السلام عليكم .. مثلما كانت للشعب التونسي أسبقية في النضال للمطالبة ببرلمان تونسي يقرر به مصيره ويحكم به نفسه بنفسه ، ودفع من أجل ذلك دماء زكية نحتسب أصحابها من خيرة شهداء البلاد إن شاء الله ، فإنه كانت له أسبقية أخرى ، بثورته ضد الاستبداد ، في إنارة طريق الباحثين عن الحرية والكرامة في العالم العربي . ولئن نجحت الثورة التونسية نجاحا كبيرا في تركيز مؤسساتها ودستورها مقارنة بالثورات المماثلة في العالم العربي ، إلا أنها مازالت لم تترجم بعد ذلك إلى ثورة اقتصادية واجتماعية تنهض بأحوال المواطنين على الوجه المرجوّ وتحسن معيشتهم وتحقق لهم طموحهم في العيش الكريم . وقد أعلنا منذ سنوات و في عديد المناسبات أن الأولوية القصوى التي يجب أن تعمل عليها مؤسسات الدولة في كنف الوحدة الوطنية : تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب التونسي ، وقد صار ذلك أمرا لا جدال فيه و ذا أولوية قصوى اليوم خاصة بعد النظر في الآثار الآنية والمستقبلية الخطيرة لجائحة كورونا على الاقتصاد الوطني ، وهو ما يفرض على النخب التونسية الترفع عن خلافاتها الحزبية والسياسية و نبذ صراعاتها الايديولوجية والانخراط الجاد في الجهد الوطني للنهوض بأحوال المواطنين وتقليل الآثار الخطيرة للجائحة عبر تسريع المصادقة على القوانين المعطَّلة و مطالبة الحكومة بمضاعفة جهودها و الترفق بالفئات المهمشة والمناطق الداخلية ومحاربة الفساد ورقمنة الإدارة وغير ذلك من الإجراءات الفعّالة . والله المستعان