أملنا ألاّ تسود في المجلس الروح الحزبية والفئوية نتناقش مع «النّداء»، وأمنيتنا حكومة وحدة وطنية حاوره: عبد السلام لصيلع في هذا الحوار الخاصّ يتحدّث الأستاذ نورالدين البحيري القيادي في حركة «النّهضة» ورئيس كتلتها في مجلس نوّاب الشّعب عن آخر قضايا السّاعة التي تشغل بال السياسيين وعموم المواطنين وفي مقدّمتها التّحالفات داخل المجلس، والدّور الثاني ل «الرئاسية»، والحكومة الجديدة، وإمكانيّة التشارك بين «النّهضة» و«نداء تونس» في تشكيل الحكومة، ويرى البحيري ضرورة تكوين حكومة وحدة وطنيّة تكون «ممثّلة لأوسع طائفة من التونسيين تنكبّ بشكل أساسي علي خدمة تونس وعلى مواجهة تداعيات هذه المرحلة الصّعبة والخطيرة». وأكّد على ضرورة مواصلة التمسّك بخيار التّوافق والتشارك والحوار في المرحلة القادمة تفاصيل الحوار في السطور التالية: هل تؤكّد لنا أنّك أصبحت رئيس كتلة حركة «النّهضة» في مجلس نوّاب الشّعب؟ إن شاء الله، وربّي يستر. وقد اختارني إخوتي وأخواتي في الكتلة في انتخابات لهذا الموقع. وأكّد إخوتي في المكتب التنفيذي هذا الإختيار ومازال هناك إجراء أخير هو تزكية مجلس الشّورى وإن شاء الله ييسّر ربّى ما فيه الخير، وربّي يقدّرني على أن أقوم بالواجب. لأنّ هذا هو الأهمّ... هذه أمانة فوق أمانة عضوية مجلس نوّاب الشعب. وإن شاء الله ننجح في أن نقوم بدورنا تجاه بلادنا في هذه المرحلة الصّعبة من تاريخها. ما توقعاتك للتّحالفات الجديدة في مجلس نّواب الشعب؟ الحديث عن تحالفات سابق لأوانه. ولكن ما أريد التأكيد عليه هو أنّنا جرّبنا خيارين في البلاد.. جرّبنا خيار منطق الغلبة بالأغلبيّة ومنطق الاستقواء بالأغلبيّة العدديّة ولم يكن فيها أيّ شيء من روح الإقصاء وروح استبعاد الكفاءات من خارج دوائر حزبيّة معيّنة.. وجرّبنا كذلك في مرحلة ثانية خيار التّوافق والتشارك والمحافظة على الشرعية الانتخابيّة لكن بتعزيزها بشرعية أخرى وفاقيّة تشاركيّة حواريّة تحترم مختلف الآراءوتحاول أن تستفيد من كلّ الكفاءات مهما كانت انتماءاتها، أنا أقول ما دمنا قد جرّبنا هذا الخيار ونجح في الفترة السابقة وأنقذ بلادنا من كثير من الكوارث والصّعوبات فليس هناك مبرّر للتخلّي عنه. وإن شاءالله لن تسود داخل المجلس الرّوح الحزبيّة أو الرّوح الفئويّة وإنّما وعي بأنّنا كلّنا توانسة وكلّنا أبناء تونس وكلّنا منتخبون من طرف الشّعب التونسي... الذي سيسود إن شاء الله في المستقبل داخل المجلس هو الإعتراف بأنّنا موجودون بفضل الشّعب التونسي وبإرادته وثقته لنخدم التّوانسة ونبذل أقصى ما يمكن من جهد ولنقدّم لهم ما يلزم، إنّنا سنحقق لهم أولوياتهم ونحمي لهم دولتهم وتجربتهم الديمقراطية ونحفظ أمنهم ونوفّر حياتهم الكريمة ونخفّض لهم في أسعار المواد الغذائيّة التي أصبحت نارا وأكثر من نار.. ونحمي لهم حقوقهم وحريّاتهم وكلّ طموحاتهم والتونسيّين لم ينتخبونا لنتخاصم ونتعارك ونتجادل جدالا فارغا... اختارنا التّوانسة لنعمل معا اليد في اليد