وزير النقل يدعو للقيام بجرد حول النقاط السوداء..    وزير الخارجية يتسلم نسخة من اوراق اعتماد سفير كندا الجديد بتونس    اتحاد الشغل بصفاقس يدعو إلى تحرك جهوي    شطب سبعة عدول تنفيذ بسبب أخطاء مهنية وخرق القانون    بن عروس : حملات توعية وتحسيس واسعة لمكافحة ومنع انتشار الحشرة القرمزية ونبتة الشويكة الصفراء    عاجل/ تونس تسجل ارتفاعا في الطلب على الغاز الطبيعي والمواد البترولية    ترامب: آمل أن يتعامل بوتين بشكل جيد وأن يظهر زيلنسكي بعض المرونة    افروبسكيت 2025 : المنتخب التونسي ينهزم في الملحق التاهيلي الى الدور ربع النهائي امام الراس الاخضر 54-87    شملت معلول .. كابوس في «السي. آس.آس» بسبب الاصابات    المهرجان الصيفي بالناظور في دورته ال 24 برمجة ثرية وفرجوية    صيف وضيف: د. إيمان القسنطيني: الطبيبة الفنّانة... المتعددة المواهب    تاريخ الخيانات السياسية (51) فتنة الحلاّج    مع الشروق : يحدث في هذا الزمن العربي الرديء!    المهرجان الدولي للولي الصالح سيدي علي بن عون .. جنجون في الافتتاح وعبد اللطيف الغزي في الاختتام    عاجل: جامعة السباحة توضح حيثيات ملف تأشيرات منتخب الأواسط لبطولة العالم برومانيا    أكثر من 1100 حالة وفاة في اسبانيا إثر موجة حر استمرت 16 يوما.. #خبر_عاجل    عاجل/ هذا ما تقرّر ضد قاتل والده في القصرين    وفاة شخص ونفوق قطيع من الإبل في حادث مرور بقفصة    فُقدت منذ 3 أيام: العثور على مُسنّة سبعينية حيّة داخل بئر بهذه الجهة.. #خبر_عاجل    عمران العافي اول انتداب اولمبيك سيدي بوزيد للموسم الرياضي الجديد    وزارتا التشغيل والصحة تؤكّدان أن التكوين في الاختصاصات شبه الطبية يشترط فيه وجوبا التنظير    تونس وردت قرابة 10 بالمائة من حاجياتها من الكهرباء مباشرة من الجزائر مع موفي جوان 2025    بطولة إفريقيا لرفع الأثقال: التونسية آية حسني تظفر بثلاث ذهبيات    حرائق الغابات تجتاح مصر وتعطل الخدمات الحيوية    عاجل : تفكيك أكبر مصنع للكبتاغون في الشرق الأوسط بلبنان    أرانب ''زومبي'' بقرون سوداء تثير رعب السكان    كرة اليد: جناح جندوبة الرياضية يمضي للملعب التونسي    إيداع شاب السجن بعد تهشيم بلور حافلة في سيدي حسين    خمس روايات تونسية ضمن القائمة القصيرة لجائزة كتارا للرواية العربية 2025    عاجل : رحيل الفنانة السورية إيمان الغوري    نيويورك.. عشرات الضحايا بمرض خطير والسبب'' الكليماتيزور''    عاجل: موعد ترسيم أطفال التحضيري    Ooredoo Music Fest by OPPO يعود في نسخته الثالثة مع عرض رڤوج وتجربة غامرة فريدة من نوعها    فتح مناظرة بالملفات للتسجيل في اختصاص ثان للحصول على الشهادة الوطنية للإجازة من أحد المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية    قرطاج الدولي يفتح أبواب السينما للأطفال: عرض مجاني لفيلم La Princesse et la Grenouille    دليلك القانوني في فرنسا: كيف تحمي نفسك من الترحيل والاحتجاز؟    