في حياتنا أشياء كثيرة تستحق أن نخاف منها. لا شك في ذلك. لم يقل أحد أن الحياة يجب أن تكون نزهة. ثمة ما يخيف فيها بلا شك. أحيانا ثمة مواجهات صعبة قاسية مرهقة. وأحيانا ثمة عواصف وأعاصير ومنعطفات خطرة، وأحيانا يكون الأمر أقرب إلى المطبات والعثرات، لكنه يأخذنا إلى هاوية سحيقة... وأحيانا هناك الجدب والقحط، اللا شيء. وهو صعب ومرهق أيضا. وأحيانا هناك الكثير من الشر. شر محض لا شك فيه. في حياة كهذه، نحتاج أن نعوذ به، عز وجل. نحتاج أن نلجأ إليه. مجرد أن تشعر بوجود من تلجأ إليه سيزيد قوتك في المواجهة... لكن أي صفة اختارها عز وجل، عندما قال لنا أن نعوذ به؟ قد نعتقد أن صفات القوة ستكون المناسبة في هذا السياق. أليس هذا ما يريده الخائف عادة؟ لكن لا. رب العالمين يشير إلى صفة أخرى. " رب الفلق". يقول لنا أن نلجأ إليه، رب الفلق. والفلق في اللغة هو الشق. والمعنى الأكثر انتشارا في كتب المفسرين: الفلق : الخلق. وكذلك فالق الحب والنوى: أي فلق( شق) الحب والنوى من النبات. وفالق الأصباح. أي شق الصباح من الليل. ما هي الإشارة هنا؟ إنه الرب الذي يخلق الجديد دوما. كل جديد هو شق من سلفه. كل خلية تتجدد لا بد أن تنقسم.كل نمو وتكاثر يحتاج إلى " الانقسام". الشق. الفلق. هذا جزء من جوهر الوجود المادي.من أسرار آليات البقاء. دوما هناك الجديد، كما أن مجيء الصباح أمر حتمي لا مفر منه ولا شك في حدوثه. نحن نعوذ برب الفلق، لأن هذا الفلق سلاح يقدمه لنا. هذا التجدد المستمر هو حياة جديدة يمكن أن تحل محل القديم الذي بلى وصار يجب أن يتغير، أو الذي فسد وتحول إلى مصدر للشر. الفلق فرصة جديدة للتغيير. ورب الفلق هو الخالق الذي جعل هذه وجود هذه الفرصة سنة من سنن وقوانين خلقه.