من أجل تونس ومن أجل مصلحتها.. إن شاء الله هذا هو الوعي الذي يسود... وإذا ساد هذا الوعي بقدرة الله فإنّ كلّ الصعوبات تزول... لأن المشكلة هي مشكلة عقليّة، والخلافات التي بيننا هي خلافات بين الأحزاب السياسيّة وبين أعضاء النوّاب حتى كأفراد هي خلافات طبيعية وبإمكان الاختلاف إذا أحببنا أن يكون رحمة بَدَل أن يكون نقمة ونحن نحبّ أن يكون الإختلاف رحمة يحترم حقّ كلّ واحد في إبداء رأيه وحقّ كلّ واحد في الدّفاع عن وجهة نظره ولكن من منظور وطني وليس من منظور حزبي وفئوي، لأنّني أعتقد جازما أن مصلحة الأحزاب في مصلحة الوطن... ومن يمسّون مصلحة الوطن لن يجنوا شيئا لفائدة أحزابهم ولا لفائدة عائلاتهم ولا حتى لشخوصهم.. هذه المعركة مهمّة جدا، وبلادنا في مرحلة فاصلة، وإن شاء الله يا ربّي يُكتبُ لهذا المجلس ولنوابه أنّه أوّل مجلس نوّاب شعب منتخب بصفة ديمقراطية، ليس بعد ثورة، بل في تاريخ تونس الحديث منذ الاستقلال إلى الآن، إن شاء الله يُكتب لهؤلاء أنّهم كانوا في مستوى الأمانة وفي مستوى المسؤولية وأنّهم لم يدّخروا جهدا للتّعاون مع بعضهم بعضا من أجل خدمة تونس. وعلى كلّ حال بالنّسبة إلينا ككتلة حركة «النّهضة» نحن حريصون على بذل كل الجهد من أجل تونس وحريصون على الاستمرار في نفس النّهج الذي سرنا فيه منذ سنوات من الثورة إلى الآن، نهج العمل المشترك والتّوافق واحترام الرّأى الآخر ونهج ألاّ يكون فوق تونس أيّ شيء آخر غير الله سبحانه وتعالى، لأنّ تونس هي التي تهمّنا.. ومستقبل تونس هو الذي يهمّنا.. ولسنا مستعدّين لأن نضيّع لا قدّر الله مستقبلها.. لسنا مستعدّين لأن نضع مستقبل تونس ومستقبل أبنائنا وأحفادنا في الميزان من أجل مكاسب حزبيّة أو شخصيّة زائلة... هذا امتحان.. ليس عندنا أيّ حقّ في الفشل.. ما علينا إلاّ أن ننجح في الإمتحان... ولا نستطيع النّجاح إلاّ عندما نكون مع بعضنا البعض إن شاء الله. ما هي توقّعاتك بالنّسبة للدور الثّاني من الانتخابات الرئاسية؟ الانتخابات الآن أصبحت بين إثنين.. التوقّعات فيها لم تعد تفيد.. وما نتمنّاه إن شاء الله هو أن تكون حملة انتخابيّة راقية تعطي صورة جيّدة عن تونس وتكون فيها لمسة الوفاء للشّهداء الذين ضحّوا من أجل هذه اللحظة التاريخية ويكون فيها تأكيد على أن الشعب التونسي الذي افتكّ الديمقراطية بدمه وجهده وبتضحيات أجيال منه يستحقّ هذه الديمقراطيّة وأن تكون النّخب السياسيّة والقيادات الحزبيّة والمترشّحين لمنصب هامّ وهو منصب رئاسة الجمهوريّة الذي هو أعلى منصب قيادي في الدّولة في مستوى كذلك الثّقة وفي مستوى انتظارات التّوانسة في هذه اللّحظة.. إن شاء الله لن يكون هناك خطاب تقسيمي للتّوانسة لأن تونس موحّدة من أقصى جنوبها إلى أقصى شمالها.. ومن أقصى شرقها إلى أقصى غربها.. ولأنّ تونس موحّدة بكلّ أبنائها، مهما كانت إنتماءاتهم ومهما كانت اختلافاتهم الحزبيّة والإيديولوجية يجب أن تكون عامل إثراء.. وكذلك الحملة الانتخابيّة يجب أن تكون عامل إثراء