الرابطة الأولى: تعيينات منافسات الجولة الرابعة ذهابا    عاجل : النجم الساحلي يتعاقد مع اللاعب الدولي الليبي نور الدين القليب    حجز 542 كلغ من المواد الغذائية غير صالحة للاستهلاك بولاية تونس    خزندار: إيقاف عنصر إجرامي محل مناشير تفتيش لفائدة عدة محاكم    تونس: إيقاف مسافر حاول الاعتداء على سائق مترو    العودة المدرسية: كل التلاميذ عندهم نفس الكراسات وبنفس العدد    دخول قسم الطب الباطني الجديد بالمستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة حيّز الاستغلال    تفاصيل الاتفاق المحتمل بين المقاومة وإسرائيل    عاجل : أمريكا تلغي أكثر من 6000 تأشيرة دراسية    المولد النبوي : شوف كفاش تختار بين الزقوقو التونسي و المستورد؟    فاجعة: وفاة طفل بسبب أكلة..!    المشروبات شديدة السخونة.. "خطر خفي" يهدد صحتك    رئيسة الحكومة تحل باليابان للمشاركة في قمّة "تيكاد9"..    يهم التونسيين : هكذا سيكون طقس اليوم الثلاثاء 19 أوت    أمام 7 آلاف متفرج: الفنان اللبناني آدم يعتلي ركح قرطاج للمرة الأولى في مسيرته    صدمة علمية: مشروباتنا اليومية مليئة بالبلاستيك...تفاصيل!    تاريخ الخيانات السياسية (50).. حبس الخليفة المستكفي حتى وفاته    عاجل/ القبض على مسافر تهجّم على سائق مترو    الميزان التجاري الغذائي يسجل فائضا خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025    مهرجان قرطاج يكرّم فاضل الجزيري بعرض فيلم "ثلاثون"    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنجي الكعبي يكتب لكم: نذُر الحرب حذَر العدوى
نشر في الصريح يوم 19 - 04 - 2020

عندما أطلق الرئيس الفرنسي ماكرون إعلان الحرب في قولته الشهيرة نحن في حرب لا على جيوش ولا على دولة ولكن على فيروس، لم يفعل سوى أنه شابه الحالة بالحالة.
لأن الوباء هو عدو في ذهنه، وربما في ذهن الكثيرين من زعماء العالم المستقوين بسلاحهم النووي الرادع، المحظور على من دونهم امتلاكه، كسائر الأعداء، وربما أطلقته دولة من الدول أو جيش من الجيوش في شكل فيروس مسيّر، كالأقمار الاصطناعية للتجسس أو كالطائرات المسيرة ( الدرون ) ثم أعجزها التحكم فيه بلقاح أو دواء.
ولذلك يمكن أن يخطر بباله أن الكورونا كوفيد -19، التي انطلقت الإصابات به من الصين، أكبر دولة نووية متقدمة صناعياً واقتصادياً وجغرافياً يخشونها بعد سقوط الشيوعية في روسيا، هي الجهة الأنسب للاتهام به كوباء حربي وتحمل مسؤولياته.
فإذا تقرر هذا في ذهن الرئيس ماكرون أو ترامب أو بو جو في المملكة المتحدة، لا يبقى إلا أن نتصور أن كل قراراتهم الاستثانية التي تولوها بمناسبة هذا الفيروس لا تصب إلا في صالح الاستعداد للحرب وخوضها بالأسلحة المناسبة، منعاً للانهيار الاقتصادي المهدد لدولهم، وهو الأهم بالنسبة اليهم من كل انهيار في أية ميادين أخرى.
ولذلك خاطب ماكرون الدول الإفريقية في شخص قادتها الفرنكوفونيين، لعقد العزم وإياهم على الربح معاً في هذه المواجهة.
ومثله ترامب في مسارعته للمساعدة بآلاف ملايين الدولارات للفلسطينيين، التي كان منعها عنهم بالأمس، تخفيفاً لوطئ الفيروس على حليفته إسرائيل، أن تأتيها العدوى به من ناحيتهم. لا خشية أن يكون الله قد سلط عليها هذا العذاب في نظرهم انتقاماً لهم منها ومنه.
