوية غير التجارية في الحالات العادية والطبيعية لفائدة حقيقية ولكن كل ذلك يجب ان يؤخر وان يؤجل اذا تعارض انتاجها مع وجوب المحافظة على الترتيبات والقوانين الصحية واخيرا رحم الله قائل تلك الحكمة التونسية التي يجهلها من ساند اليوم عن حسن نية اوعن قلة وعي وضعف في التفكيرفي هذا الظرف الصحي الخطير ضرورة مواصلة انتاج وبث مسلسل اولاد مفيدة والنوبة وما شابههما (قال له خذ مائة دينار ومت فاجابه ومن بعدي سياكلها)؟