ولن تكون مسّا بوحدة البلاد.. وإن شاء الله يقبل التوانسة على صناديق الاقتراع بالكثافة المطلوبة لأنّهم لم يعيشوا هذه اللّحظة منذ استقلال تونس.. لم يعيشوا لحظة اختيار رئيس جمهورية بإرادة حرّة وبصناديق شفّافة بلا تزييف أو ترغيب أو ترهيب.. هذه اللّحظة إن شاء الله لن يُحرمَ منها أيّ تونسي. وعلى التّوانسة أن يتحمّلوا مسؤولياتهم وأن يحضروا بكثافة إلى صناديق الإقتراع ليختاروا من يرونه الأصلح لخدمتهم بكلّ حريّة وبلا حسابات وأن يكونوا صادقين في اختيار من يحافظ على مستقبل البلاد.. وإن شاء الله تكون كذلك انتخابات شفّافة وحرّة ونزيهة.. وإن شاء الله تنتهي بفوز لكلّ التّوانسة قبل أن يكون فوزا لشخص ليتحمّل مسؤولية رئاسة الجمهورية.. لأنّ رئاسة الجمهورية كأمانة في الحقيقة لمن يعرف الأمانة ليست فوزا، وإن شاء الله يكون هذا الشيء الحاصل تنافسا من أجل خدمة تونس وتنافسا من أجل الدّفاع عن مصالح تونس ومستقبلها. و«النّهضة» هل أصبح لها موقف نهائي الآن حول من ستدعم في الدّور الثّاني؟ «النّهضة» مازال ليس لها موقف و«النّهضة» مازالت على موقفها القديم، وستلتقي مؤسساتها إن شاء الله وستجتمع وتتحاور وتتناقش و«اللّي فيه الخير ربّي يسهّل فيه».. وخيارنا لن يكون إلاّ لمصلحة تونس.. هذا ما يجب أن يتأكّد منه التّوانسة.. و«النّهضة» ليس لها أيّة مصلحة فوق مصلحة تونس.. وليس لها أيّة غاية غير غاية خدمة البلاد وإنجاح واستكمال مسار الثّورة وتحقيق الأمن للتّوانسة وتحقيق الحياة الكريمة لهم.. وتأكّدوا أنّنا لن نختار، مهما كانت الظّروف، إلا تونس ومصلحتها. ماذا عن موضوع التّحالف بينكم وبين «نداء تونس» في مجلس نوّاب الشّعب وتشكيل الحكومة؟ نحن بصدد النّقاش.. وليس هناك شيء إلى حدّ الآن. نحن نتمنّى أن تكون هناك روح تشارك وأن تسود بيننا.. ولا تكون روح الغلبة العدديّة ونتمنى أن تتوفّر فرصة أمام التّوانسة لتكوين حكومة وحدة وطنيّة تكون ممثّلة لأوسع طائفة من التّونسيين تنكبّ بشكل أساسي على خدمة تونس وعلى مواجهة تداعيات هذه المرحلة الصّعبة والخطيرة. كيف ترى المستقبل السياسي لتونس بعد الانتخابات الرئاسية؟ مستقبل تونس إن شاء الله سيكون زاهرا وأحسن من حاضرها. تجربتنا الآن والحمد لله تتقدّم بخطوات سريعة جدّا نحو النّجاح الكبير.. تونس هي ثورة الرّبيع العربي الوحيدة الواقفة إن شاء الله على قدميها، هي وشعبها.. وكلّ آمال التّوانسة والعالم متّجهة الى هذا الخيار.. وإن شاء الله يكون مستقبلنا أفضل من ماضينا.. وإن شاء الله نقدر على تحقيق الأمن للتّوانسة وعلى مواجهة الإرهاب واستئصاله.. وعلى توفير الخبز الكريم لهم وعلى تخفيض الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين. وإن شاء الله نقدر على تجاوز ما خلّفته عشرات السنين من التهميش والتمييز بين التوانسة ونعطي لكلّ الجهات حقوقها.. وإن شاء الله نقدر كذلك على مواصلة تحقيق الديمقراطية وفرض احترام الحريّات وبناء مؤسسات الدّولة الديمقراطية الحديثة.