وربما يتطور رد الفعل بإعلان حرب على العالم على خلفية مقاومة الكورونا الضاربة أطنابها في كثير من دوله، كحربهم على الإرهاب الذي استوصفوه بالإسلامي إقحاماً لدول الإسلام لمحاربته بزعامتهم وأموال تلك الدول نفسها.
والحرب على من يُعدي يعني الحرب على الآخر في قاموسهم، باعتبارهم ليسوا المتسببين في منشإ هذا الفيروس المستجد، أي مأتاه من غيرهم.
وسائر الدول قِبْلتها الوحيدة هي المنظمة الأممية، التي يشكك كلهم تقريباً في حريتها للقيام بدورها، كما تنص عليه لوائحها ومقرراتها. ولكنهم يعرفون أن سيف الفيتو المرفوع على رأس كل قضية تعرض لمشروع قرار لفائدتهم، إلا ومآله السقوط أو الإهمال في سلة التقادم، إذا ما يتم الالتفاف عليه بصياغة توافقية لإحكام الطوق به على أصحابه بدل تحرير طاقاتهم.
وهذه الدول الصغرى ما دامت تعاني التفرقة والصرعات المريرة، من ذات أنفسها ومن الخارج، بقيت وفي كثير من الأزمات، عاجزة عن تدارك وضعها بين الأمم، رغم ما عرفه تاريخها القريب من ثورات بملايين الشهداء قطعاً لدابر الاستعمار فوق أرضها الطاهرة.
وهذه أزمة جديدة. فلا نعلم ما تخبئ الدول من استراتيجيات لها، لأن ما قبلها سيكون حتماً خلافاً لما بعدها.
ونحن أمة شابة بالمعني الديموغرافي، حباها الله بثروات نحسد عليها. فلو أحكمنا تراص صفوفنا بمناسبة هذه الأزمة، لكانت لنا فرصة خلاقة لتجنيد كافة طاقاتنا وتحويل ظرفية الحجر الصحي، أو الحذر الصحي بعده، الى ظرفية لخوض معركة الحياة والموت ولأمكننا صنع المعجزات في سبيل التقدم ببلادنا كما لم نكن نحلم سابقاً.
وتكون هذه الأوامر الحكومية والرئاسية والتشريعات النيابية المقتضاة لمدافعة هذا الوباء محل تدبر وإقبال لا موضوع قهر عليها وعناد ومواربة. والدولة محمولة على القهر من أجل الصالح العام. وهذه الأزمة عرّت عن انحرافات كبيرة سلوكية وأخلاقية لا بد من القطع معها لإصلاح ما أفسدته السياسات الثقافية والتربوية والاجتماعية لأجيال، أصبحنا نشاهد آثارها السلبية في عديد من الطبقات والفئات منذ الثورة والى أن داهمتنا هذه الأزمة بفيروسها القاتل.
وبإمكاننا أن نبدّل فقرنا بغنى وبؤسنا بنعيم وخلافنا بصلح، إذا كانت تضحياتنا بسبب هذا الفيروس أكثر من النفوس المريضة مجتمعياً منه بالنفوس المريضة جرثومياً. لأن العلاج في استساغة الدواء جزء من مفعول الدواء نفسه.
وكم مبادرات كانت محل شجب وارتياب تصبح مقبولة بطعم المصائب العامة، كوقف الاقتتال وتلاحم الشعوب وتقاسم الحظوظ. والأزمات أمهات المعجزات. وما التباعد الاجتماعي الذي نعالجه من أجل منع العدوى بهذا الفيروس، إلا فرصة كبرى للدول لتوطيد التقارب الروحي والفكري والعاطفي بين أفرادها وجماعاتها من أجل عالم أكثر إنسانية وسماحة وتعاون، بدل إعلان الحرب وتجييش النفوس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.